اليونسكو تدرس إدراج الدبكة والملحون والمنقوشة بلائحة التراث الحي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

تدرس منظمة اليونسكو خلال هذا الأسبوع إدراج عشرات التقاليد الجديدة على لائحتها للتراث الحي غير المادي، بينها عناصر وتقاليد من فلسطين والمغرب ولبنان وأذربيجان وإيران وأوزبكستان وتركيا وغيرها.

وتعقد اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعات دورتها الـ18 منذ أمس الاثنين في كاساني شمال بوتسوانا. ويفترض أن تدرس بين اليوم الثلاثاء والجمعة المقبل 55 عنصراً جديداً يندرج ضمن التقاليد المجتمعية، على ما أوضحت اليونسكو.

الدبكة الفلسطينية

وقالت مصادر مطلعة على مشاورات اللجنة الدولية التابع لليونسكو -للجزيرة نت- إن الدبكة الفلسطينية والفنون والحرف المصاحبة لها هي أحد التقاليد التي يتوقع إضافتها للائحة التراث الحي.

وتعتبر الدبكة موروثا يلازم الفلسطينيين في أفراحهم، ويحرصون على توريثه من جيل إلى آخر خوفا عليه من الضياع وحفاظا على هويتهم من الاندثار.

والدبكة رقصة فولكلورية شعبية منتشرة في فلسطين وبلاد الشام، وتمارس غالبا في المهرجانات والاحتفالات والأعراس، وتتكون فرقة الدبكة من مجموعة تزيد عادة على 10 أشخاص يدعون “دبيكة”، وعازف اليرغول أو الشبابة والطبل.

وتتضمن تقاليدها ثياب وأدوات ومعدات تقليدية خاصة، وهي معروفة في فلسطين ولبنان وسوريا والأردن وتركيا والعراق، وكذلك شمال السعودية، حيث يتميز أداء المشاركين فيها بالتناغم.

وتشعل الدبكة الفلسطينية حماس الجمهور، وتكرس معاني الشهامة والفروسية والإيثار والتسامح.

ويحمل تشابك الأيدي وترديد هتافات متصاعدة دلالات على القوة والتماسك والتكاتف وسد الفراغ في تعبير رمزي عن صد محاولات التفرقة كافة بين أبناء الوطن الواحد.

وستصبح الدبكة العنصر الثالث لدولة فلسطين -العضو بمنظمة اليونسكو- بقائمة التراث الحي غير المادي إلى جانب الحكاية (السرد القصصي الشعبي) والتطريز اللذين تم إدراجهما من قبل، إضافة لملفات مشتركة مع بلدان عربية أخرى هي النخلة والخط العربي.

وندد سفير فلسطين لدى اليونسكو منير أنسطاس بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وخاصةً في قطاع الثقافة، وما تم تدميره من مراكز ثقافية ومتاحف ومكتبات، وأكد أنسطاس أنه “برغم استهداف الاحتلال الشعب الفلسطيني الأعزل، ومحاولة طمس كل ما يرتبط به من قيم وآثار وثقافة وهوية لمحو الذاكرة الفلسطينية، فإننا مستمرون في إبراز الثقافة الفلسطينية على الصعيد الدولي وإظهار غنى الشعب الفلسطيني وإبداعاته”.

الملحون المغربي

وأكد مصدران مختلفان للجزيرة نت أن فن “الملحون” المغربي يتوقع إضافته لقائمة تقاليد التراث الحي غير المادي كذلك.

وفن الملحون نوع من أنواع الزجل المنظوم باللهجة المغربية العامية نشأ في سجلماسة وتافيلالت تحديدًا، ثم تطور في مراكش وفاس ومكناس وسلا، ويعتبر فنًّا شعريا وإنشاديا وغنائيا متميزًا في المغرب.

ويعد فن “الملحون” أحد أنواع الموسيقى التي تميّز المغرب، فهو رافد أساسي للذاكرة الفنية المغربية منذ قرون.

وله إيقاعات خاصة ومواويل تعبر عن مشاعر تتخذ من اللهجة المغربية أداتها ومن مضامين اللغة الفصحى -شعرها ونثرها- مادتها، وظهر لأول مرة في العهد الموحدي خلال القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي.

ويرجع الدارسون -وفق كتاب “معلمة المغرب”- ظهور البواكير الأولى من الشعر الملحون بالمغرب إلى العهد الموحدي في القرن الـ12 ميلادي، وذلك من خلال بعض ما نظمه شعراء مغاربة كابن غرلة والسلطان عبد المؤمن الموحدي وأخته رميلة وابن خبازة وابن حسون وآخرين في العهد المريني.

وفي عصر الدولة السعدية في القرن الـ16، شهد الملحون تطورا على مستوى الأوزان والبحور والأغراض، ليبلغ نهضته في العصر العلوي، وخاصة في عهد السلطان محمد الثالث.

المنقوشة اللبنانية

وأشارت المصادر إلى أن المنقوشة اللبنانية يتوقع إضافتها أيضا إلى القائمة كطعام شعبي مميز، ويتميز بتقاليد مصاحبة مثل قراءة المسلمين الفاتحة وتلاوة المسيحيين الصلوات ورسم الصليب قبل تناولها في التجمعات الاجتماعية التقليدية الصباحية.

وتعتبر المناقيش اللبنانية من المعجنات الشهية التي يتم تقديمها على الإفطار، وتتميز بتنوع مكوناتها وسرعة تحضيرها، بدأ إعدادها بالزعتر، وبمرور الوقت طورها المطبخ اللبناني من خلال تحضير أنواع أخرى تحشى حسب الرغبة بالدجاج أو اللحم أو الجبن.

من بين العناصر الأخرى المتوقع إضافتها للقائمة نفخ الزجاج الأوروبي، وطبق سيفيتشه البيروفي المؤلف من سمك نيئ متبل بالحامض الذي تشكّل “دلالاته المرتبطة بتحضير الأطعمة واستهلاكها تعبيراً عن المطبخ التقليدي” في البيرو، وفق اليونسكو.

وستدرس اللجنة كذلك، إدراج “الشعر الغنائي” في إيطاليا الذي “يعزز التماسك الجماعي والذاكرة الاجتماعية والثقافية”.

وتسعى ساحل العاج، من جانبها، إلى إدراج “معارفها التقليدية في نسج المآزر”، في حين ترغب بنغلادش في إدراج “رسومها على الريكشا”، وهي عربات صغيرة بـ3 عجلات يُنظَر إلى الرسوم الظاهرة عليها على أنها “شكل ديناميكي من أشكال الفن الشعبي المُدُني”، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.

الزيتون وإفطار رمضان

وتسعى تركيا لإدراج تقاليد زراعة وقطف وحصاد ومعالجة أشجار وثمار الزيتون البري إلى القائمة، وتتضمن تلك التقاليد طقوس ومهرجانات وممارسات اجتماعية تحدد بداية ونهاية موسم الحصاد.

وتريد كل من أذربيجان وإيران وأوزبكستان وتركيا إدراج “تقاليدها” الخاصة بالإفطار الذي يعقب الصيام لدى المسلمين، في حين ترى كوبا والمكسيك في “المشاعر والشعر في الأغاني” المُعتمدة فيها موسيقى البوليرو “عنصراً أساسيا في الأغاني العاطفية لأميركا اللاتينية”، وفق اليونسكو.

وأكثر من ثلثي العناصر الـ55 الجديدة تابعة لبلدان الجنوب، وهو أمر لم يأت مصادفة -بحسب اليونسكو- لأن لائحة التراث الثقافي غير المادي تبرز “تمثيلاً جغرافياً متجانسا” لمختلف القارات، وفق إرنستو أوتون مساعد المديرة العامة لليونسكو لشؤون الثقافة.

وتعرّف اليونسكو التراث الثقافي غير المادي -أو التراث الحي- بـ”التقاليد والتعبيرات الحية الموروثة من أسلافنا”، وتشمل “التقاليد الشفوية وفنون الأداء والممارسات الاجتماعية والطقوس والمناسبات الاحتفالية”.

وعن قائمة التراث الحي التابعة لليونسكو، قال إرنستو أوتون، إنه في البداية، كان هناك تردد مبدئي من بعض الدول التي كانت تخشى أن تسعى دول أخرى إلى نسبة التقاليد المشتركة لنفسها.

ولكن بعد مرور عقدين من الزمن، وقعت 181 دولة على الاتفاقية، وتقدمت العديد من البلدان الموقعة بطلبات مشتركة بشأن التقاليد التي تتقاسمها، مثل اتفاق 16 دولة ناطقة باللغة العربية معًا لإدراج “الخط العربي” في عام 2021.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *