مع تزايد الضربات الإسرائيلية على كامل قطاع غزة، لا يجد المدنيون الفلسطينيون “خيارات” للفرار من هذه الغارات، وفق تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
واستأنفت إسرائيل ضرباتها الجوية وحملتها العسكرية البرية، الجمعة، بعد الهدنة المؤقتة التي جرى التوسط لها في الدوحة وأسفرت عن وقف القتال لمدة 7 أيام.
وشن الجيش الإسرائيلي، الأحد، ضربات في شمال وجنوب قطاع غزة، أصابت مناطق مكتظة بالسكان، بحسب الصحيفة.
وتقول إسرائيل إن عناصر حماس “يختبئون في تلك المناطق”، فيما تضغط على المدنيين في مساحات أصغر من الأراضي، مع تضاؤل الخيارات أمام مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يبحثون عن ملجأ آمن.
وكانت الخسائر أكبر في الشمال الذي تضرر بشدة بالفعل، حيث وقعت غارات جديدة على مخيم جباليا للاجئين، الأحد، بينما كان السكان لا يزالون يعانون من وابل القصف في اليوم السابق، وفقا لتقارير إخبارية محلية.
إسرائيل تدفع سكان غزة صوب أقصى الجنوب.. هل يبدأ “التهجير” إلى سيناء؟
دعا الجيش الإسرائيلي، الأحد، سكان عدة أحياء في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، إلى التوجه إلى مناطق أخرى أقصى جنوبي القطاع في مدينة رفح الحدودية مع مصر، ولك في ظل مخاوف وتحذيرات قائمة من محاولة تهجير الفلسطينيين في القطاع نحو مصر.
وفي الوقت ذاته، أشارت إسرائيل إلى توسيع العمليات البرية، بتحذيرات جديدة بالإخلاء في المركز الجنوبي لمدينة خان يونس، حيث صدرت تعليمات للفلسطينيين الذين نزحوا بالفعل من الشمال، بالتحرك.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي، الأحد: “يواصل الجيش الإسرائيلي ويوسع عمليته البرية ضد وجود حماس في كل جزء من قطاع غزة”.
وفي وقت سابق، قال قائد الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، لجنود الاحتياط في فرقة غزة، إن الحرب ضد حماس “تتجه نحو الجنوب”، وإن القتال سيكون بنفس الشراسة التي كانت عليها في الشمال.
وأضاف: “تماما كما فعلنا ذلك بقوة ودقة في شمال قطاع غزة، فإننا نفعل ذلك الآن أيضا في جنوب قطاع غزة”.
“قتلنا مرتين”
لكن وكالات الإغاثة والفلسطينيين النازحين، يقولون إن مواقع الضربات المتفرقة والرسائل المتضاربة من إسرائيل حول المكان الذي يجب أن يذهبوا إليه، أثارت الذعر والارتباك، ولم تترك للعائلات طريقا واضحا للوصول إلى الأمان، وسط قصف مكثف وأزمة إنسانية وخيمة، طبقا للصحيفة.
وقال عماد، وهو مدرس يبلغ من العمر 56 عاما، رفض الكشف عن اسمه الأخير بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة: “لقد قُتلنا مرتين”.
وأضاف: “تضررنا بشدة بسبب القصف والدمار، ومرة أخرى بسبب الظروف المعيشية القاسية والخوف والرعب”.
وأوضح أن عائلته الكبيرة، التي تقيم في ملجأ بوسط خان يونس، نزحت بالفعل 4 مرات، موضحا: “طلبوا منا أن نتحرك جنوبا، فانتقلنا. والآن ليس هناك أبعد من ذلك.. أين سنذهب؟”.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن 1.8 مليون نسمة – 80 بالمئة من السكان – أصبحوا الآن بالفعل نازحين داخل القطاع بسبب الحرب.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر، بعد هجوم شنته حماس داخل إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، أدى الى مقتل نحو 1200 شخص معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل بـ “القضاء على حماس”، وشنت قصفا مكثفا على قطاع غزة وبدأت بعمليات برية اعتبارا من 27 أكتوبر.
وقُتل في قطاع غزة أكثر من 15 ألف شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، مع إصابة أكثر من 41 ألف شخص، وفقا للسلطات الصحية في القطاع.
وكانت هدنة مؤقتة دامت 7 أيام بين 24 نوفمبر والأول من ديسمبر، أتاحت تبادل العشرات من رهائن اختطفتهم حماس بسجناء فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل، ودخول شاحنات مساعدات إنسانية من مصر إلى القطاع المدمر.
“مشهد مرعب”
والأحد، شدد البيت الأبيض على أنه ينبغي على إسرائيل أن “تبذل جهودا” للحد من الخسائر في صفوف المدنيين في غزة منذ استئناف القتال بعد الهدنة، فيما تتزايد دعوات المجتمع الدولي من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين.
وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، جون كيربي، لقناة “إيه بي سي” التلفزيونية: “نعتقد أنهم (الإسرائيليين) تقبلوا رسائلنا المتعلقة بمحاولة تقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى الحد الأدنى”.
من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، الأحد، إن إسرائيل “تعرب عن أسفها لحجم الخسائر في أرواح المدنيين”، لكنها “تحمّل حماس المسؤولية” عنها.
“خوف وارتباك”.. نظام “البلوكات” الإسرائيلي يحوّل غزة لمتاهة ويعمق معاناة سكانها
حذّر عمال وموظفي إغاثة من أن نظام الشبكة (البلوكات) الإسرائيلي الجديد بشأن تحذيرات الإخلاء المستهدفة في جنوب قطاع غزة يخاطر بتحويل الحياة في القطاع إلى “لعبة بوارج” مروعة، في إشارة إلى المخاطر الجسيمة التي قد تلحق بالمدنيين، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وفي حي الشجاعية، قال مسؤولون فلسطينيون إن السكان وعمال الإنقاذ ما زالوا يعملون على انتشال الضحايا من الغارات التي وقعت، السبت، وأسفرت عن مقتل وإصابة المئات.
وقالت إسرائيل إنها قتلت القائد العسكري المحلي لحركة حماس، وسام فرحات، خلال ذلك الهجوم، وأشارت، الأحد، إلى أنها ستواصل عملياتها هناك.
وقال محمد، وهو أحد السكان البالغ من العمر 43 عاما، والذي طلب حجب اسمه الأخير لأسباب أمنية، إن “عمته وعائلتها كانوا من بين العشرات الذين يخشى أن يكونوا لقوا حتفهم في الشجاعية”.
ويتذكر أنه سمع دوي انفجارات شديدة لدرجة أن منزله “اهتز بعنف”، بحسب حديثه لصحيفة “واشنطن بوست”.
وقال محمد إنه بعد الغارات، “هرع للمساعدة” ورأى أن المنزل المكون من 3 طوابق الذي كان لعمته، ولجأ إليه حوالي 40 شخصا، كان تحت الأنقاض بالكامل”.
وأضاف أن عشرات المنازل الأخرى دمرت، مما أثار مخاوف بشأن وجود قتلى أو جرحى ما زالوا تحت الأنقاض.
وتابع: “كان المشهد مخيفا ومرعبا”.