تتواصل في العاصمة القطرية الدوحة مباحثات تمديد الهدنة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وسط تفاؤل قطري، وفي حين أبدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) استعدادها لصفقة تبادل شاملة، أكد مسؤول إسرائيلي انفتاح تل أبيب على التفاوض بشأن الجنود المحتجزين بعد الإفراج عن الأطفال والنساء.
ونقل موقع بلومبيرغ عن مصدر مطلع قوله إن المفاوضين -بمن فيهم قطر والولايات المتحدة- ضغطوا لتمديد الهدنة في قطاع غزة يومين إضافيين أو أكثر.
وذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن اجتماعا أمنيا إسرائيليا ينعقد الليلة لمناقشة احتمال تمديد الهدنة المؤقتة ليومين.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، مساء الأربعاء، إن حركة حماس اقترحت صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع إسرائيل تتضمن 4 مراحل تبدأ بإطلاق سراح الأسرى المسنين من غزة وصولا للجنود، مقابل تمديد الهدنة الإنسانية وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وأوضحت الهيئة أن الاتفاق الجديد يشمل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المسنين في قطاع غزة، وفي المرحلة الثانية إطلاق سراح الرجال، ثم إطلاق سراح المجندات، بينما في المرحلة الأخيرة إطلاق سراح الجنود.
ويشمل الاتفاق -وفق ذات المصدر- إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين بغزة في كل يوم هدنة جديدة، وإطلاق سراح إسرائيل الأسرى الفلسطينيين لديها الذين أدانتهم بتنفيذ عمليات أسفرت عن مقتل إسرائيليين.
لكن الهيئة نقلت عن مسؤول سياسي إسرائيلي -لم تسمه- أن تل أبيب ردت بأن على حماس أولا إطلاق سراح 21 امرأة و4 أطفال لا يزالون محتجزين لديها، قبل بحث الاتفاق الجديد.
وبحسب الهيئة، تنفي حماس أن يكون لديها المزيد من النساء بعد الدفعة السادسة التي أطلقتها الليلة وضمت 5 أطفال و7 نساء.
بدوره، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق أن الحركة أطلقت سراح محتجزتين روسيتين، تقديرا لمواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي مقابلة مع الجزيرة، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس غازي حمد إن الحركة تطالب بضمانات إضافية للهدنة الحالية، في ظل استمرار خرق قوات الاحتلال لها.
وأكد غازي حمد أن الحركة على استعداد لعقد صفقة تبادل شاملة للأسرى تضم العسكريين، إذا كانت لدى الاحتلال نية جادة لذلك.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- مقتل 3 من أسرى الاحتلال لديها بفعل قصف إسرائيلي سابق على قطاع غزة.
في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي إن 161 إسرائيليا لا يزالون محتجزين في غزة، وإن إسرائيل ملتزمة بعودتهم جميعا إلى منازلهم.
هدنة مطولة
سياسيا، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إنه يَجري العمل على تعزيز دور الوساطة القطرية في الوصول إلى هدنة مطولة في قطاع غزة، يليها وقف لإطلاق النار.
وشدد الأنصاري -في مؤتمر صحفي- على ضرورة ضمان دخول المساعدات بشكل دائم، وألا يترك ذلك لمساومات سياسية.
كما أكد الأنصاري -في تصريحات لشبكة “سي إن إن” الأميركية- أن المفاوضات بشأن الهدنة مستمرة وتسير في بيئة إيجابية، وأن قطر متفائلة بشأن تمديد الهدنة خلال الساعات المقبلة.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه سيعمل خلال زيارته لإسرائيل الأيام المقبلة على تمديد وقف إطلاق النار المؤقت للسماح بالإفراج عن مزيد من المحتجزين الإسرائيليين وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
ونقلت شبكة “سي إن إن” الأميركية عن مصدر مطلع قوله إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وليام بيرنز شارك في مناقشات بالدوحة بشأن توسيع صفقة التبادل لتشمل الرجال والجنود.
وأضاف المصدر أن المفاوضين بالدوحة يعتقدون وجود مزيد من الأسرى من النساء والأطفال لدى حماس، بما يتيح تمديد الهدنة يومين آخرين.
وذكرت الشبكة أن مسؤولين من الدوحة والقاهرة وواشنطن وتل أبيب اتفقوا بشأن العمل على تمديد الهدنة لإخراج مزيد من الأسرى.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” -عن مسؤول أميركي ومصدر مطلع- أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية يجري مباحثات بشأن جوانب أخرى من الصراع في غزة.
ثلاثة سياقات
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي ماجد أبو دياك للجزيرة نت إن المفاوضات التي تُجرى في الدوحة بحضور مدير “سي آي إيه” وليام بيرنز، ورئيس الموساد الإسرائيلي دافيد برنياع، بالإضافة إلى رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، تجري في إطار 3 سياقات.
وأوضح أبو دياك أن السياق الأول هو استكمال الهدن الإنسانية للإفراج عن مجموعة أخرى من فئة النساء والقصر. والمعلومات عن هذه حتى الآن تقول إنها تقارب 40 من الموجودين عند المقاومة الفلسطينية مقابل الإفراج عن 120 أسيرا فلسطينيا أيضاً من الفئة نفسها.
أما السياق الثاني -بحسب المحلل السياسي- فيتعلق بفئات أخرى، ومنهم كبار السن، وجثث جنود إسرائيليين.
وأخيرا، فإن السياق الثالث فهو عقد صفقة شاملة تضم كل الجنود الإسرائيليين الذين تمكنت المقاومة الفلسطينية من أسرهم.
ويلفت أبو دياك إلى أن عملية التفاوض بشأن هؤلاء ستكون أكثر صعوبة وتعقيدا، لأن حماس ربطت الإفراج عنهم بتبييض السجون الإسرائيلية، التي كان فيها قبل السابع من أكتوبر نحو 6 آلاف أسير فلسطيني، أضيف إليهم أكثر من 3 آلاف فلسطيني بعد عملية طوفان الأقصى.
ويختم أبو دياك بالإشارة إلى أن هناك مطالب أخرى ستطلبها حركة حماس مقابل الإفراج عن هؤلاء، ومنها الانسحاب الإسرائيلي إلى ما كانت عليه قوات الاحتلال قبل السابع من أكتوبر، وفك الحصار عن قطاع غزة.
ويوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بدأت هدنة إنسانية -بوساطة قطرية مصرية أميركية- بين حماس وإسرائيل تستمر 4 أيام، ثم تم تمديدها ليومين إضافيين، وتتضمن تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية إلى كافة مناطق قطاع غزة، حيث يعيش نحو 2.2 مليون فلسطيني.
ومنذ يوم الجمعة الماضي، وعلى مدار 6 أيام تسلمت إسرائيل أكثر من 70 محتجزا من النساء والأطفال مقابل الإفراج عن 210 فلسطينيين من الأسرى النساء والأطفال أيضا في سجون الاحتلال الإسرائيلي بموجب صفقة التبادل.