نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا أشاد فيه كاتبه بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن رغبته في إعادة إحياء حكومة فلسطينية تجمع قطاع غزة والضفة الغربية تحت “هيكل إداري موحد”.
ووصف كاتب المقال -وهو الصحفي الفلسطيني داود كتاب- الإعلان بأنه “هدف نبيل” يستحق أن يُكافأ عليه الرئيس الأميركي. لكنه مع ذلك لم يُخف ارتيابه، ملتمسا العذر للفلسطينيين في تساؤلهم عما إذا كان بايدن جادا حقا وهو يطلق ذلك التصريح.
فإذا كان جادا بالفعل، فهناك خطوة واحدة يمكنه اتخاذها الآن لتحقيق رغبته تلك، وهي الاعتراف بفلسطين دولة عضوا في منظمة الأمم المتحدة.
وأعاد الكاتب -الذي عمل في السابق أستاذا لمادة الصحافة بجامعة برينستون الأميركية- إلى الأذهان أن الجمعية العامة للأمم المتحدة منحت في عام 2012 صفة دولة مراقبة غير عضو لفلسطين. وقد اعترفت 139 بدولة بفلسطين كدولة داخل حدود 4 يونيو/حزيران 1967.
وأضاف أن الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية دعوا مرارا وتكرارا إلى تبني حل الدولتين، إلا أنهم رفضوا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بل إن إدارة بايدن رفضت الاعتراف بوضعية فلسطين باعتبارها دولة تحت الاحتلال.
إن الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية سيكون له -في نظر كاتب المقال- آثار إيجابية عديدة، وسيُظهر أن بايدن جاد حقا في هدفه المعلن القائم على حل الدولتين.
ومن شأن ذلك أن يقوض مواقف “المتطرفين” في كلا الجانبين، فالفلسطينيون منهم يرفضون الاعتراف بإسرائيل، في حين المتشددون الإسرائيليون من أقصى اليمين “يريدون ضم جميع الأراضي الفلسطينية غرب نهر الأردن”.
ويعتقد كتاب أن الفلسطينيين بحاجة ماسة إلى هيكل سياسي يعاد إحياؤه كما يقول الرئيس بايدن، وهو هيكل من المفترض أن يستند إلى إرادة الشعب الفلسطيني تتجلى في انتخابات حرة. غير أن إجراء مثل هذه الانتخابات -وفق مقال واشنطن بوست- يكاد يكون مستحيلا ما لم يتأكد الناخبون أنها تقربهم من الانعتاق من ربقة الاحتلال والعنف الذي لا نهاية له.
وبالتوازي مع اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية، فإن على بايدن والقادة الفلسطينيين الحاليين الإقرار بالأخطاء التي ارتكبوها في ما يتعلق بإجراء انتخابات تفضي إلى اختيار قيادة فلسطينية جديدة “للتفاوض مع إسرائيل”، على حد قول الصحفي الفلسطيني، الذي انتقد الرئيس محمود عباس لتردده “خوفا من المنافسة” من جيل جديد من الشخصيات “الأصغر سنا والأكثر شعبية مثل القيادي المعتقل مروان البرغوثي”.
إن من شأن اعتراف بايدن بفلسطين -إذا ما تحقق- أن يمنح الفلسطينيين الأمل في التحرر، ويعزز وقف إطلاق النار من خلال رسم خارطة طريق سياسية واضحة، طبقا للمقال.
ثم إن مثل هذا الاعتراف -كما يعتقد كاتب المقال- من شأنه أن يساعد بايدن محليا على استعادة مصداقيته وسط الشباب الأميركي، والتقدميين، والأميركيين العرب والمسلمين في الحزب الديمقراطي، الذين يشعرون بخيبة أمل شديدة بسبب سياسته تجاه إسرائيل.
ويخلص الكاتب إلى ضرورة التخلي عن الحلول “المجزأة” المجربة في أي محاولة جادة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، معتبرا أن هذا هو المسار الوحيد لإيجاد مخرج ناجع من الأزمة الحالية، وهي “فرصة لا ينبغي تفويتها”.