أثار إخفاق بلغاريا في التأهل إلى كأس أوروبا لكرة القدم (يورو 2024) -ضمن سلسلة غياب “رابع مونديال 1994” عن البطولات الكبرى لنحو عقدين- احتجاجات ومطالبات جماهيرية بتغيير جذري للاتحاد المحلي نجحت في إجبار رئيس الاتحاد المحلي بوريسلاف ميخايلوف على الاستقالة اليوم الاثنين.
وتجمّع نحو 4 آلاف مشجّع خارج ملعب مباراة بلغاريا والمجر في تصفيات كأس أوروبا، يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهتفوا “استقالة”، في إشارة إلى بوريسلاف ميخايلوف نجم المنتخب السابق الذي يرأس الاتحاد منذ 18 سنة.
ومن ثم، استخدمت الشرطة مدافع المياه والهراوات لتفريق الحشود الغاضبة، مما تسبب في مواجهات عنيفة لاحقة وخلف عشرات الإصابات من الطرفين.
وفي السياق، قال شافدار تانيف (72 عاما) -مشجّع نادي سسكا صوفيا- إن “الفترة التي قضاها ميخايلوف رئيسا لاتحاد كرة القدم تركت الاتحاد في حالة خراب”.
أما القشة التي قصمت ظهير البعير، فكانت طلب الاتحاد البلغاري من الاتحاد الأوروبي (يويفا) إقامة مباراة المنتخب البلقاني وراء أبواب موصدة، في محاولة لمنع المشجعين من الاحتجاج على ميخايلوف، وهو طلب وافق عليه الاتحاد القاري.
من ناحيته، أوضح المشجع ميخائيل رايتشيف (36 عاما) أن “التراجع تحت قيادة ميخايلوف واضح للغاية، نحن نخجل من حالة هذه الرياضة. لقد طردوا الجماهير من الملاعب”.
وفي حين تساقطت الاتهامات عليه من كل حدب وصوب، حتى من رئيس الوزراء نيكولاي دنكوف، تشبث ميخايلوف (60 عاما) بمنصبه رافضا أن يكون “كبش فداء” للعنف، واتهم من يقف وراء العنف “بالمحرّضين المأجورين”، قبل أن يرضخ أخيرا لمطالبات رحيله ويستقيل من منصبه.
من جيل الأبطال
يُعدّ ميخايلوف (قائد وحارس المنتخب السابق) من جيل اعتُبر سابقا بمنزلة أبطال وطنيين، إذ نجح ذلك الجيل في قيادة بلغاريا إلى المركز الرابع في كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة.
وكانت كأس أوروبا 2004 آخر بطولة كبرى تشارك فيها بلغاريا قبل فترة انحدارها.
بعد انتخابه رئيسا للاتحاد عام 2005، اعتبره المشجعون “وجه التغيير”، وذلك إثر خروج سلفه من فضيحة فساد دولية، حسب ما يقول الصحفي الرياضي ستانيل يوتوف.
ويوضح يوتوف “اعتبرنا آنذاك أن الأمور سيئة، لكن لم تكن لدينا فكرة عن مدى السوء الذي يمكن أن تؤول إليه”.
خيّم على فترات حكم ميخايلوف مزاعم تلاعب بنتائج المباريات ومراهنات غير مشروعة، بينها تحقيق للاتحاد الدولي للعبة حول مباراة دولية ودية ضد إستونيا عام 2011، والكشف عن إساءة استخدام أموال الدولة.
وكان ميخايلوف استقال بعد فضيحة هتافات عنصرية في تصفيات كأس أوروبا الأخيرة ضد إنجلترا أكتوبر/تشرين الأول 2019، لكنه عدل عن قراره لاحقا وفاز بولاية خامسة.
“أسس خاطئة”
يشخص يوتوف أسباب أزمة بلاده قائلا “أسس كرة القدم لدينا ليست صحيحة على الإطلاق”، إذ تولى الإشراف على المنتخب الأول 15 مدربا منذ تسلم ميخايلوف مهامه، وأخفق في التأهل إلى أي بطولة كبرى.
ألقى يوتوف باللوم على نقص الاستثمار بالبنية التحتية، والفساد، وإهمال المدارس الكروية وقطاع الناشئين وإحجام الفرق المحترفة عن تعزيز المواهب المحلية لحساب التعاقد مع كثير من اللاعبين الأجانب.
واقترح تنظيم مؤتمر كروي وطني يضع إستراتيجية لانتشال الرياضة من الركود.
من جهته، كتب بيتار غانيف من “معهد اقتصاد السوق” في مقال رأي نشر مؤخرا “تحتاج كرة القدم البلغارية إلى علاج بالصدمات”.
وأضاف “في الاقتصاد، يُستخدم هذا المصطلح عندما يكون التغيير المفاجئ لمكونات الحكم المتعدّدة مطلوبا من خلال حزمة من السياسات والتدابير الجريئة”.
وتابع غانيف أنه يجب أن يشمل الإصلاح استثمار الدولة في الملاعب، طريقة جديدة للإدارة الجماعية لحقوق النقل التلفزيوني وشفافية أفضل لملكية الأندية.
وكان السياسيون يطالبون في السابق رجال الأعمال بدعم الأندية المتعثرة ماديا.
ويلخص الموقف المشجع المسنّ تانيف بمرارة قائلا: “حال كرة القدم (في بلغاريا) كحال البلاد”، في إشارة إلى الأوضاع السيئة.