ظلال الناس بقيت محفورة في الصخور بعد انفجار قنبلة هيروشيما.. لماذا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

خلال الحرب العالمية الثانية، وعندما ألقت الولايات المتحدة الأميركية القنبلة الذرية الأولى في العالم فوق مدينة هيروشيما اليابانية يوم 6 أغسطس/ آب من عام 1945، كان أحد السكان يجلس على الدرج خارج بنك “سوميتومو” الياباني. لكن بعد ثوان توفي الرجل أو تبخر، ولكنه خلّف ظلا بشكله وهيئته فوق الحجر الذي كان يجلس فوقه.

لم يكن هذا هو الظل الوحيد وإن كان الأشهر، فقد تم العثور على عدد لا يحصى من الظلال السوداء لبشر وأشياء مثل الدرّاجات متناثرة عبر الأرصفة والمباني في مدينتي هيروشيما وناغازاكي عقب الانفجار الذري فوق كل مدينة في 6 و9 أغسطس/آب من عام 1945. ولكن ما سر هذه الظلال وكيف تكونت، وهل لا تزال موجودة حتى الآن؟

سر الظلال

وفقا لموقع لايف ساينس العلمي، فقد كانت الحرارة الناتجة عن انفجار القنبلتين النوويتين شديدا للغاية، لدرجة أنها أدت إلى تبييض كل شيء في منطقة الانفجار، تاركة ظلالا نووية مخيفة من المخلفات البشرية حيث كان المواطنون موجودون في يوم من الأيام.

وتعد هذه الظلال بمثابة تذكير مروع بمئات الآلاف من البشر الذين فقدوا حياتهم في هذا العمل غير المسبوق، حيث حُرق الضحايا في الضوء المغلي للقنبلة الذرية مخلفين ظلا كان بمثابة بقايا مرعبة للحظاتهم الأخيرة.

زُودت الأسلحة الذرية المستخدمة في هجمات عام 1945 باليورانيوم 235 والبلوتونيوم 239، مما أدى إلى إطلاق كمية هائلة من الحرارة وإشعاعات غاما ذات الموجات القصيرة جدا.

وإشعاع غاما الصادر عن انفجار القنابل الذرية انتقل كطاقة حرارية يمكن أن تصل إلى 5538 درجة مئوية. وعندما تصطدم هذه الطاقة الكبيرة بجسم ما، مثل درّاجة أو شخص يمتص هذا الجسم الطاقة مما يؤدي إلى حماية الأشياء الموجودة في الخلف أو في الظل، بينما تُبيّض الحرارة كل شيء حول هذا الظل.

ورجوعا إلى الظل الأشهر خارج بنك سوميتومو الذي كان يبعد نحو 280 مترا فقط من مكان مركز الانفجار بمدينة هيروشيما، فإنه يُعتقد أن الشخص توفي على الفور. وفي تفسير الظل يقول الدكتور مايكل هارتشورن الأمين الفخري للمتحف الوطني للعلوم والتاريخ النووي في ألبوكيركي بولاية نيو مكسيكو الأميركية: إن السبب يرجع إلى الضوء الشديد والحرارة المنبعثة من القنبلة.

ويقول في موقع ميرور البريطاني إنه “عندما تنفجر القنبلة ينتشر الضوء الشديد والحرارة، وتقوم الأشياء والأشخاص الموجودون في طريقها بحماية الأشياء الموجودة خلفهم عن طريق امتصاص الضوء والطاقة”.

وهذا يعني أن الأرض في الظل لم تكن بيضاء مثل المنطقة المحيطة بها، فقد أدى الظل إلى الحفاظ على اللون الأصلي للمكان، في حين أدى الضوء المحيط إلى تبييض الخرسانة والحجر حول “الظل”.

وبمعنى آخر، تلك الظلال المخيفة هي في الواقع الشكل الذي كان يبدو عليه الرصيف أو المبنى قبل الانفجار النووي. وكل ما في الأمر هو أن بقية الأسطح بُيّضت، مما يجعل المنطقة الملونة بانتظام تبدو وكأنها ظل داكن. ويقدم الفيديو التالي توضيحا للأمر:

متحف هيروشيما

من المحتمل أنه كان هناك العديد من الظلال في البداية، ولكن معظم الظلال دُمرت بسبب موجات الانفجار والحرارة اللاحقة. أما الظلال المتبقية فاستمرت ما بين سنوات إلى عشرات السنين قبل أن تتآكل في النهاية بسبب الأمطار والرياح.

لذا، أزيلت العديد من الظلال النووية وحفظت في متحف هيروشيما التذكاري للسلام حتى تتمكن الأجيال القادمة من التمعن والتفكير في هذه الأحداث. أما بالنسبة لظل الشخص الجالس على درجات السلم أمام البنك فقد استمر في مكانه لأكثر من 20 عاما قبل إزالته ونقله إلى متحف هيروشيما.

وقد كتب على الصورة المحفوظة في المتحف هذا النص: “كانت هذه الدرجات الحجرية عند مدخل فرع هيروشيما لبنك سوميتومو، وتعرض للانفجار الذري من مسافة قريبة، ويعتقد أن الشخص الذي كان يجلس على الدرجات في انتظار فتح البنك قد مات على الفور مع عدم وجود إمكانية للهروب. وقد حولت الحرارة الشديدة للقنبلة الذرية درجات السلم إلى اللون الأبيض، وظل الحجر الموجود أسفل الشخص الجالس داكنا مثل الظل”.

(Original Caption) Washington: Local citizens walk past "death shadows" painted on the sidewalk August 6th. Peace activists around the country painted similar silhouettes to mark the 40th anniversary of the atomic bombing of Hiroshima. The "shadows" represent those left behind by victims who were vaporized by the 1945 Hiroshima blast.

استسلام اليابان

ووفقا للجمعية النووية العالمية، كان الانفجار الصادر عن قنبلة “ذا ليتل بوي” التي ضربت مدينة هيروشيما يعادل انفجار 16 ألف طن من مادة تي إن تي، مما أدى إلى إرسال نبضة من الطاقة الحرارية عبر المدينة قتلت ما يقرب من ربع سكان هيروشيما على الفور، ومات ربع آخر بسبب آثار التسمم الإشعاعي والسرطان في الأشهر التالية.

وبعد ثلاثة أيام فقط من الانفجار الأول، فجرت الولايات المتحدة قنبلة ذرية ثانية أطلق عليها اسم “ذا فات مان” فوق مدينة ناغازاكي. ونتج عن هذه القنبلة 239 انفجارا بقوة 21 ألف طن أدت إلى أنماط مماثلة لما وقع في هيروشيما من الدمار والموت في جميع أنحاء المدينة بما في ذلك تلك الظلال المخيفة التي كانت تقول إن ثمة حياة كانت هنا ذات يوم.

وأدى ذلك إلى إعلان الإمبراطور هيروهيتو استسلام اليابان في 15 أغسطس/آب من عام 1945. وكانت الولايات المتحدة قد استهدفت المدينتين اليابانيتين خلال الحرب لأهميتهما العسكرية. ومع مرور الوقت أثارت العواقب طويلة المدى للإشعاع الذي تطلقه القنابل الذرية تساؤلات كثيرة بشأن استخدامها.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *