افتتح اليوم الجمعة معرض “بيروت العربي الدولي للكتاب” في دورته الـ65 بمشاركة أكثر من 100 دار نشر لبنانية.
ويتولى النادي الثقافي العربي هذه السنة وحده، من دون “نقابة اتحاد الناشرين”، تنظيم المعرض -الذي يستمر إلى الثالث من ديسمبر/كانون الأول المقبل- عند واجهة بيروت البحرية.
ويضم الحدث نحو 120 عارضا من دور نشر ومكتبات، إلا أن أجنحته تفتقد بعض الأسماء المحلية المهمة في مجال النشر، في حين غابت معظم دور النشر العربية عن الفعالية الثقافية.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، في كلمة له خلال الافتتاح، إن المعرض يمثل خير تجسيد المقاومة الثقافية لكل الإرهاب الذي يمثله العدو الإسرائيلي، وإن الكلمة كانت وستبقى الرد الأقوى والأنبل على كل الحمم التي يطلقها ضد جنوبنا الباسل حاصدا البشر والحجر.
كلمة رئيس الحكومة #نجيب_ميقاتي في افتتاح معرض بيروت العربي الدولي للكتاب
أيها الحفل الكريم
قد يستغرب البعض، في خضم الحرب المستمرة منذ شهرين في غزة وجنوب #لبنان، أن نكون هنا لنحتفل بافتتاح “معرض بيروت العربي الدولي للكتاب”.
لكن الرد على هذا الاستغراب يأتي بديهيا وتلقائيا، فالمعرض… pic.twitter.com/ovu86817XL— رئاسة مجلس الوزراء 🇱🇧 (@grandserail) November 23, 2023
وأضاف ميقاتي “إذا كانت أزمنةُ الرخاء التي عاشها اللبنانيون في حقبات من عمر الوطن قد وحدت بينهم، وجمعتْهم حول دولتهم، فمن باب أولى أن توحدهم المخاطر كالتي نمر بها اليوم، بحيث تصير كل دعوة إلى التباعد نزَقا في غير محله واستسلاما غير مبرر أمام الصعوبات”.
من جانبه، لفت المسؤول الإعلامي في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الدكتور أكرم حمدان، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية، إلى أن الإصرار على إقامة المعرض في دورته الحالية هو تأكيد على دور بيروت كعاصمة للثقافة والمعرفة، وعلى التحدي للعدوان الإسرائيلي في قطاع غزة وجنوبي لبنان.
حضور فلسطيني
ويحضر الشأن الفلسطيني بقوة في المعرض من خلال مبادرات تضامنية أو من خلال الإصدارات، متحديا “الظرف العصيب” الذي يشهده لبنان أمنيا واقتصاديا.
ولاحظت رئيسة النادي الثقافي العربي سلوى السنيورة بعاصيري، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن “الظروف القاسية في لبنان والمنطقة هي التي تحول دون مشاركة دور نشر عربية”، مؤكدة أن غيابها “ليس من باب عدم التقدير” لـ”عميد معارض الكتب في العالم العربي” الذي ينظمه النادي منذ عام 1956.
ويخيم منذ صباح الجمعة هدوء في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان منذ بدء سريان هدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة لمدة 4 أيام.
ورأت بعاصيري أن “إقامة المعرض في هذا الظرف العصيب تؤكد دور الريادة الفكرية للبنان والإشعاع الثقافي للعاصمة”، مشيرة إلى أن “تنظيمه اليوم ليس مغامرة في غير أوانها ولا تغريدة خارج هموم الناس وأولوياتهم، بل هو نوع من أنواع النضال”.
وأغنى المنظمون البرنامج بإقامة سلسلة ندوات ومعارض فنية، وقالت بعاصيري إن “ما يميّز هذه الدورة عدد الإصدارات الحديثة التي تضعها دور النشر في متناول القراء”، ولا يُكتفى بتواقيع مؤلفيها، “بل تعالَج أيضا بندوات عنها”.
وتقام أيضا ندوات أخرى على هامش المعرض تتمحور حول مواضيع الساعة مثل “استقلالية القضاء” و”النهوض الاقتصادي للبنان”.
وفي ظل استمرار حرب إسرائيل على قطاع غزة، والتوترات في المناطق الحدودية جنوبي لبنان، خصص المعرض عند مدخله جناحا زينت جدرانه بصورة المسجد الأقصى وبالأعلام الفلسطينية.
ويدوّن الزوّار على لوح أبيض كلمات داعمة للفلسطينيين، ومنهم رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي كتب خلال افتتاحه المعرض “قالت تريد كلمة من القلب لفلسطين وكأنها لا تعلم أن فلسطين في قلبي”.
كانت فلسطين القضية الأم وستبقى
فلسطين نحبك…💛💛💛#معرض_بيروت_العربي_الدولي_للكتاب #لبنان pic.twitter.com/V3MjejRsxz— Chadi Mansour (@chadiman) November 23, 2023
وفي إطار الإعلان، أبرزت دور النشر المشاركة إصداراتها المتعلقة بالمسألة الفلسطينية، وتناول عدد منها الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التي استشهدت يوم 11 مايو/أيار 2022 خلال تغطيتها اقتحام إسرائيلي في الضفة الغربية.
ومن الكتب الصادرة عنها “استشهاد شيرين أبو عاقلة” عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وقد قال مسؤول قسم التوزيع في المؤسسة زياد معروف إن الأكثر مبيعا بين إصداراتها في هذه المرحلة “التطهير العرقي في فلسطين” للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابه. وتبرز مؤلفات حديثة منها “غزاوي.. سردية الشقاء والأمل” لجمال زقوت.
كذلك صدر عن دار “النهار” كتاب لهيثم زعيتر بعنوان “الشاهدة والشهيدة” عن شيرين أبو عاقلة.
كتب جديدة
وقالت المسؤولة في الدار كارلا زيادة لوكالة الصحافة الفرنسية إن “أكثر من 20 كتابا تصدر سنويا عن الدار”، ومن أبرزها في المعرض “لحظة القومية العربية” للوزير اللبناني السابق شارل رزق.
وفي كتاب بعنوان “العرب في قطار النظام العالمي.. خرائط مهددة أم عولمة متجددة؟” الصادر عن دار رياض الريس، تناول الكاتب والصحافي اللبناني منير الربيع “التقسيم والتجزئة” في المنطقة العربية، والخروج من اتفاق سايكس بيكو الفرنسي البريطاني الذي رسم حدودها خلال الحرب العالمية الأولى “إلى اتفاقيات جديدة”.
وكانت دار رياض الريس تصدر 40 كتابا سنويا، بحسب المسؤولة عنها فاطمة الريس التي أشارت إلى أن العدد “تراجع تقريبا إلى النصف”، وأضافت “التراجع يشمل كل المجالات لكن المهم أن نستمر”.
وأعادت الدار طبع كتاب “محمود درويش.. الغريب يقع على نفسه” لعبده وازن، وهو قراءة في أعمال الشاعر الفلسطيني الأخيرة ومقابلة طويلة معه.
أما دار نلسن فتركز إصداراتها على الذاكرة الثقافية، ومنها “منح خوري يتذكر لبنان وفلسطين والمهجر”، و”تعا ولا تجي.. مائة عام على ولادة عاصي الرحباني” لعبيدو باشا، وكتاب لإيمان عبد الله عن “مطعم فيصل” الذي طبع ذاكرة البيروتيين.
ويحتفي المعرض ببيروت “عاصمة الإعلام العربي”، ويحفل بالمئويات ومنها ذكرى مرور قرن على صدور كتاب “النبي” للكاتب والمفكر اللبناني جبران خليل جبران، وعلى ولادة الراحلين الموسيقار اللبناني عاصي الرحباني، والشاعر السوري نزار قباني. وقدم الممثل المسرحي اللبناني رفعت طربيه قراءات في شعر قباني، وقال إنه ذُهل لدى تعمقه في شعره “بإحساسه وصدق مشاعره، وهو عشق بيروت لأن فيها حرية”.
ويكرم المعرض شخصيات كان لها دور وبصمات في مسيرة الفكر اللبناني والعربي، ويقام خلاله معرض لأغلفة كتب لأنيس منصور ونجيب محفوظ وخيري شلبي، رسمها الفنان المصري التشكيلي حلمي التوني، وجمعها اللبناني عبودي أبو جودة.
ولئن ذكّرت بعاصيري بأن عدد الزوار العام الفائت كان كبيرا جدا وكذلك حجم المبيعات، فإنها أعبرت عن أمنيتها بأن يكون الوضع مماثلا هذه السنة “وخصوصا أن ثمة إصدارات حديثة”.