“اليوم الأعنف” منذ اندلاع الاشتباكات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، هكذا وصف المراقبون يوم الخميس، وهو اليوم السابع والأربعين لاندلاع المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، والذي شهد التصعيد الأكبر والأوسع، والقصف الأعنف المسجل للطرفين حتى الآن.
وبات هذا التقدير يتبدل يوميا، حيث تسير المواجهات العنيفة والقصف المتبادل بوتيرة تصاعدية بين اليوم والتالي منذ أن أطلق حزب الله، المدعوم من إيران، هجماته على مواقع عسكرية إسرائيلية، في الثامن من أكتوبر، في سياق ما وصفه “مساندة” لحليفته حركة حماس في غزة، بعد هجومها المفاجئ وغير المسبوق على إسرائيل، في السابع من أكتوبر الماضي، والذي أدى إلى اندلاع الحرب.
وسجل حزب الله رقما غير مسبوق في عدد الهجمات التي أعلن عنها في سلسلة بيانات على مدى يوم الخميس، نقلتها الوكالة الأنباء الرسمية اللبنانية، بلغ 22 عملية عسكرية، استهدفت مجموعة مواقع وثكنات عسكرية وتجمعات لجنود الجيش الإسرائيلي قرب الحدود مع لبنان.
أتى ذلك على وقع مقتل ثمانية من عناصر التنظيم خلال يومين بنيران إسرائيلية، اثنان منهم أعلن حزب الله مقتلهم الخميس، و6 آخرين قتلوا، الأربعاء، بينهم نجل النائب اللبناني ورئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، الذي استهدفه قصف إسرائيلي في منزل في بلدة بيت ياحون جنوب لبنان، مع 4 آخرين، قيل إنهم من “قوات النخبة”.
وفي أكبر عملية قصف صاروخي نحو الداخل الإسرائيلي منذ بدء الهجمات، أعلن حزب الله في بيان إطلاق 48 صاروخ كاتيوشا على قاعدة عين زيتيم العسكرية قرب مدينة صفد الشمالية، حيث مقر لواء المشاة الثالث التابع للفرقة 91 في الجيش الإسرائيلي، متحدثا عن “إصابات مباشرة”.
وبحسب وكالة الانباء اللبنانية، قال حزب الله في بياناته أنه قصف مواقع: المالكية، جل العلام، رويسات العلم، راميا، السماقة، المطلة، جبل الطيارة، بركة ريشا، موقع خربة ماعر ومرابضه المدفعية، الراهب، تل شعر.
كذلك ذكر حزب الله مهاجمة نقاط تجمع وتموضعات لجنود إسرائيليين على الحدود في مناطق عدة بينها: موقع تلّة الخزّان قرب ثكنة يفتاح، موقعي حدب البستان وبركة ريشا، بلدة سعسع، حرج راميم، موقع المرج، موقع الضهيرة، جل العلام، بالإضافة إلى استهداف جديد لثكنة زرعيت الإسرائيلية بصاروخ من نوع “بركان”، الذي يحمل كمية كبيرة من المتفجرات يصل وزنها إلى نصف طن.
كما تحدث عن استهداف دبابة ميركافا في موقع الراهب بصواريخ موجهة مضادة للدروع، تلاه استهداف قوة مشاة حضرت إلى المكان في الموقع ذاته، مؤكدا “سقوط عدد من العناصر بين قتيل وجريح”.
وأعلن التنظيم عن قصف بصواريخ موجهة خاصة، استهدف منزلا دخل إليه أربعة جنود من قوة إسرائيلية في بلدة المنارة الحدودية، مؤكدا بحسب بيانه “مقتلهم جميعا وتدمير المنزل”.
ولم يصدر تعليق رسمي من الجانب الإسرائيلي يؤكد ما أعلنه حزب الله فيما يخص مقتل أيّ من جنوده، فيما أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أنه تم الكشف عن حوالي 35 عملية إطلاق (صواريخ) من الأراضي اللبنانية، اجتازت الحدود باتجاه الأراضي الإسرائيلية، متحدثا عن اعتراض مقاتلات جوية عدة عمليات إطلاق.
ومنذ ساعات الصباح، بحسب هاغاري، “رصدت عدة صواريخ مضادة للدبابات وقذائف الهاون على مناطق عدة على طول الحدود”، التي تمتد بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني لنحو 120 كلم.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن طائرات حربية ومروحيات تابعة للجيش الإسرائيلي، هاجمت “بنى تحتية إرهابية ومواقع إطلاق صواريخ تابعة لمنظمة حزب الله في الأراضي اللبنانية”، وذلك ردا على عمليات إطلاق باتجاه أراضي دولة إسرائيل في وقت سابق، الخميس.
كذلك هاجمت قوات الجيش الإسرائيلي، بحسب المتحدث، بنية تحتية عسكرية لحزب الله في الأراضي اللبنانية باستخدام وسائل الحرب “اللدغة الفولاذية”، وهو عبارة عن قاذف هاون عالي الدقة يستخدم نظام “GPS” والتوجيه بالليزر، أدخله الجيش الإسرائيلي للاستخدام حديثا، بهدف ضرب منصات اطلاق الصواريخ في غزة ولبنان.
وأضاف هاغاري أن طائرة هليكوبتر قتالية وطائرة مسيرة ومجموعة من الدبابات هاجمت المجموعة التي أطلقت صاروخًا مضادًا للدبابات باتجاه منطقة بيرنيت وموقع الإطلاق الذي أطلقت منه النار.
كذلك هاجمت طائرة إسرائيلية مجموعة أخرى، كانت تطلق صواريخ مضادة للدبابات في منطقة زرعيت، تبعها قصف مدفعي.
ولفت هاغاري إلى اعتراض مقاتلات جوية إسرائيلية لصاروخ أرض جو أطلق من الأراضي اللبنانية ليلاً على طائرة تابعة للجيش الإسرائيلي. وردا على الإطلاق، هاجمت طائرات الجيش الإسرائيلي منصة الإطلاق التي أطلق منها الصاروخ إضافة إلى مستودع أسلحة.
بدورها أفادت الوكالة الرسمية اللبنانية للأنباء على مدى يوم الخميس عن قصف إسرائيلي على أكثر من 60 موقعا وبلدة في الجنوب اللبناني، في ارتفاع ملحوظ بحجم الاستهداف الإسرائيلي، طال كافة قطاعات الجنوب اللبناني، الغربي والأوسط والشرقي.
وأفادت الوكالة مقتل شخص وسقوط أربعة جرحى داخل منزل في بلدة عيتا الشعب، استهدفته القوات الإسرائيلية، حيث نقلوا إلى مستشفيات المنطقة.
ونقلت الوكالة عن أهالي بلدة عين ابل جنوب لبنان، أن صواريخ من القبة الحديدية الإسرائيلية سقطت في البلدة ما أدى إلى تضرر بعض المنازل والمحال التجارية، دون وقوع إصابات، فيما أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن هذه الصواريخ مصدرها حزب الله.
وأضاف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر صفحته على منصة “إكس“، أن الأنظمة العملياتية للجيش الإسرائيلي أثبتت أن عددا كبيرا من صواريخ حزب الله سقطت داخل القوى اللبنانية الجنوبية، ما أسفر عن خسائر مادية في قرى رميش وعين أبل ويارون”.
وتابع أن أكثر من 20 قذيفة صاروخية فشلت وسقطت داخل الأراضي اللبنانية، نافياً أن يكون مصدرها القبة الحديدية.
وأسفر التصعيد في جنوب لبنان عن مقتل 109 أشخاص معظمهم مقاتلون في صفوف حزب الله و14 مدنيا على الأقل بينهم ثلاثة صحفيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس. وأفادت السلطات الإسرائيلية عن مقتل تسعة أشخاص بينهم ثلاثة مدنيين.
وقالت الوكالة اللبنانية إن حركة النزوح من الجنوب اللبناني في ازدياد يومي، حسب إحصاءات وحدة الكوارث، وإن هذا النزوح للسكان وازدياده يضع وحدة الكوارث أمام تحدي تأمين الاحتياجات الضرورية مع ضعف الإمكانيات.
وكانت إسرائيل بدورها قد أخلت عددا كبيرا من البلدات والمناطق المأهولة القريبة من الحدود اللبنانية من المدنيين، حيث يقتصر التواجد فيها على القوات العسكرية، وذلك بتوجيهات من وزارة الدفاع الإسرائيلية عقب اندلاع الاشتباكات بعيد أحداث السابع من أكتوبر.
ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت ستشمل الهدنة التي جرى الاتفاق عليها بين حماس وإسرائيل في غزة، الحدود اللبنانية مع حزب الله، حيث تزداد المخاوف الدولية والمحلية من احتمال انزلاق الأعمال العسكرية، المقتصرة على المناطق الحدودية، إلى حرب شاملة بين الطرفين.