ومع بلوغه 81 عاما، تبدو الكثير من التحديات أمام حملة بايدن الانتخابية، التي باتت مُطالبة بتجهيز الكثير من الردود بشأن اعتقاد الناخبين بأن لياقته البدنية والعقلية قد تراجعت.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يبلغ فيها رئيس في منصبه عامه الـ 81، كما بات ذلك حدثا استثنائيا كون بايدن أعلن عزمه الترشح لولاية ثانية، وهو في حال نجاحه بالاحتفاظ بمنصبه سيغادر البيت الأبيض بعمر الـ 86 عاما.
وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة، تفوق المرشح الجمهوري دونالد ترامب على بايدن، إذ أظهر استطلاع “إن بي سي”، أن ترامب حقق تقدما بنسبة 46 بالمئة، مقابل 44 بالمئة للرئيس الحالي، مع تفوق لافت للنظر بين الناخبين الشباب.
ويرى مراقبون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “سنّ بايدن الكبير” يمثل أحد أكبر المعُضلات التي تواجه حملته الانتخابية في الوقت الراهن، بالنظر إلى تركيز الجمهوريين على توجيه الانتقادات فيما يخص حالة الرئيس الصحية والعقلية في مرحلة ما بعد الثمانين، وتصويره على أنه لا يستطيع القيام بمهامه الرئاسية.
كيف تتعامل حملة بايدن مع هذه المسألة؟
- وفق شبكة “سي إن إن”، يعترف المسؤولون في البيت الأبيض وحملة جو بايدن “سرا” بوجود مشكلة تتعلق بعمر مرشحهم الديمقراطي، ويعملون على حد سواء لإزالة الأخطاء المحتملة، حيث تم وصف أجهزة تقويم العظام المخصصة لبايدن للمساعدة في تحسين قدميه هذا العام، بعد أن أظهر فحصه البدني السنوي أنه يعاني من مشكلة بقدمه.
- في الأشهر الأخيرة، عندما يسافر بايدن على متن طائرة الرئاسة، بدأ يستخدم مجموعة أصغر وأقصر من السلالم بشكل متكرر للصعود والنزول من الطائرة، تفاديا لعثراته المتكررة خلال الأشهر الماضية، والتي يجري التركيز عليها من قبل معارضيه.
- مع ذلك، فإن القضية المتعلقة بـ”العمر” باتت موضع تركيز أكثر وضوحا يوما بعد الآخر، حيث تشير استطلاعات الرأي الأخيرة، إلى أنها مشكلة مزمنة لدى الناخبين الأميركيين، كما تطرحها المعارضة كلما سنحت لهم الفرصة.
- يقول مستشارو بايدن إن هناك معايير مزدوجة في التغطية الإعلامية على عمر بايدن أكثر من ترامب، إذ أن المرشح الجمهوري الذي تجاوز 77 عاما، وحال نجاحه سيكون في عمر الـ 80 أيضا، وبالتالي يُصرون على ضرورة أن يركز الناخبين على قضايا أخرى، وأن العمر لن يكون عاملا حاسما في نوفمبر 2024.
- في حفل جمع التبرعات للجنة الوطنية الديمقراطية في سبتمبر الماضي، ضغط أحد المانحين على نائب مدير حملة بايدن، كوينتين فولكس، بشأن أحد الموضوعات التي نوقشت كثيرا في الدوائر الحزبية، وهو “عمر الرئيس”، حسبما أفادت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية.
- وقتها قال فولكس: “لا يمكنك تغيير عمر الرئيس”، ونصح المانحين بالتركيز على إنجازات الرئيس التاريخية.
- بحسب “بوليتيكو”، فقد كشفت المقابلات مع عشرات المتبرعين لحملة بايدن والاستراتيجيين الديمقراطيين ومسؤولي الحزب، عن مخاوف عميقة من أن نهج الحملة تجاه عمر الرئيس الراهن لا يكفي لتهدئة مخاوف الناخبين حيال ذلك.
- كبير موظفي البيت الأبيض السابق رون كلاين، والذي عمل مع بايدن في أول عامين من ولايته قال: “أعتقد أن الجميع يعرف أنها مشكلة، وعلينا معالجتها، ومن المهم التأكيد على أن عمره هذا يمنحه المزيد من الحكمة والخبرة”.
- بالنظر لاستطلاعات الرأي، قال 70 بالمائة من الناخبين المحتملين في ست ولايات حاسمة إن بايدن “أكبر من أن يكون رئيسا فعالا” لأربع سنوات أخرى، وفقا لاستطلاع نيويورك تايمز-سيينا كوليدج الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر.
- لم يتغير هذا تقريبا عن أبريل، عندما وجد استطلاع أجرته رويترز-إبسوس أن 73 في المائة من البالغين يعتقدون أن بايدن أكبر من أن يكون في منصبه.
أزمة الديمقراطيين
اعتبر عضو الحزب الديمقراطي الأميركي والمحلل السياسي، مهدي عفيفي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن عمر بايدن “مسألة تؤرق كل الديقراطيين، وتؤثر على شعبيته وإمكانية فوزه بالانتخابات المقبلة”.
وقال عفيفي إن قضية سن الرئيس بايدن “ليست بالأمر الهين، بل تؤثر بشكل كبير في كافة الاستطلاعات، كما أن الكثيرين يتساءلون عن أسباب تمسك الحزب الديمقراطي به كمرشح في انتخابات 2024، رغم وجود الكثير من الخبرات داخل الولايات المتحدة بصفة عامة، مع العديد من الإشارات إلى أن بايدن لم يعد يستطيع الاستمرار بهذا الشكل”.
وأضاف: “لو تمسك بايدن وقيادات الحزب على ترشيحه، ستكون هناك مشكلة كبيرة في الانتخابات المقبلة خاصة مع وجود ترامب”.
لكن ليست قضية عمر بايدن هي الوحيدة التي تؤثر على شعبيته، إذ أشار عضو الحزب الديمقراطي إلى أن تعامله مع الحرب الراهنة بين إسرائيل وحماس، تسبب في انخفاض أسهمه لدى الشباب بالولايات المتحدة.
وهذا ما ذكرته صحيفة “نيويورك بوست”، التي قالت إنه “يبدو أن ما يغذي اتجاه انخفاض نسب تأييد بايدن في استطلاعات الرأي هو رد الفعل العنيف على تعامله مع الحرب بين إسرائيل وحماس، وهي القضية التي أدت إلى انقسام الحزب الديمقراطي”.
تداعيات في الواقع
الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، قال في تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “عمر بايدن بات من العناصر الأساسية في الحملة الرئاسية للجمهوريين للإيقاع بالرئيس الحالي وتقليل حظوظ الديمقراطيين في الاستمرار بالبيت الأبيض في انتخابات نوفمبر 2024”.
وأوضح سمير أن عمر بايدن له العديد من التأثيرات على مجموعة من المسارات، حددها في عدد من النقاط:
– هناك تركيز من المعارضة على تصوير بايدن باعتباره رئيسا ضعيفا، ما يُقلل من صورة الولايات المتحدة باعتبارها الدولة الأقوى في العالم، لذلك فمشاهد الرئيس الذي يتعثر في خطواته وسقوطه أكثر من مرة سواء على سلم الطائرة أو ببعض الاحتفالات، يضعف من الصورة النمطية عن الدولة الأميركية، وفق حديثهم.
– البعض يقول إن الرئيس بايدن لا يستطيع القيام بمهامه الرئاسية، بالنظر إلى عدد جولاته الخارجية المحدودة مقارنة بأي رئيس قد يكون أصغر منه، كما أنه في بعض المهام يترك الأمر لنائبته كامالا هاريس، والتي ينظر إليها البعض باعتبارها “ذات تأثير سياسي أقل”.
– هناك قناعة متزايدة لدى الأميركيين بأن صحة بايدن لا تؤهله للحكم 4 سنوات جديدة، ويعتقدون أن عثراته واختلاط بعض الأمور عليه “لا يليق بصورة الولايات المتحدة”، بجانب التشكيك من الكثيرين بما في ذلك ترامب في عدم لياقته من الناحية الصحية أو العقلية على اتخاذ قرارات صحيحة فيما يتعلق بحماية المصالح الأميركية.
وأضاف الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أن “صحة بايدن تمثل مادة دسمة للغاية للرئيس السابق ترامب في انتقاد الديمقراطيين، وهي إحدى الأوراق في اللعبة الانتخابية، وتقلق الكثير من الديمقراطيين”.
لكنه مع ذلك شدد على أن الأغلبية في الحزب الديمقراطي بأجنحته المختلفة وخاصة القيادات الكبرى لا تزال تؤيد بايدن، بيد أن هذا التأييد على المستوى الوطني ربما يتبلور في الربع الأول من العام المقبل، لأنه حتى الآن لا يوجد تفكير جاد لتغيير المرشح عن الحزب الديمقراطي للانتخابات.