كيف تبرر إسرائيل استهداف المنشآت المدنية بغزة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- تعمد إسرائيل إلى التحايل على القانون الدولي الإنساني لتبرير قصفها واستهدافها للمنشآت المدنية والمستشفيات خلال الحرب التي تشنها على قطاع غزة.

وتفعل ذلك عبر استعراض أدلة غير مثبتة تدعي من خلالها ضبط أسلحة ووسائل قتالية بهذه المؤسسات التي تحولت إلى ثكنات عسكرية للمقاومة الفلسطينية، بحسب مزاعم الجيش الإسرائيلي.

وفي ظل قصف سلاح الجو والمدفعية الإسرائيلية المنشآت المدنية في غزة، تقول المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إنها تقوم بذلك بموجب ما يجيزه القانون الدولي الإنساني.

وتستغل المصطلحات والتفسيرات بهذا القانون التي تجيز، إذا ما توفرت الأدلة والإثباتات الراسخة، استهداف أي منشأة مدنية أو مشفى في حال فقد الصفة المدنية واستُعمل لأغراض عسكرية.

مراوغة وتحايل

وتأتي هذه الانتهاكات الإسرائيلية واستهداف المناطق المأهولة بالسكان في القطاع، في وقت لا يوجد بإسرائيل أي قانون مدني يحدد معايير التعامل مع المنشآت المدنية والمستشفيات في زمن الحرب.

ويعتمد الاحتلال على تعليمات حددها الجيش الإسرائيلي والمنشقة عن القانون الدولي الإنساني، للمراوغة والتحايل على نصوص المواثيق الدولية.

يوضح ضرغام سيف أستاذ القانون الدولي المحاضر في جامعة القدس أبو ديس، أن القانون الدولي الذي يضم مصطلحات كثيرة مرنة وغير دقيقة يجيز في حالات نادرة استهداف المنشآت المدنية والمستشفيات في زمن الحرب.

ويكون ذلك “إذا ما فقدت هذه المنشآت الصفة المدنية واستعملتها المقاومة المسلحة لأغراض عسكرية، شريطة أن تثبت الدولة وجيشها بالدليل القاطع ذلك، “وهذه الحالة لا تنطبق على ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة”.

ويقول سيف -للجزيرة نت- إن “الجيش الإسرائيلي يقصف المشافي والمؤسسات والبنية التحتية المدنية في غزة، دون أن يثبت بالدليل القاطع أنها تحولت لثكنات للمقاومة أو تستعمل لأغراض عسكرية، ويستهدفها دون فقدانها الصفة المدنية”.

ويضيف “ليس هذا وحسب، بل تتمادى إسرائيل خلال الحرب على غزة في قصف وتدمير المربعات السكنية والمناطق المأهولة، دون أن تثبت وجود عسكريين ومسلحين داخلها، وفق القانون الدولي الإنساني الذي يؤكد ضرورة اعتماد معيار النسبية بشأن المدنيين بالأحياء السكنية واحتمال وجود عسكريين بينهم”.

ضرغام سيف: إسرائيل تستغل الثغرات بالقانون الدولي الإنساني لاستهداف المناطق والمنشآت المدنية (الجزيرة)

تشكيك برواية الاحتلال

ولتوضيح ما ينص عليه القانون الدولي الإنساني حيال التعامل مع المناطق المأهولة في زمن الحرب، يتساءل سيف، “لنفترض جدلا أنه في حي سكني يوجد عسكري، هل يجوز قصفه واستهدافه؟ بحسب معيار النسبية، لو هناك عسكري واحد بين آلاف المدنيين لا يحق للجيش المهاجم أن يقصف الحي السكني، تحت ذريعة تحقيق أهداف العسكرية”.

ولفت أستاذ القانون الدولي إلى أن الجيش الإسرائيلي يستغل الثغرات والتفسيرات بالقانون الدولي الإنساني لتنفيذ هجماته على المناطق المأهولة والمنشآت المدنية والمشافي في غزة، كونه لا يوجد محددات بالنسبية وبالأرقام بين ما هو مدني وما هو عسكري، ومتى مسموح ومتى يحظر القصف والغارات وفقا لمعيار النسبية.

ويؤكد أن إسرائيل تقوم بعملياتها الجوية والبرية في المناطق المدنية في القطاع تحت ذريعة الاحتياجات العسكرية.

وفي سياق نهج الجيش الإسرائيلي بالتحايل على القانوني الدولي وميثاق روما من العام 1998 خلال الحرب والمعارك، ولتبرير مواصلة استهداف المنشآت المدنية، يقول إن إسرائيل تروج بأن لديها إثباتات وأدلة “مشكوك بصحتها ومصداقيتها أصلا”.

وأضاف أن ميثاق روما يُعد بمثابة الكتاب المقدس الذي تعتمده المحكمة الجنائية الدولية في منح صلاحيات للمدعي العام لفتح تحقيقات ضد أي دولة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأوضح أن إسرائيل تسعى للتحايل والالتفاف على هذه المواثيق عبر الادعاء أن هذه المنشآت فقدت صفتها المدنية وتُستعمل لأغراض عسكرية وحُولت لمقرات لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

في الحرب على غزة، يقول أستاذ القانون الدولي، “سيكون على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق ضد إسرائيل لارتكابها جرائم حرب ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية للفلسطينيين بغزة، حيث اتضح من خلال العمليات العسكرية وجود نيات مبيته لدى إسرائيل للقضاء على جزء من أهالي القطاع”.

واستباقا لسيناريو فتح تحقيقات دولية وتجنب المحاكمة والمساءلة الدولية، كشف ضرغام سيف النقاب عن تشكيل إسرائيل وحدات قضائية عسكرية خاصة ترافق قوات الجيش خلال سير وتطورات الحرب على غزة.

وعزا هذا الإجراء إلى أن “إسرائيل تسعى لتحصين قواتها التي تشارك بالحرب عبر توفير الغطاء القانوني المحلي لها وتجنبها المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، من خلال الزعم أنها ستحقق وستحاكم أي جندي ارتكب أي جريمة في غزة”.

سيناريو محاكمة صورية

بهذا الإجراء المتوقع من قبل إسرائيل التي تحضر لسيناريو محاكمة صورية لمجموعة من جنودها بتهم ارتكاب جرائم في غزة وانتهاكات للقانون الدولي، يقول سيف، “إسرائيل ستواصل التحايل على القانون الدولي حتى ما بعد الحرب لإغلاق الباب أمام مقاضاة ومحاكمة جنودها قبالة المحكمة، بزعم أنها قدمتهم للمحاكمة لديها”.

ويعتقد أستاذ القانون الدولي أن أي محاكمة لأي جندي إسرائيلي أمام القضاء الإسرائيلي ستكون شكلية وصورية وأن العقوبات الصادرة عن القضاء الإسرائيلي ستكون كذلك.

وأوضح أن هذا الإجراء يأتي في سياق أنه في حال تقديم دولة جنودها للمحاكمة بارتكاب جرائم حرب فلا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية مقاضاتهم بالمحافل الدولية.

وعزز سيف هذا الطرح بالإحاطات الصحفية التي يجريها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يوميا، مؤكدا أنها موجهة بالأساس إلى “الجنائية الدولية”، وتحمل رسائل مفادها أن هذا الجيش لديه الأدلة والإثباتات التي تعزز مزاعمه بشأن قصف المنشآت المدنية والمشافي بذريعة أنها فقدت صفتها المدنية بسبب استعمالها لأغراض عسكرية.

وشكك بهذه الأدلة التي تبرر استهداف المناطق المأهولة والمشافي والمنشآت المدنية، ووصف مزاعم ضبط وسائل قتالية وأسلحة وفيديوهات بوجود مجموعات من المحتجزين الإسرائيليين بمجمع الشفاء، بالهزيلة والمضحكة.

وأكد أستاذ القانون الدولي أن إسرائيل لم تثبت بالدليل القاطع استعمال مجمع الشفاء كثكنة عسكرية وأن الأسلحة المزعومة التي ضُبطت داخل المجمع استعملتها المقاومة، وأن وجود محتجزين إسرائيليين بالمجمع الطبي للعلاج، يُحسب كنقطة إيجابية لصالح حماس بتعاملها مع المحتجزين بحسب ما تنص عليه المواثيق الدولية.

وشدد على أنه وبحسب نصوص القانون الدولي الإنساني، لا يكفي الادعاء بضبط أسلحة في أي منشأة مدنية أو أي مشفى لتبرير استهدافه وقصفه، فالجيش مطالب بالإثبات بالدليل القاطع صحة هذه الأدلة ومصداقيتها.

وأكد سيف أن كافة الأدلة الإسرائيلية ضعيفة ولا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية اعتمادها كدليل يجيز للجيش الإسرائيلي استهداف المنشآت المدنية والمشافي في غزة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *