ووسط الخطط الإسرائيلية، التي تتضمن السيطرة الأمنية على غزة أو جزيرة اصطناعية قبالة شواطئ القطاع، كشفت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، الجمعة، أن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يدفعون نحو خطة لنشر قوة حفظ سلام دولية، تتضمن إقامة “مناطق آمنة” في جنوب غزة، وهو ما قوبل برفض قادة الوكالات الرئيسية للأمم المتحدة، بينهم وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الذين اشترطوا موافقة جميع الأطراف عليها.
ووفق حديث خبير أميركي لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق في تحديد مستقبل غزة، وأن الخطط الإسرائيلية والأميركية تهدف إلى القضاء على القطاع وليس حكمه، كما أن الحرب لم تنتهِ بعد ولا أحد يعرف نتائجها أو يستطيع التنبّؤ بها.
ما خيارات وخطط إسرائيل؟
تتضمّن الخطط الإسرائيلية ما يلي:
- سيطرة أمنية، وهي وفق بنيامين نتنياهو تتضمن أن تتولى إسرائيل السيطرة الأمنية الكاملة في القطاع، وفق شبكة “سي بي إس” الأميركية.
- الإبقاء على قوة أمنية فاعلة، وهي خطة حسب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، تشمل إبقاء إسرائيل على “قوة أمنية فاعلة في المستقبل القريب” لمنع “حماس” من العودة بعد الحرب، وفق صحيفة “فايننشال تايمز”.
أما موقع “المونيتور” الأميركي، فنقل عن مصدر أمني إسرائيلي، علاوة على الصحفي بن كاسبيت، يوم السبت، أن لدى إسرائيل خيارات عدة لإدارة غزة، تتضمن ما يلي:
- خيار الضم لمصر، وهو أمر ترفضه القاهرة.
- إعادة بناء غزة جنوب موقعها الحالي، ويكون ذلك بدل إعادة البناء في مناطق الدمار التي خلفتها القنابل الإسرائيلية، ونقل بعض سكانها إلى دول أخرى، وترك البقية في غزة المعاد بناؤها.
- عودة السلطة الفلسطينية، وهي فكرة يعتبرها صنّاع القرار الإسرائيليون “سيئة”، لأنها تنسف هدف حكومة نتنياهو، المتمثّل في قطع جميع العلاقات مع غزة، ومن ضمنها عدم إيفاد عمال من القطاع ولا إمدادات المياه الإسرائيلية أو الكهرباء والوقود.
- تحالف دولي، ويشمل تسليم القطاع لتحالف دولي، يتألف من دول عدة.
- جزيرة اصطناعية، إنشاء جزيرة اصطناعية ضخمة قبالة سواحل غزة، وحصول سكانها على أرض جديدة ذات بنية تحتية فعالة، ولن تكون هناك حدود برية بين إسرائيل وغزة.
ماذا عن مخطط واشنطن؟
بخلاف إسرائيل، فإن هدف واشنطن يتمثل في إقامة “مناطق آمنة” في جنوب غزة، وفق المتحدّث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر.
كما تشمل الخطة الأميركية التالي:
- نشر قوة حفظ سلام دولية، ما يدفع إسرائيل لإنهاء الحرب.
- وكالة “بلومبيرغ” قالت، السبت، إن الدول العربية متردّدة بمناقشة خطط مفصّلة بشأن غزة، وهي متمسكة حاليا بدعوات وقف إطلاق النار.
- ليست لدى المسؤولين الإسرائيليين ثقة كبيرة في أي جهة خارجية تدخل غزة، وضمن ذلك السلطة الفلسطينية.
في المقابل، تتحدّث تقارير عن تزايد الخلاف بين تل أبيب وواشنطن بشأن تصوراتهما لمستقبل القطاع على افتراض إنهاء سيطرة حماس عليه.
وقالت شبكة “إن بي سي” الإخبارية الأميركية، إن الخلافات تتزايد بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن الهجوم على قطاع غزة ومستقبله السياسي، وتضيف:
- كذلك الخلافات قائمة بشأن من يحكم غزة بعد الحرب، ودور السلطة الفلسطينية، إضافة إلى إحياء الجهود الدبلوماسية لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية.
- الخلاف سيتفاقم خلال الأشهر المقبلة، ومسؤولو الإدارة الأميركية قلقون من مقترح إسرائيلي بشأن إنشاء مناطق عازلة شديدة التحصين شمال القطاع لحماية إسرائيل من أي هجوم مستقبلي.
- إقامة منطقة عازلة في غزة تؤدّي إلى تقليص مساحة القطاع.
- رغم الخلافات القائمة، فإدارة بايدن غير مستعدة لحجب المساعدات العسكرية لإسرائيل أو فرض عقوبات عليها.
- إسرائيل لا تبذل جهودا للحد من الخسائر في صفوف المدنيين، خاصة بعد اقتحام مجمع الشفاء الطبي.
- المساعي الأميركية مع الجانب الإسرائيلي لإدخال المساعدات الإنسانية شاقة، بسبب عدم مرونة تل أبيب، حسب “إن بي سي”.
تضارب في المواقف
يقول الخبير الاستراتيجي الأميركي، بيتر آليكس، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه من خلال القراءة العامة للأحداث، فهناك تضارب بالمواقف الإسرائيلية على المستويين السياسي والعسكري تجاه مستقبل غزة، وإن كانت خيارات إسرائيل تصب جميعها في فرض السيطرة الأمنية على القطاع بأي صورة ولو كانت تتعارض مع القوانين الدولية.
ويضيف آليكس أن:
- حركة حماس جزء من المعادلة، وقبل ذلك فهي جزء من الشعب الفلسطيني الذي هو صاحب الحق في تحديد مستقبل غزة وكل فلسطين، وبعد ما نراه من تماسكها بالحرب، فلا أحد يستطيع الحديث عن مستقبل غزة.
- الخطط الإسرائيلية والأميركية تهدف إلى القضاء على غزة وليس حكمها.. والحرب لم تنتهِ بعد، ووفق المعطيات على الأرض قد تكون طويلة وستستمر عدة أشهر.
- مقترحات نتنياهو تترجم طروحات اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يتخذ موقفا من السلطة الفلسطينية، ومع ذلك يبقى خيار تسليم السلطة الفلسطينية المسؤولية في قطاع غزة هو الخيار الأكثر ترجيحا، وإن كانت تلك السلطة لا تريد دخول غزة على ظهر دبابة إسرائيلية أو أميركية، مثلما أعلن مسؤولون فيها.
- خطة إسرائيل بشأن السيطرة الأمنية تهدف إلى تحويل غزة إلى مربعات أمنية لإحكام السيطرة عليها.
- الموقف المصري يرفض ذلك، وهدفه حاليا وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات.
- الحرب في غزة أخذت منحى تصاعديا، وهناك رأي عام ضاغط في الغرب على الحكومات لوقف دعم إسرائيل بعد المآسي الإنسانية التي نراها كل يوم، وشاهدنا ذلك التغير بموقف فرنسا.
- أي نقاش بشأن المناطق الآمنة يجب أن يتضمن الالتزام الدائم بالحفاظ على حياة المدنيين وضمان عودة النازحين إلى جنوب غزة بعد وقف القتال.
- خطط إسرائيل جميعها صعبة التحقيق، وإدامة وجودها في غزة يكبدها خسائر هائلة، وهي لا تستطيع حتى الآن حسم المعركة ميدانيا.