يشهد العالم ازديادا في مشاكل النوم، إذ تعاني أعداد متزايدة من الناس من قلة ساعاته، في حين يواجه آخرون صعوبات في الخلود إلى النوم.
في تقرير نشره موقع “سايكولوجي توداي”، عرّفت الكاتبة هارا استروف مارانو النوم بأنه ضرورة بيولوجية، يتم ترميزها بشكل إيقاعي في كل خلية من خلايا الجسم. وتنسق دورة النوم واليقظة جميع العمليات العقلية والجسدية، “فالنوم ضروري للأداء المعرفي، والتمثيل الغذائي، والمناعة، والشهية وتنظيم الهرمونات”.
وتعد الساعة البيولوجية التي تقع في منطقة ما تحت المهاد بالدماغ، المسؤول الرئيسي عن ضبط الوقت، وترتبط ارتباطا وثيقا بدورة الضوء والظلام في الطبيعة، فالضوء هو العامل الرئيسي الذي يدفع الشبكة العصبية إلى ضبط إيقاع وظائف الأعضاء والسلوك، لكنه ليس الوحيد، بل تؤثر أيضا درجات الحرارة الخارجية ومستويات النشاط البدني.
وكذلك الأمر بالنسبة للنظام الغذائي، فهو واحد من أقوى المزامنات لآليات ساعة الجسم البيولوجية، إذ وجد الباحثون أن احتياجات التغذية يتم توقيتها مع ضوء النهار، لدرجة أن تناول الطعام بشكل خاطئ، مثل تناول الطعام في وقت متأخر من الليل، يغير الآلية الجينية لساعة الجسم البيولوجية نفسها.
أهمية التوزيع الزمني للتغذية
أكدت استروف مارانو أن باحثي التغذية قاموا على مدار العقدين الماضيين، بدمج المعلومات حول إيقاعات الجسم الزمنية، وعمدوا على تطوير مجال الدراسة المعروف باسم “التوزيع الزمني للتغذية”، والتي كانت إحدى أوضح نتائجه أن معظم الناس يعيشون بشكل أفضل، ويشهد تمثيلهم الغذائي تحسنا، عندما يتماشى تناول الطعام (والأنشطة البشرية الأخرى)، مع الساعة البيولوجية، والتي تتم مزامنتها مع دورات الضوء.
وتشير الدراسات إلى أن تناول معظم السعرات الحرارية في وجبة منتصف النهار، والتوقف عن تناول الطعام قبل وقت متأخر من المساء أمران إيجابيان.
وتشير الأبحاث إلى أنه في ما يتعلق بصحة التمثيل الغذائي والدماغ، فإن تقييد وقت تناول الطعام أكثر أهمية من كمية الطاقة المستهلكة في تلك الأوقات، أي أن المشكلة ليست في السعرات الحرارية دائما، بل تُظهر الدراسات أن تحويل استهلاك الطاقة إلى وقت مبكر من اليوم لا يؤدي إلى فقدان الوزن فحسب، بل يخفض أيضا مستويات الكوليسترول الضار والغلوكوز ومقاومة الأنسولين.
كما تُظهر العديد من الدراسات أن اضطرابات الساعة البيولوجية في النوم والنظام الغذائي وأنماط الأكل تؤثر على الديناميكيات النهارية، مما يضعف وظيفة التمثيل الغذائي، ويؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، حيث ارتبط إهمال وجبة الإفطار، وتناول الطعام في وقت متأخر من الليل باضطرابات إيقاع الساعة البيولوجية، ودرجة حرارة الجسم، وإفراز الميلاتونين وهرمون التوتر.
كفاءة الساعة البيولوجية والنوم
وأشارت الكاتبة إلى أن توقيت الوجبات ليس العالم الوحيد الذي يؤثر على كفاءة الساعة البيولوجية والنوم، لأن محتوياتها مهمة أيضا، فهناك عدد من العناصر الغذائية المحددة التي تؤثر على النوم من خلال ساعة الجسم ووسائل أخرى.
كما أن الأهمية الصحية لنظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي قد ترجع، إلى تأثيره في أنماط الساعة البيولوجية والنوم، فالنظام الغذائي الغني بالأطعمة النباتية غني أيضا بالميلاتونين.
ويؤثر هرمون الميلاتونين على إيقاع الساعة البيولوجية، وهو مضاد قوي للأكسدة، يتم إنتاجه عن طريق الغدة الصنوبرية في الدماغ، لكنه أيضا أحد مكونات العديد من الفواكه والخضروات، ومن بينها الطماطم وزيت الزيتون واللوز والصنوبر والثوم والقرنبيط والعدس والشعير، وجميعها مكونات النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط.
ويمكن أن يختلف محتوى الميلاتونين في الطعام نفسه بشكل كبير، اعتمادا على تنوع النباتات، والوقت الذي يتم حصادها فيها، ومعالجته ما بعد الحصاد، وتشير الدراسات إلى أن الميلاتونين المشتق من النظام الغذائي يرفع مستويات الهرمون في الدم البشري وهو نشط بيولوجيا.
نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي
وأشارت الكاتبة إلى أن الاستهلاك المنتظم لهذه الأطعمة يمكن أن يؤثر على نوعية النوم وكميته، إذ يتميز النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط بغنى وجبة منتصف النهار بالطاقة، عندما تكون إيقاعات الساعة البيولوجية قادرة على استيعابها، ورغم عدم قياس الفوائد الصحية التي تعمل على تعزيز النوم لهذا النظام الغذائي، ولكن يبدو أن النوم هو طريق آخر يمكّن النظام الغذائي من تقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، والأمراض النفسية.
ويحتوي نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي على عناصر غذائية أخرى تؤثر على النوم، منها السيروتونين، ورغم أن له تأثيرا معقدا على النوم، فإن مستوياته الكافية في الجسم ضرورية لإنتاج الميلاتونين أيضا.
وتوجد مستويات عالية من السيروتونين في السبانخ والطماطم والخوخ والجوز، وجميع الأطعمة التي يحتويها نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي عادة، وأحماض “أوميغا 3” الدهنية، الموجودة في الأسماك، والتي تعمل أيضا على تعزيز إنتاج الميلاتونين في الجسم، وتربطها الدراسات بشكل خاص بزيادة كفاءة النوم.
الأطعمة الكاملة أفضل مصدر للمغذيات
وأكدت الكاتبة أن أفضل مصادر الغذاء هو الأطعمة الكاملة، والتي تحتوي عادة على العديد من العوامل التي تعمل بشكل متزامن لتعزيز التأثيرات الإيجابية، لكن مكملات المواد مثل الميلاتونين وأحماض “أوميغا 3” الدهنية تدعمها أيضا العديد من الدراسات.
وتقترح مجموعة من الأطعمة التي تعزز الميلاتونين، وأخرى تعزز السيروتونين، وثالثة مضادة للنوم، على النحو التالي:
أطعمة تعزز الميلاتونين
- الطماطم
- عين الجمل (الجوز)
- العنب
- الكرز
- الأسماك الدهنية
أطعمة تعزز السيروتونين
- الكيوي
- اللبن
- الدجاج
- التونة المعلبة
أطعمة مضادة للنوم
- الحلوى
- الكافيين
- الشوكولاتة
- شرائح لحم
- الجبن القديم
- الفاكهة الحمضية