معبر رفح- أنّات أصدرها أطفال قطاع غزة الخدج للعالم من بين الركام وحطام مجمع الشفاء الطبي، ومن بين أشلاء الشهداء الذين قضوا في قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مع استغاثات لنقلهم للعلاج في مكان آمن.
وأمس الأربعاء، انقطع الأكسجين عن الأطفال الفلسطينيين الخُدّج بعد اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي وتفتيش الموجودين داخله وجميع أقسامه، وفق تصريح مدير مستشفيات غزة محمد زقوت.
في الجانب المصري، وتحديدا أمام معبر رفح البري، تصطف سيارات الإسعاف في انتظار الضوء الأخضر لدخول المنطقة المحايدة في المعبر لنقل من كُتب لهم العلاج من مصابي قطاع غزة في المستشفيات المصرية.
يقول خالد حسين (اسم مستعار) وهو مسعف بهيئة الإسعاف بشمال سيناء والموجود أمام معبر رفح، “ننتظر توجيهات وزارة الصحة المصرية بنقل أي مصاب من غزة بمن فيهم الأطفال، ولا ندخل بوابة المعبر إلا بعد إشارة من السلطات”.
حالات بالغة الخطورة
ويضيف خالد حسين للجزيرة نت، “سيارات الإسعاف الموجودة أمام المعبر مجهزة بأعلى مستوى صحي للتعامل مع الحالات الطارئة التي تنتظر العلاج بالمستشفيات المصرية، واستقبلنا قبل أيام بعض الأطفال من مرضى السرطان، ونُقلوا للقاهرة للعلاج الفوري”.
بدوره، يقول محمد مهدي أحد سائقي سيارات الإسعاف المصرية -للجزيرة نت-، “ننقل عشرات المصابين من غزة للعلاج بمصر، لكن معظم من رأيتهم بعيني هم أصحاب إصابات متوسطة، بينما تموت الحالات بالغة الخطورة قبل الوصول للمستشفيات”.
وأضاف أنه نقل وزملاؤه 27 مريضا بالسرطان من قطاع غزة عبر منفذ رفح البري إلى مطار العريش الدولي، الليلة الماضية، تمهيدا لسفرهم للعلاج بمستشفيات تركية.
من جهته، أفاد حسن محمد (اسم مستعار أيضا) أحد المسعفين العاملين بمعبر رفح، بأن الإسعافات المصطفة أمام المعبر يوجد بها عشرات السيارات المجهزة بأحدث الأجهزة الطبية لضمان وصول المرضى إلى وجهتهم بأمان.
ويشمل ذلك أجهزة التنفس الصناعي والأكسجين، وجهاز تنظيم ضربات القلب، والضمادات ومجموعة الإسعافات الأولية لحالات الطوارئ، كما توجد ببعض السيارات حضانات مؤقتة لنقل المواليد الجدد، مؤكدا أنهم على استعداد لنقل أطفال غزة الخدج للعلاج بمصر في أي وقت.
ويقول حسن “لم نتلقَ أي إشارة تفيد بوصول أطفال خدج بحاجة لإسعافات مجهزة بحضانات من قطاع غزة إلى معبر رفح، لكننا ننقل المرضى الذين يصلون الجانب المصري لمستشفيات شمال سيناء حسب التوجيهات السيادية”.
تعطيلات الاحتلال
ويتابع، “ننقل الحالات المرضية الحرجة بواسطة سيارات العناية المركزة لخارج المحافظة لاستكمال علاجهم بالمجان وتحت إشراف طبي كامل”.
وكان وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، قد قال في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي أمس الأربعاء، “إن مصر مستعدة لاستقبال أي جرحى ومصابين وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، إعلاء لمبادئ الإخاء والإنسانية”.
وكشف الوزير عن استنفار هيئة الإسعاف المصرية بـ 35 سيارة مجهزة بحضانات أطفال استعدادا لإنقاذ الأطفال حديثي الولادة فور وصولهم معبر رفح في أي وقت.
ويقول مصدر خاص بمعبر رفح البري -للجزيرة نت-، إن “سيارات الإسعاف التي تصلنا من الجانب الفلسطيني، تكون مهشمة ومتضررة بفعل القصف الإسرائيلي على مناطق القطاع، وقد أصيبت الأجهزة الإسعافية داخلها”.
ويضيف أن المصاب يموت، أغلب الأوقات، داخل سيارة الإسعاف عند وصولها للمعبر من الجانب الفلسطيني، بسبب تعطل أجهزة الإسعاف، أو الإجراءات الأمنية المتبعة وإغلاق المعبر من الجانب الفلسطيني، وتعطيل عبور المصابين.
ويؤكد المصدر ذاته أن هناك بعض التنسيقات التي تصل للسلطات في الجانب المصري من المعبر بأسماء المصابين الفلسطينيين، ويتم إرجاؤهم لأيام حتى يُسمح لهم بالعبور للعلاج في مستشفيات مصرية.
ويُرجع ذلك إلى إجراءات قاسية تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تفرز الأسماء قبل دخولها الأراضي المصرية.
ويحكي محمد سعد للجزيرة نت، وهو مسعف ينتظر إشارة دخوله للجانب الفلسطيني لنقل المصابين من غزة، أنه وبسبب الانتظار الطويل لسيارات إسعاف فلسطينية متهالكة بفعل الحرب والقصف الإسرائيلي، تزداد حالة المرضى سوءا.
مصارعة الزمن
ويقول “يصل المصابون إلى الجانب المصري ونتسلّمهم لإيصالهم إلى مستشفيات مصرية، لكن إجراءات الاحتلال في الاستعلام والتفنيد الأمني لهُويات المصابين تؤخر محاولة إسعافهم، ما يجعلنا نصارع الزمن لنصل بهم لأي وجهة طبية وهم أحياء”.
ويضيف محمد سعد “نكون مشغولين بمحاولة إبقاء المصابين الذين ننقلهم على قيد الحياة أثناء نقلهم من الجانب الفلسطيني إلى وجهة العلاج في مصر، وينتظر المسعفون الموجودون أمام معبر رفح قرار نقل الأطفال الخدج من رفح الفلسطينية للجانب المصري، الأمر الذي تأخر كثيرا”.
وعبّر عن غضبه واستيائه من الآلية التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي لفحص أسماء المصابين الذين يُسمح لهم بالعبور للعلاج بمستشفيات مصرية، بزعم وجود عناصر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بينهم.
وطالب بردع تلك الآليات التي تؤثر في حياة المصابين وتجعل مهمته وزملاءه في إسعافهم، خاصة الحالات الخطيرة والمستعصية، مستحيلة، ودعا إلى ضرورة الاستجابة والتنسيق مع منظمة الصليب الأحمر الدولي لتسلّم المصابين من كبار السن والأطفال خاصة، بشكل أسرع.