“الإجهاض”.. كيف أصبح سلاحاً حاسماً بالانتخابات الأميركية؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

ويعتقد مراقبون ومحللون أميركيون، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الإجهاض” هي القضية الأولى في الانتخابات الأميركية هذا العام، وهذا ما أكدته الأيام الماضية، ومن ثمَّ فإن تبني الحزب الديمقراطي لسياسات تتفق مع توجهات الأميركيين سيصب في صالح الرئيس جو بايدن، والذي يسعى لولاية جديدة داخل البيت الأبيض لمدة 4 سنوات مقبلة.

ويتفق ذلك مع تحليل لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، بأنه مع دورتين انتخابيتين لا يمكن إنكار أن “حقوق الإجهاض” هي القضية المهيمنة في السياسة الأميركية، وعندما يرى مؤيدو حقوق الإجهاض وهم أغلبية واضحة من الأميركيين، وجود صلة بين أصواتهم وحماية ما كان يضمنه حكم “رو ضد وايد”، فمن المرجح أن يصوتوا لصالحه.

ماذا حدث؟

  • في أوهايو، الولاية التي صوتت للجمهوري دونالد ترامب بنسبة 8 نقاط مئوية في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، صوّت سكانها الثلاثاء الماضي، في استفتاء عام لصالح تكريس الحق بالإجهاض في دستور الولاية، بعد 17 شهرا من إلغاء المحكمة الأميركية العليا العام الماضي حكم “رو ضد وايد”، الذي كرس الحق القانوني في هذا الإجراء على المستوى الفيدرالي.
  • أما في ولاية فرجينيا، فاز الديمقراطيون بالسيطرة على كلا المجلسين التشريعيين، في الوقا الذي اعتبرت “أسوشيتد برس” أن النتيجة بمثابة توبيخ للحاكم الجمهوري غلين يونغكين, الذي قام بحملة صعبة للمرشحين الجمهوريين وسعى لتوحيدهم حول اقتراحه بحظر معظم عمليات الإجهاض بعد 15 أسبوعًا من الحمل.
  • أيد الناخبون في الولايات المتحدة حق الإجهاض ليجني الحزب ثمار حملة انتخابية ركزت على هذه القضية وبعد إنفاق ملايين الدولارات على الإعلانات التلفزيونية للترويج لموقفهم منها.
  • في العام الماضي، حققت حركات الدفاع عن حقوق الإجهاض سلسلة من الانتصارات من خلال وضع استفتاءات متعلقة بالإجهاض على ورقة الاقتراع، بما في ذلك في الولايات المحافظة.
  • يعتقد مراقبون أن النتيجة التي خرجت بها “أوهايو” ستعزز الجهود الجارية بالفعل لوضع إجراءات اقتراع مماثلة أمام الناخبين في عدة ولايات لعام 2024، بما في ذلك ولايتي أريزونا وفلوريدا المتأرجحتين.
  • شنت القوى المناهضة للإجهاض حملة ضد تعديل أوهايو باعتباره متطرفًا، بينما حذرت جماعات حقوق الإجهاض من أن رفضه سيمهد الطريق لفرض حظر صارم.
  • بحسب “نيويورك تايمز”، فقبل انتخابات هذا الأسبوع، تركز معظم اهتمام الطبقة السياسية والجمهور على استطلاعات الرأي التي تظهر أن دونالد ترامب يتقدم على الرئيس بايدن في الانتخابات الرئاسية، بيد أنه من الواضح الآن أكثر من أي وقت مضى أن رد الفعل العنيف إزاء نفور الناخبين من تقييد الإجهاض، يمكن أن يلعب دورا حاسما في فوز بايدن بولاية ثانية.
  • على الرغم من وجود العديد من القضايا الرئيسية الأخرى التي تلعب دورا في هذه الانتخابات، بما في ذلك حرب غزة، والأوضاع الاقتصادية الداخلية، والحرب في أوكرانيا، بيد أن كثيرين ينظرون إلى الإجهاض بأنه قد يكون العامل الحاسم في نوفمبر من العام المقبل.

تأثير كبير

من جانبها، تقول الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن قضية الإجهاض مثّلت دعمًا وتحفيزًا للديمقراطيين في العديد من الولايات، مثل الولايات المتأرجحة كما في أوهايو، والولايات الأخرى ذات الوجود الديمقراطي الكبير مثل فرجينيا؛ للخروج بأعداد كبيرة إما لإزاحة للجمهوريين أو التصويت لصالح مشروعات القوانين التي من شأنها ضمان الحماية الدستورية للإجهاض.

وأوضحت “تسوكرمان” أنه إلى حد ما, فهناك رد فعل عنيف متوقع ضد قضية المحكمة العليا التي تناقضت مع القرار السابق في قضية “رو ضد وايد”، باعتبار أن حماية الخصوصية تمتد إلى الإجهاض أيضًا.

وأشارت إلى أن جزء من المشكلة هو أن العديد من الجمهوريين بالغوا في تقدير شعبية مرشحيهم، وقللوا من أهمية الإجهاض بالنسبة للديمقراطيين، فضلًا عن أن الجمهوريين يعتقدون أن جميع القضايا الاجتماعية والأخلاقية يمكن حلها من خلال الوسائل القانونية، حتى لو كانت القضية سياسية على الأقل بقدر ما هي قانونية.

وأضافت: “بدلا من قضاء الوقت في تثقيف السكان حول اعتراضاتهم الأخلاقية على الإجهاض، أو تقديم حلول بديلة، أو إقناع الناخبين المترددين، ركزوا على الإجبار من خلال القيود والإجراءات العقابية عن طريق المحاكم ومشروعات القوانين، الأمر الذي أثار غضب العديد من أولئك الذين يعارضون الإجهاض بشكل عام”، مشيرة إلى أن تلك القضية سيكون لها تداعيات بالفعل في مسار الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، قال عضو الحزب الديمقراطي الأميركي مهدي عفيفي، إن “قضية الإجهاض في أميركا هي القضية الأولى بالانتخابات، وهذا ما ظهر في الانتخابات المحلية التي أجريت الأسبوع الماضي، والتي أثبتت في جميع الولايات أنها مهمة للغاية وأدت لخسارة الجمهوريين ومن يدعمون تحديد الإجهاض أو منعه لأي سبب”.

وأضاف عفيفي أن “المنظمات الحقوقية والنسائية قطعت شوطًا كبيرًا في الإقناع بضرورة حرية الإجهاض وحظر تقييده، واستطاعت أن تثبت أن هذا أمر لن تسكت عنه حال اتجاه أي مرشح لحظره”.

خلفيات تاريخية

  • منذ صدور قرار المحكمة العليا الأميركية الذي اعترف بحق المرأة في الإجهاض في جميع أنحاء البلاد في عام 1973، أصبحت القضية واحدة من أوضح الخطوط الفاصلة في السياسة الأميركية مع دعم السياسيين الديمقراطيين بشدة حق النساء في الإجهاض واصطفاف المشرعين الجمهوريين في معارضته.
  • كان “الإجهاض عند الطلب” مشروعا في 4 ولايات في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، بينما سمحت به 14 ولاية أخرى في بعض الظروف.
  • وبينما عارضت الكنيسة الكاثوليكية الإجهاض، كانت الكنيسة المعمدانية الجنوبية، وهي أكبر طائفة إنجيلية، تقول على المستوى الرسمي إنه يجب السماح به في كثير من الظروف.
  • في السنوات اللاحقة، بدأ نشطاء محافظون مثل فيليس شلافلي في طرح هذه القضية باعتبارها تهديدا للقيم التقليدية وقاموا بحشد دعم الكنائس الإنجيلية التي أظهرت اهتماما على غير العادة بالسياسة بعد سلسلة من الأحكام القضائية التي قيدت إقامة الصلوات في الأماكن العامة.
  • صورت هذه المجموعات الإجهاض على أنه تهديد لنسيج الأسرة جنبا إلى جنب مع التطورات الاجتماعية الأوسع مثل ارتفاع معدلات الطلاق وعمل النساء خارج المنازل.
  • كما منح فوز الجمهوري رونالد ريغان بالرئاسة في نفس العام معارضي الإجهاض مناصرا قويا لقضيتهم في البيت الأبيض، وفي الوقت نفسه، اكتسب نشطاء حقوق المرأة مزيدا من النفوذ داخل الحزب الديمقراطي ودفعوا قادة الحزب إلى دعم حقوق الإجهاض.
  • بحلول مطلع القرن الحادي والعشرين، كان 31 بالمئة فقط من الجمهوريين هم من يؤيدون الإجهاض، بينما ظل الدعم الديمقراطي ثابتا عند 45 بالمئة وفقا لاستطلاع لهيئة المسح الاجتماعي العام.
  • في الكونغرس الحالي، صوت نائب ديمقراطي واحد فقط في مجلس النواب وعضو ديمقراطي واحد كذلك في مجلس الشيوخ ضد تشريع يجعل الإجهاض قانونيا على مستوى البلاد مهما كانت الظروف.
  • وعلى مستوى الناخبين الديمقراطيين، قفز التأييد للإجهاض غير الخاضع لأي قيود من 56 بالمئة في عام 2016 إلى 71 بالمئة العام الماضي، وفقا لاستطلاع لهيئة المسح الاجتماعي العام، بينما لا يزال الدعم الجمهوري يحوم حول 34 بالمئة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *