وعلى مدار الأيام الماضية، تبث حركة حماس مقاطع فيديو لمهاجمة مقاتليها القوات البرية المتوغلة من تحت الأرض، أو استهداف جنود إسرائيليين وإنزالهم إلى عمق الأنفاق. ووفق تقديرات صحفية، هناك نحو 242 رهينة في تلك الأنفاق.
وأطلقت إسرائيل، الإثنين الماضي، ما أسمته بـ”المرحلة الثانية” من عمليتها البرية بغزة، عبر التوغل برا بشكل أعمق، واستكشاف وتحديد الأنفاق بعد عزل المنطقة بالقوات والدبابات، وفق المتحدث العسكري الإسرائيلي ريتشارد هيخت.
ووسط نفي حركة حماس، تزعم تل أبيب أن الحركة الفلسطينية شيدت الأنفاق، أسفل مجمع الشفاء الطبي، الذي استهدفت بوابته بضربة جوية قبل 4 أيام، كما عاودت قصف طابقه العلوي ونظام الألواح الشمسية بالمبنى، الذي يضم مئات الجرحى والنازحين والكوادر الطبية.
التهديد الأكبر على القوات الإسرائيلية
تقول وكالة “أسوشيتد برس” إن شبكة الأنفاق التي بنتها حماس أسفل غزة تمثل “التهديد الأكبر” على القوات الإسرائيلية المتوغلة بالقطاع المحاصر، إذ تشمل أنفاق متعددة للهجوم والتهريب والتخزين والعمليات.
ووصفت تلك الأنفاق بـ”متاهة واسعة” تمتد عبر أحياء مكتظة بمدينة غزة، تهدف لإخفاء عناصر حماس وترسانتهم الصاروخية، مشيرة إلى أن القتال تحت الأرض من شأنه أن يجرد الإسرائيليين من المزايا التكنولوجية، بينما يعطي ميزة لحماس فوق الأرض وتحتها.
ويقول الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، إن إسرائيل انشغلت خلال السنوات العشر الماضية، في متابعة الأنفاق من قطاع غزة إلى داخل الحدود الإسرائيلية، وعندما بنت الجدار الواقي اطمأنت إلى أنها تمكنت من تدمير هذه الفكرة، فقد هدمت هذه الأنفاق وملأتها بمادة سائلة تنفخ حال إطلاقها وتسد كل منطقة فراغ فيها، ومن شدة الاطمئنان، سحبت الأسلحة من أيدي سكان غلاف غزة وخفضت عدد أبراج المراقبة.
ويضيف في مقال له بعنوان “أنفاق غزة – حرب أدمغة بدأتها إسرائيل قبل حماس”، أن حركة حماس كانت تستغل هذه الفترة لبناء شبكة أنفاق ضخمة داخل القطاع، عددها 1300 نفق، تقع في عمق يصل إلى 70 مترا تحت الأرض، وفق تقديراته. ويتابع:
- الجيش الإسرائيلي يدّعي أن لديه خرائط مفصلة للأنفاق، ويُعد خططا ملائمة لجعلها مقبرة لحماس، بينما تؤكد الحركة أن الأنفاق شهدت تطوراً تكنولوجيا عاليا سيصدم إسرائيل، ويجعلها مصيدة ضخمة لجنودها.
- بالنسبة لمجمع الشفاء الطبي بغزة، والذي أصبح هدفا مركزيا للجيش الإسرائيلي، بحجة أنه يضم طابقا أرضيا لقيادة حماس، فإسرائيل نفسها تقيم مقر قيادتها في قلب تل أبيب، قرب عمارات سكنية ومستشفى إيخيلوف، أحد أكبر مستشفيات إسرائيل.
- إسرائيل استغلت مجمع الشفاء، منذ أن احتلت القطاع عام 1967 إذ استخدمت مرافقه مقرا لعمل الحاكم العسكري.
- في عام 1980، بنت إسرائيل الطابق الأرضي ليكون مثل خندق وملجأ لقيادتها وظلت تستخدمه حتى عام 1994.
حرب معقدة ومرعبة
وتقول شبكة “سي إن إن” الأميركية إن “حرب الأنفاق” من أكثر الحروب صعوبة على مستوى التاريخ، حيث يمكن للطرف الذي أنشأ الأنفاق أن يختار المكان الذي ستبدأ فيه المعركة، وغالبا ما يحدد كيف ستنتهي، نظرا لخياراته الواسعة في نصب الكمائن.
- إسرائيل تواجه تحديا كبيرا لم تواجهه أي قوة عسكرية عانت من مشكلة الأنفاق وهو احتجاز حماس أكثر من 200 رهينة.
- الرهينة الإسرائيلية يوشيفيد ليفشيتز التي أفرجت عنها حماس وصفت الأنفاق بشبكة العنكبوت.
- نظرا للمساحة الضيقة لقطاع غزة وخلوه من التضاريس العسكرية كانت هذه الأنفاق هي المخبأ الأمثل لحماس ونقطة قوة للفصائل الفلسطينية.
أما مركز صوفان الأميركي، فيرجح أن تكون العملية الإسرائيلية لتطهير الأنفاق “بطيئة ومنهجية” بسبب وجود الرهائن، حيث يعتمد الإسرائيليون على الروبوتات وغيرها من المعلومات الاستخبارية لرسم خريطة للأنفاق والفخاخ المحتملة.
- الجنود الإسرائيليون سيواجهون أجواء خانقة ومرعبة أثناء القتال بالأنفاق.
- الجيش الإسرائيلي سيفقد العديد من المزايا التكنولوجية التي يتمتع بها داخل الأنفاق مما يمنح مسلحي حماس التفوق.
- الحرب قد تجبر إسرائيل على الدخول في معارك نارية تتسبب في قتل رهائن عن طريق الخطأ.
- يمكن أن يؤدي التدخل إلى انفجار الأفخاخ المتفجرة داخل الأنفاق، مما يؤدي إلى دفن الجنود والرهائن أحياء.
جبهات حرب متعددة و”شبكة عنكبوت”
ووفق بعض الخبراء، فإن الأنفاق ستزيد تعقيدات سيناريو الحرب خلال الاجتياح البري الإسرائيلي للقطاع، إذ يقول الخبير العسكري جون سبنسر، إن الأنفاق تسمح لمقاتلي حماس بالتنقل بين مختلف مواقع القتال بأمان وحرية بعيدا عن عيون الجيش الإسرائيلي، وفتح جبهات جرب متعددة.
ويقول الخبير العسكري البريطاني مايكل كلارك، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن هذه الأنفاق تحدث توازنا في الحرب، لأنها تحيّد مزايا إسرائيل التسليحية والتكنولوجية. ويضيف:
- الجيش الإسرائيلي ونظرا لذلك سيواجه مشاكل داخل المناطق المدنية فهو قتال سيكون متعددا، فهناك جهات تطلق النار من فوق أبراج سكنية وأخرى تطلق النار من تحت الأرض.
- القوات البرية الإسرائيلية لن تكون في نزهة في غزة لأن شبكة الأنفاق التي وُصفت بـ”العنكبوتية” مترامية الأطراف وتمتد مئات الكيلومترات.
- هناك من يقدرها بأنها أكبر بعشرة أمثال من أنفاق الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام.
- إسرائيل حاولت تدمير الأنفاق في مناسبات عديدة، لكنها لم تنجح، والفلسطينيون يرونها وسيلة ضرورية لكسر الحصار المفروض على غزة.
- روايات إسرائيل بوجود أنفاق تحت المستشفيات هي لتبرير استهداف القطاع الطبي والنازحين لتهجيرهم من شمال غزة إلى جنوبها.
- يتعين على إسرائيل إعادة صياغة هدفها المتمثل في “تدمير حماس” أو التفكير في طرق لتحقيقه لا تؤدي إلى إبادة سكان غزة.