تلك هي قصة مدير الاستقبال والعلاقات العامة بمستشفى يوسف النجار غرب رفح في غزة، طلعت برهوم، والذي قال لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الليلة الماضية كنت أمارس عملي في مناوبتي بالمستشفى، وكنت لا أعلم شيئا عن أسرتي وأولادي منذ أكثر من أسبوعين بسبب ضغط العمل وكثرة الجرحى وكذلك لانقطاع الانترنت والاتصالات”.
وبينما كان برهوم يمارس عمله في تسجيل الجرحى وإمداد الصحفيين بالبيانات والإحصاءات جاءه خبرا مفزعا حسب وصفه: “فوجئت بأحد الصحفيين يعرفني جيدا وكان معه انترنت على هاتفه متصل بالقمر الصناعي، يخبرني بأن هناك قصف استهدف المنطقة التي فيها منزل عائلتي”.
برهوم استطرد قائلا: “خرجت فورا لأسأل زملائي في طواقم الإسعاف فأخبروني أنهم نقلوا حالات جرحى وشهداء نتيجة قصف إسرائيلي على منطقة الإسكان الأبيض بحي تل السلطان غرب رفح”.
ونوه إلى أن تلك المنطقة لا يوجد فيها سوى منزل عائلته ومنزلين آخرين، مشيرا “هنا تأكدت بأن زوجتي وأولادى حدث لهم شيء”.
وفي حين أن برهوم لا يستطيع التواصل مع أي شخص من عائلته ولا منطقته فهو كذلك لم يكن قادرا على ترك عمله بسبب الظروف القاسية التي تعانيها المستشفيات والقطاع الصحي في غزة.
مرت دقائق ثقيلة وكأنها عمر طويل “ثم وجدت سيارة إسعاف تدخل علينا وبها زوجة شقيق زوجتي وكانت مصابة وحالتها حرجة، ولم أستطع الحصول منها على معلومات عن عائلتي”، هكذا قال برهوم.
إزداد القلق المصحوب برفض داخلي لتصديق المصير الذي بات محتوما “عقلي تيقن من المصير وقلبي متعلق بأمل أنهم أحياء” بحسب تعبير برهوم.
“إذا بسائق إسعاف أخبرني أنهم نقلوا جثة إمرأة و4 أطفال للمستشفى الإماراتي القريب من المستشفى الذي أعمل به”.
هرول برهوم نحو المستشفى الإماراتي وكأنه أطلق قدميه للرياح، فوصل هناك لا يدري كيف ولا كم استغرق من الوقت، بحسب تأكيده.
“بمجرد أن دخلت المستشفى الإماراتي وشاهدت ابنة شقيقة زوجتي التي تعمل هناك تبكي، جلست أنا في الأرض مذهولا من الصدمة التي جئت على أمل أن لا تكون قد حدثت”.
يقول برهوم”تحاملت على نفسي ووقفت لأعرف من من أسرتي بالضبط قد فارق الحياة، فشاهدت جثث زوجتي ميسون أبو علوان وأطفالي الأربعة أحمد 8 أشهر، وليان 14 سنة، وعبد الرحمن 12 سنة، ومحمد 10 سنوات، ولم يتبق لي إلا صبيين في المرحلة الثانوية”.
وختم برهوم بأنه نقل جثامين زوجته وأطفاله الأربعة لمستشفى يوسف النجار التي يعمل بها لأن بها ثلاجة حفظ موتى، مشيرا “حصلت على نصف يوم إجازة فقط ودفنتهم وعدت مساء الثلاثاء لعملي، فرغم فجيعتي لا وقت للحزن، لأن العمل وإنقاذ الجرحى يحتاجني أنا وزملائي، فخلال شهر منذ بدء الحرب لم أرى أسرتي إلا مرتين”.