هل تستطيع أميركا وإسرائيل استبدال حكم حماس في غزة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

رام الله- تكررت منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تصريحات إسرائيلية وأميركية عن إنهاء حكم حركة “حماس” في القطاع، كهدف أساسي للحرب.

وأعلن البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، أن واشنطن تعمل مع شركائها في المنطقة “لاستكشاف الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الحكم في غزة مستقبلا”، فيما قالت الخارجية الأميركية “أوضحنا أنه لا يمكن لحماس أن تستمر في حكم وإدارة غزة”.

ويعيش الفلسطينيون منذ عام 2007 على وقع انقسام تدير فيه حركة حماس قطاع غزة، بينما تدار الضفة الغربية من قبل حكومة شكلتها حركة فتح.

في ضوء المشاريع المطروحة، إلى أي مدى تعد بدائل حماس في غزة قابلة للتنفيذ؟ وهل يمكن إنهاء حكم الحركة في القطاع؟ وإلى أي مدى يمكن أن تكون السلطة الفلسطينية أو أطراف عربية بديلا عنها في إدارة القطاع مستقبلا؟

للإجابة عن هذه الأسئلة تحدثت الجزيرة نت إلى 3 خبراء سياسيين بالضفة، اتفقت آراؤهم على أن التطلعات الأميركية والإسرائيلية بنيت على سيناريو واحد، هو أن الحرب ستنتهي بهزيمة حركة حماس، واستبعدت أي سيناريوهات أخرى، وهذا لا يمت للواقع بصلة.

سيناريوهات أخرى

وفق مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) هاني المصري، فإن الحديث عن إدارة بديلة لحماس في غزة “جزء من الحرب، حيث يشاع أن هناك سيناريو واحدا هو هزيمة حماس والمقاومة الفلسطينية، وفي المقابل أي إنسان، خبيرا كان أو غير خبير، يعرف أن هناك عدة سيناريوهات لمسار الحرب”.

ويستبعد المصري السيناريو المفترض بهزيمة حماس، متسائلا “كيف يمكن أن تهزم حركة شعبية حظيت بعد 7 أكتوبر بتأييد كبير جدا ليس فلسطينيا فقط، وإنما حظيت بتأييد عربي وعالمي”.

وحتى لو سُلِّم بالسيناريو المستبعد وهو “هزيمة المقاومة”، “فإن الحلول كالإدارة المؤقتة، أو قوات عربية ودولية، أو عودة السلطة أو التهجير، ليست سهلة التطبيق”.

بالنسبة للسلطة الفلسطينية، يرى المصري أنه من الصعب أن تقبل بالعودة إلى غزة “على ظهر دبابة إسرائيلية” مضيفا “كما أنه ليس من السهل موافقة إسرائيل على عودتها رغم أنها مفضلة أميركيا، لأن ما تريده إسرائيل إعادة تغيير وتأهيل السلطة برمتها”.

وإذا قبلت السلطة -وهو مستعبد أيضا- يقول المصري “لن تكون ممثلة لأي فلسطيني، بل خائنة وعميلة، وهذا ينطبق على أي شخصيات أخرى يفكر بها الأميركيون والإسرائيليون، لأنهم إذا وافقوا سيكونون جزءا من المشروع الإسرائيلي الأميركي”.

ويستبعد مدير مركز مسارات موافقة الدول العربية وخاصة مصر والأردن على أي بدائل لإدارة غزة في الوضع الحالي “لكن إذا وقعت الهزيمة، فسيوافقون من منطلق إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهنا سيرفض أهل غزة أن يحكمهم أناس لا يمثلونهم”.

وعن رؤيته لنهاية المعركة الحالية، يميل المصري إلى “صيغة لا غالب ولا مغلوب، تسمح لكل طرف أن يدعي أنه حقق الانتصار، لأن هزيمة أي من الطرفين بالمعنى العسكري مستحيلة، وفي هذه الحالة تكون المقاومة هي المنتصرة، لأنها لم تُمكن الطرف الآخر من تحقيق أهدافه”.

وفي هذه الحالة، يقول المحلل السياسي “ستخرج حماس أضعف عسكريا لكنها أقوى سياسيا” بمعنى أن “آثار 7 أكتوبر (طوفان الأقصى) انتصار إستراتيجي مهما كانت نتائج الحرب الحالية، ولن يكون بعده ممكنا تجاهل الشعب الفلسطيني وقضيته، بل التفكير باتجاه كيفية إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، ودون ذلك سترتد الأمور عاجلا أم آجلا”.

قبول مشروط

من جهته، يتساءل أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية الدكتور فريد أبو ضهير عن المدى الذي يمكن لإسرائيل وصوله في الحرب “خاصة إذا استمرت الخسائر والأزمات الداخلية”.

ولا يستبعد المتحدث ذاته لجوء الاحتلال خلال أسابيع إلى وسائل تفاوضية أو دبلوماسية لوقف إطلاق النار بشروط “وعليه قد تطرح فكرة إدارة عربية أو أممية في غزة، وهذا يعني الاستسلام”.

وتساءل فريد أبو ضهير عن مدى استعداد حماس للاستسلام، وتسليم غزة لهيئة عربية أو فلسطينية تحت إطار أممي؟ ويجيب “بالتأكيد لا، لأنها وضعت أهدافا واضحة ومحددة لهذه العملية وهي وقف اقتحامات المسجد الأقصى وموضوع الأسرى والحصار على غزة والضفة”.

ولا يستبعد أبو ضهير إمكانية وجود تواطؤ، وربما استسلام عربي وإقليمي للمشاريع المطروحة “لا أستغرب، بل ربما دعا مسؤولون عرب لإنهاء حماس، كون الحالة الفلسطينية أصبحت مُلهمة منذ انتفاضة الحجارة وحافزا للتحرك ضد الظلم”.

أما عن فرضية قبول السلطة الفلسطينية بإدارة غزة، يقول الأكاديمي الإعلامي إن ذلك ممكن “وفق رؤيتها في الحفاظ على مصلحة الشعب الفلسطيني وحقن دمائه، والسعي لتحقيق الأهداف سلميا دون إراقة دماء”.

ويتابع المتحدث نفسه “نعم قد تقبل السلطة بحقن الدماء وبناء قطاع غزة، بمباركة عربية وأوروبية وأمريكية وإسرائيلية من وراء الكواليس، لكن ضمن أفق لحل سياسي وتوافق وطني فلسطيني، وهناك مرونة فصائلية كافية بهذا الصدد”.

وفي سياق تحليله يرجح أبو ضهير أن تشهد المرحلة المقبلة توافقا فلسطينيا على الحل المستند إلى دولة في حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية “وهذا خيار مقبول من حماس والسلطة الفلسطينية والدول العربية، بما في ذلك المُطبعة منها”.

بعد 7 أكتوبر، يرى أبو ضهير تغييرا في المزاج الدولي، ومنه الأوروبي والأميركي وحتى داخل دولة الاحتلال عن دواعي ما حصل في هذا اليوم “لأن الحديث لم يعد أمن إسرائيل إنما وجودها”.

حرب نفسية

غير بعيد عن رأيي المصري وأبو ضهير، لا يرى المحلل السياسي ومدير جامعة القدس المفتوحة في بيت لحم الدكتور أسعد العويوي “إمكانية لإنهاء حركة حماس وبالتالي حكمها”.

ويضيف العويوي أن حماس “حركة تحرر وطني راسخة في وجدان الشعب الفلسطيني وجزء أصيل منه، وليست نفقا أو بناية يتم القضاء عليها”.

ويعلق أسعد العويوي أن أصحاب مشروع الإدارة البديلة “يستبقون الأحداث، فنتيجة المعركة هي التي ستحسم الأمور، وليس بوسع الولايات المتحدة ولا إسرائيل ولا القوى الغربية إنهاء روح المقاومة عند الشعب الفلسطيني، أو تنصيب إدارة لقطاع غزة”.

وعن التصريحات الأمريكية، يعتبر العويوي أنها جزء من الحرب النفسية على الشعب الفلسطيني، وغير مسلم بها، وأنها مجرد محاولة للدفاع عن مصالحها المتآكلة في المنطقة، مضيفا أن الولايات المتحدة تقرر وحدها في ظل عالم متعدد الأقطاب.

ويستبعد العويوي “تورط أي دولة عربية في مسألة إدارة غزة بعد هذا الدم الذي سال والتضحيات، فالشرعية الوحيدة هي لمن يدافع عن الشعب الفلسطيني والذي يقدم الدماء والأرواح، والحكم يجب أن يتوافق عليه فلسطينيا”.

كما يستبعد المحلل الفلسطيني انجرار السلطة إلى مربع المشاريع الأميركية والإسرائيلية، ولا يعتقد أن أي أحد في الشعب الفلسطيني يقبل على نفسه أن يذهب على ظهر دبابة أميركية إسرائيلية للحكم، ولا أن حركة فتح تقبل ذلك أيضا.

ويشير المحلل ذاته إلى أن قوى إقليمية لها مصالح مع المقاومة “باتت تُظهر مواقف قوية” مشيرا إلى زيارة وفد حركة حماس إلى روسيا مؤخرا “فروسيا لها موقف متطور ومنحاز للشعب الفلسطيني وقضيته وحريته أكثر من أي وقت سابق”.

وذكر العويوي أن روسيا والصين تتحدثان بقوة عن ما بعد الحرب وضرورة إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، معتبرا أن هذا المشهد يأتي نتيجة التضحيات الجسام للشعب الفلسطيني، وتقارب مواقف قواه السياسية بإقامة دولة وفق قرارات الشرعية الدولية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *