تفاصيل خطة طوارئ لبنانية تحسبا لتوسع الحرب

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

 بيروت- بحذر شديد يترقب لبنان مسار العدوان الإسرائيلي على غزة وسيناريوهات توسع الحرب نحوه وشكل المرحلة التي ستلي أول خطاب لأمين عام حزب الله حسن نصر الله بعد عملية “طوفان الأقصى” غدا الجمعة، مع استمرار المواجهات بين الحزب وجيش الاحتلال على طول الشريط الحدودي.

في هذا الوقت تنهمك السلطات اللبنانية بمناقشة “خطة الطوارئ الوطنية” التي أعدتها حكومة تصريف الأعمال، ووضعت هدفا لها وهو حماية المواطنين من تداعيات عدوان إسرائيلي واسع وتأمين مستلزماتهم وإغاثتهم في حالة حصول تهجير قسري واسع من ديارهم إلى أماكن أكثر أمانا في لبنان.

وبينما يتصاعد سجال القوى السياسية بشأن دور الدولة في منع انزلاق لبنان للحرب بدل وضع خطط لمعالجة تداعياتها، تواجه خطة الطوارئ عقبات كبيرة، خصوصا في مصادر تمويلها، وفي ظل انهيار البنى التحية وتفاقم الأزمة الاقتصادية.

وعمليا، تستند الخطة إلى معايير وافتراضات مستوحاة من تجربة عدوان يوليو/تموز 2006، وستنفذ تحت إدارة “اللجنة الوطنية لتنسيق مواجهة الكوارث والأزمات الوطنية لدى رئاسة مجلس الوزراء” و”لجنة التنسيق مع المنظمات الدولية” و”وحدة إدارة مخاطر الكوارث”.

مضمون الخطة

بحسب نصها، تتعاطى الخطة مع ما قد ينجم عن العدوان الإسرائيلي وفق الافتراضات المستوحاة من حرب 2006 وهي كالتالي:

  • تهجير قسري لمليون لبناني لفترة تمتد على مدى 45 يوما.
  • الحاجة إلى مراكز إيواء جماعية تستوعب 20% من النازحين، أي نحو 200 ألف شخص.
  • الضغط على القطاع الصحي وتأمين المستلزمات الإنسانية للنازحين في مراكز الإيواء.
  • حصار بحري وجوي.

كذلك، تنظر الخطة إلى مقاربة حاجات 3 فئات من اللبنانيين، هم: النازحون اللبنانيون في مراكز الإيواء، والنازحون اللبنانيون في شقق ومنازل خاصة، والمجتمع اللبناني المضيف.

وأي حرب محتملة ستختلف ظروفها عن 2006، خصوصا أن واقع اللجوء من أكبر تحديات لبنان، وبينما يوجد نحو 174 ألف لاجئ فلسطيني يتوزعون على 12 مخيما يناهز عدد اللاجئين السوريين أكثر من 1.5 مليون نسمة.

ولا تزال الحكومة عاجزة عن تنفيذ خطة عودة السوريين إلى بلدهم في ظل الرفض الدولي لها وعدم تجاوب النظام السوري مع مقترحات العودة.

لذا، تتضمن الخطة مقاربة 3 فئات سكانية أخرى بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المختصة لدعم هذه الفئات، وهي: اللاجئون الفلسطينيون مع الأونروا، اللاجئون السوريون مع مفوضية اللاجئين، والعمال الأجانب مع منظمة الأمم المتحدة للهجرة.

وعلى وقع اتساع المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال تحدثت مؤخرا المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح نحو 29 ألف شخص في لبنان جراء التصعيد في المنطقة الحدودية.

كما أفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين السوريين بوجود نحو 59 ألفا و159 لاجئا سوريا في الجنوب مسجلين لديها، فيما العدد الفعلي هو أضعاف ذلك، لأن المفوضية توقفت عن تسجيل اللاجئين منذ 2015.

وعليه، انقسمت الاستجابة في الخطة إلى 8 قطاعات، وكل منها تحت إشراف الوزارة المختصة، وذلك بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وأهمها اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والمفوضية العليا للاجئين وبعض شركاء هذه المنظمات على الأرض.

وتركز الخطة على سبل توفير واستدامة الوقود والمياه والاتصالات والكهرباء وسلامة الطرق وكيفية ضمان سير عمل وتنقّل فرق الإسعاف والدفاع المدني والإغاثة.

نزوح نحو 29 ألف شخص في لبنان جراء التصعيد بالمنطقة الحدودية (الجزيرة)

التحدي الأكبر

يتفاقم القلق على قدرة استجابة القطاع الصحي في لبنان للمتضررين والجرحى إذا ما وقعت الحرب، خصوصا أنه يعاني الترهل وتراجع مستوى الخدمات والتجهيزات والنقص بالأدوية بفعل الأزمة الاقتصادية والمالية، مقابل هجرة واسعة سجلها في صفوف الأطباء والممرضين منذ تفاقم الانهيار.

وشارك وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض بوضع “خطة الطوارئ”، ويرفض الانتقادات التي تصفها بالحبر على الورق نظرا لقلة الموارد وضبابية التمويل.

ويقول الأبيض في حديث للجزيرة نت إن الحكومة كانت لديها مبررات عدم وضع خطة باعتبارها في وضع تصريف الأعمال وتواجه مصاعب بالتمويل “لكنها أرادت تحمل مسؤولية أمام الشعب اللبناني نظرا للمخاطر الكبيرة التي تهدده من الجبهة الجنوبية”.

وأضاف أن التركيز ينصب على مدى استجابة القطاع الصحي في الحرب، حيث لدى وزارته خطة لاستقبال الجرحى والنازحين من قرى وبلدات الشريط الحدودي الذي يحتاجون إلى خدمات طبية، مما دفع الوزارة لتفعيل خط ساخن لهم.

ويفيد الأبيض بأن الحكومة رصدت لوزارته 11 مليون دولار، بالإضافة نحو 12 مليونا من قرض البنك الدولة، ويعود إلى تجربة 2006 حين ناهز عدد جرحى الحرب نحو 11 ألفا، وتكبدت وزارة الصحة حينها لعلاجهم نحو 4 ملايين دولار.

وبشأن المستشفيات، يشير الأبيض إلى أنه جرى تقسيمها إلى 3 فئات: المجهزة، ومتوسطة التجهيز، والضعيفة.

وتحدث الأبيض عن جاهزية كاملة لنحو 40 مستشفى بشكل كامل لمخاطر الحرب، وعن رفع جاهزية الأطباء والممرضين، إضافة إلى التعاون مع مفوضية اللاجئين ووكالة الغوث (أونروا) للاستجابة الطبية للاجئين.

وزير الصحة اللبناني يؤكد عدم وجود إصابات جديدة بفيروس كورونا
وزير الصحة اللبناني يؤكد جاهزية 40 مستشفى بشكل كامل لمخاطر الحرب (الجزيرة)

معوقات التمويل

ولم تأتِ الخطة على ذكر قيمة الأموال المرصودة لها، وناقشت الحكومة الشق التمويلي دون حسم إشكالية قيمته ومصادره.

ووسط ترجيح خبراء أن تعجز الدولة عن توفير التمويل اللازمة إذا ما وقعت الحرب -سواء من خزينتها أو من الجهات والمنظمات الدولية- تشير المعطيات إلى مساعي وزارة المالية لفتح اعتماد بقيمة تناهز مليوني دولار.

وفي السياق، تعتبر ديانا منعم الخبيرة في السياسات العامة والمديرة التنفيذية لـ”كلنا إرادة” (مجتمع مدني) بأن “خطة الطوارئ” من حيث الشكل تعتمد الخطوات الأساسية فقط بأي مكان في حالة الحرب، فيما “لم تعكس تقدير مستوى الحرب وحجم تداعياتها المحتملة”.

وفي حديث للجزيرة نت، تعتبر المتحدثة أن عدم ذكر الخطة لأرقام الأموال التي تحتاجها كان لافتا، مقابل التداول بشأن حاجتها إلى نحو 400 مليون دولار.

وتقول “من الغريب أن تعلن الخطة اعتمادها المرتقب على خزانة الدولة والمنظمات الدولية، في حين لم تحصل من الأخيرة على وعود مؤكدة لجهة استجابتها، وسط الانقسام العالمي سياسيا بشأن هذه الحرب وتخفيض مخصصاتها للبنان منذ فترة”.

وتذكر أنه في موازنة 2024 بالكاد يمكن للإيرادات أن تغطي النفقات “أي ثمة صعوبة كبيرة بالاعتماد على الخزينة، وهو ما قد يحيل إلى طبع الليرة في مصرف لبنان المركزي أو المس بالاحتياطي لديه”.

ومن وجهة نظر منعم فإنه من الصعب الاعتماد على خطة دون مصادر تمويل مضمونة وواضحة، وفي ظل انهيار الاقتصاد والقطاع المصرفي، ذلك أن لبنان 2023 في وضع أسوأ بكثير من لبنان 2006 وفقا لها، و”هو لا يملك أدنى مقومات الصمود خارج المنطق العسكري، مما قد يجعل مصيره قاتما إذا ما شنت إسرائيل عليه عدوانا مدمرا شبيها بعدوانها على قطاع غزة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *