قالت الباحثة السياسية ليلى سورات إن الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مجمعون على دعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رغم عدد القتلى الفلسطينيين، وهم يرحبون بما يعتبرونه نصرا تاريخيا على إسرائيل، ولا يبالون كثيرا بالإدانة الغربية لها.
وأوضحت الباحثة -في مقال لها بصحيفة لوموند- أن كل الفلسطينيين يرون عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بمثابة رد منسق على الهجمات التي يتعرضون لها بشكل يومي وعلى مدار تاريخ الاحتلال، مشيرة إلى أن القصف المتواصل لقطاع غزة، فضلا عن قصف العديد من المستشفيات، أدى إلى تشويه صورة إسرائيل أكثر وكذلك صورة حلفائها الغربيين ومن يقيمون علاقات معها من العرب.
وتابعت الباحثة أن تطور حماس منذ عام 2013، وتحديدا منذ وصول يحيى السنوار إلى رئاسة مكتبها السياسي في غزة عام 2017، تجنبت الحركة في خطاباتها أي هوية حزبية أو حتى دينية للتحدث باسم جميع الفلسطينيين.
ورأت الكاتبة أن وضع الأمر “الزجري” باعتبار حماس إرهابية كشرط أساسي لأي نقاش على أجندة الإعلام السياسي لا يسهم في فهم طبيعة هذا الفاعل السياسي الذي هو حركة اجتماعية وجماعة مسلحة وفاعل حكومي في الوقت نفسه، ولا في فهم أسباب صعوده الذي لا يقاوم، إذ أصبحت حماس هي التجسيد الحقيقي للمقاومة التي تشكل بالنسبة للفلسطينيين عنصرا أساسيا في هويتهم.
وقد عمدت حماس على إثر الانقلاب في مصر عام 2013 -حسب تعبير الكاتبة- إلى إعادة التقييم الإستراتيجي للحركة، وأعطت الأولوية لإقامة علاقات جيدة مع هذا البلد رغم مناهضته للإخوان المسلمين، في الوقت الذي وجدت فيه القاهرة من مصلحتها التعاون مع حماس لضمان أمن سيناء، وقد دفعت علاقات حسن الجوار هذه، إلى إزالة حماس من قائمة مصر للمنظمات الإرهابية، وترك حماس ذكر ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين في “وثيقة المبادئ والسياسة العامة” التي نشرتها عام 2017.
والتطور الآخر الذي ميز مرحلة ما بعد 2013 هو رغبة حماس في الانفصال عن المؤسسات الفلسطينية الرسمية، حيث تركت حماس للسلطة مسؤولية تشكيل الحكومة وحدها، وقد عارض قائد حماس يحيى السنوار إنشاء دولة صغيرة في غزة، ودعم التوقيع على مصالحة مع حركة فتح بالقاهرة في خريف 2017.
وأتاحت “مسيرات العودة” التي أجبرت إسرائيل على منح تنازلات لحماس، للحركة الحصول على زيادة في المساعدات دون انقطاع، وبدأت بمحاولة جمع كافة الفصائل الفلسطينية تحت راية مشتركة، وكانت عملية “سيف القدس” عام 2021 هي التي مكنت الحركة من الظهور كمدافع عن المسجد الأقصى، وجمع مختلف الفصائل الفلسطينية في نضال مشترك.
وعلى عكس الانتفاضتين الأوليين، أصبحت الانتفاضة الآن فلسطينية، وحل العلم الفلسطيني محل علم حماس في موقع كتائب القسام، وأعلن المتحدث باسم الكتائب أبو عبيدة أن “غزة والقدس والضفة الغربية وفلسطينيي 1948 ليسوا سوى جسد واحد، ووطن واحد، يتقاسمون مصيرا واحدا ومقاومة واحدة”.
وخلصت ليلى سورات إلى أنه ينبغي إعادة تقييم الفكرة القائلة بأن إسرائيل فضلت عن عمد صعود حماس، لأن الدعم الذي تلقته حماس ليس نتيجة لإستراتيجية جيدة نفذتها المؤسسة الإسرائيلية بقدر ما هو نتيجة لتسريع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس وإسرائيل والهجمات ضد الفلسطينيين والأماكن المقدسة، وبالتالي فإن صعود حماس ينبغي أن ينظر إليه في مرآة المشروع السياسي الإسرائيلي المتهاوي.