لاكروا: بعد اعتناق أبنائهم الإسلام.. آباء مذهولون يبحثون عن إجابات

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

بين الخوف من الإسلام والأحكام المسبقة ومحاولات الحوار، يصاب الآباء الكاثوليك الذين يعتنق أطفالهم الإسلام بالذهول، وقد نظمت أبرشية كريتيل بفرنسا أمسية يوم الخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري لمحاولة دعم بعض هذه العائلات.

هذا ما مهدت به الكاتبة بصحيفة لاكروا (ومعناها الصليب) جولييت فينوت دي فوبلان تقريرا لها، أوردت فيه قصص بعض هؤلاء الآباء، وأبرزت فيه أن هدف الأبرشية من هذا اللقاء هو توفير مكان يتحدث فيه الآباء الذين يمرون بالتجربة نفسها ويتبادلون الآراء حول ما ينبغي فعله خصوصا في ظل السياق الحالي حيث “تسود المخاوف والارتباك بشأن الإسلام”، على حد تعبيرها.

وتبدأ لاكروا، وهي صحيفة مسيحية، بقصة ماغي التي تقول إن ابنها ولد كاثوليكيا، لكن عند بلوغه العشرين من عمره أخبر أمه أنه يفكر في تغيير دينه إما إلى البوذية وإما الإسلام، فتمنت ألا يصبح مسلما، إذ كانت تربط هذا الدين بالعنف، كما تقول.

ولذلك، عندما علمت أنه تحوّل إلى الإسلام، قالت إنها شعرت بأنها “تدمرت”، وإن كانت اليوم تتقبل هذا الأمر، كما تقول.

وقد شارك في هذه الأمسية حوالي 10 كاثوليك من فال دو مارن استمعوا باهتمام إلى ماغي، إذ أثارت شهادتها ما ينتاب مثل هؤلاء الآباء من مخاوف وما يخطر على بالهم من أحكام مسبقة عند سماع تحول ابنهم إلى الإسلام.

ويقول التقرير إن هناك تنوعا في المهتدين إلى الإسلام من حيث الجنس والمهنة والالتزام الديني، وإن النقطة المشتركة بينهم هي أن هذا التحول يحدث في معظم الوقت في سن 20 عاما تقريبًا.

ردود الفعل

وعن ردود الأفعال الأولية، تقول لاكروا إن الأمر بالنسبة للعائلة يكون دائمًا مفاجئا، بل صادما في بعض الأحيان، إذ إن بعض هؤلاء الكاثوليك الممارسين الذين تحول أبناؤهم إلى الإسلام صار لديهم شكل من أشكال الشعور بالذنب لعدم نجاحهم في نقل إيمانهم إلى أطفالهم، وهنا تورد الصحيفة قصة عرازيليا الكاثوليكية المتدينة المنخرطة في “رعيتها”، إذ لاحظت أن ابنتها بدأت وهي لم تتجاوز 16 عاما بارتداء “العباية” في الشارع الربيع الماضي.

وفور اكتشاف الأمر، ومن دون أن تحاول الفهم، تعترف هذه الأم بأنها كان لها رد فعل “وحشي”: “انتظرتها لتعود من المدرسة إلى البيت ورميت كل شيء، باستثناء القرآن بالطبع، قمت بإخفائه”، وهنا تتدخل أم أخرى هي جويل لتنتقد ردة الفعل هذه غير المحسوبة، حسب رأيها وينضم لها زوجها ليحكيا قصة ابنتهما سيلين، البالغة من العمر الآن 47 عامًا، وكانت قد اعتنقت الإسلام قبل 25 عامًا.

وتسأل جوييل غرازيليا “هل أخبرتك ابنتك المراهقة أنها فعلت ذلك باختيارها أم أنها إنما كانت تحاكي صديقاتها؟” لتجيبها غرازيليا بأنها لم تذهب لحد طرح مثل هذا السؤال على ابنتها، إذ إنها لا يمكن أن تتصور أن يتحول أحد إلى هذا الدين في سن 16 عاما إن لم يكن قد انغمس فيه بشكل حقيقي.

وهنا يوضح ميشيل فاغو، الشماس والمسؤول عن العلاقات مع المسلمين في أبرشية كريتيل، بعض المفاتيح لفهم الدين الإسلامي لمساعدة المشاركين على إدراك الرحلة الروحية لأطفالهم، مشددا على أنها كافية لطمأنتهم ودفعهم للدخول في حوار مع أبنائهم و”قياس مدى جدية توجههم”.

اختلال العادات

وبعيدًا عن المخاوف، تقول لاكروا إن التحول إلى الإسلام ينطوي أيضًا على تغيير في نمط الحياة، مما يؤثر على الأسرة بأكملها، وتخص هنا مسألة الوجبات، إذ يسعى آباء المهتدين إلى التكيف مع العادات الغذائية الجديدة لأبنائهم، ويبدؤون في اكتشاف اللحم الحلال، وقد يتوقف البعض عن شرب الكحول في حضور أبنائهم.

لكن، بعض التوترات ربما تحصل في الأسر، إذ يقول إريك وفيرونيك، وهما زوجان حضرا هذه الأمسية، إنهما اضطرا للتخلي عن الطاولات العائلية الكبيرة، لأن زوجة ابنهما المتحول إلى الإسلام ترفض إزالة حجابها أمامهما، مما يتسبب أحيانا في خيبة الأمل أو حتى الغضب، لكن يجب ألا يؤدي ذلك إلى قطيعة مع الابن، حسب ما أجمع عليه من حضروا الأمسية.

 

الاهتمام بكبار السن

وهناك أمور جيدة لدى المهتدين إلى الإسلام يمكن للآباء والأجداد أن يقدروها، إذ تقول جويل “بمجرد أن نمرض أو نواجه مشكلة تأتي سيلين وزوجها لمساعدتنا”، موضحة أن الدين الإسلامي يولي اهتمامًا خاصا بكبار السن، وخاصة الأمهات، “أحيانًا أقول لنفسي إن هذا هو ما يساعدنا على الاستمرار”.

ومن المفارقات أن بعض الحاضرين ذكروا أن رحلة أطفالهم الروحية دفعتهم هم أيضًا إلى أن يكونوا “أكثر مسيحية”، فتحول سيلين، مثلا، منح جاك وجويل فرصة لمناقشات جديدة حول الطريقة التي يحرك بها الإيمان حياتهما، أو حتى مفاهيم العدالة والتضامن، وقد يؤدي النقاش إلى مزيد من الانفتاح بين الآباء وأبنائهم المهتدين.

الحوار الحقيقي بين الأديان

يريد الشماس ميشيل فاغوت أن يكون مطمئنًا، ويصر على أن ما يعيشه هؤلاء الآباء مع أطفالهم ليس سوى “حوار حقيقي مع المسلمين”، حوار بين الأديان على مستوى الأسرة، قد يكون صعبا أحيانًا ولكنه قد يكون مثمرًا، فهو عملية تستغرق وقتا ولا توجد لها وصفة جاهزة. ولكن هذا التحول هو أيضًا فرصة لنصبح أكثر تسامحًا، حسب رأي الحاضرين للأمسية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *