قلّل ضيفَا حلقةِ برنامج “ما وراء الخبر” من أهمية تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن تشكيل قريب لـ “عالم متعدد الأقطاب”، وأكدا أن ما تسعى إليه روسيا هو ثنائية قطبية مع الصين.
واتهم لافروف -في كلمة له اليوم في معهد موسكو للعلاقات الدولية- واشنطن وحلفاءها، بالسعي للتحكم في العالم عبر فرض نظام القطب الواحد على الجميع. وأكد لافروف أن ما سماها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعطت دفعة قوية لما وصفها بالحركة العالمية لإحلال العدالة والتعددية في العالم، وحذر من احتمال وقوع صدام مع الغرب، بسبب محاولته تعطيل ذلك التوجه.
وقال الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن الدكتور حسن منيمنة إن العالم يتجه بالفعل لتشكيل نظام عالمي جديد بشكل تلقائي، ولكن كلام لافروف لا يعتد به، وهو نوع من “المشاغبة” الروسية، مؤكدا أن التوقعات تشير إلى أن العالم يتجه نحو ثنائية قطبية بين روسيا والصين وليس نحو تعددية قطبية، ولكنه أوضح في نفس الوقت أن الصين لا تتحدث عن هذه التعددية.
ورأى أن روسيا تسعى إلى الاستفادة من الصعود الصيني كما استفادت من الوضع السوري لإعادة تموضعها في منطقة الشرق الأوسط.
وفي السياق نفسه، ذهب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبد الله الشايجي، بقوله إن حديث لافروف عن التعددية القطبية هو عبارة عن بروباغاندا روسية، وإن الأميركيين أنفسهم يتحدثون عن نظام متعدد الأقطاب يجري تشكيله، في ظل صعود دول وتراجع الولايات المتحدة الأميركية كقوة عظمى خلال السنوات الأخيرة.
وتابع الشايجي -في حديثه لحلقة (2023/9/1) من برنامج ” ما وراء الخبر” – أن روسيا تريد أن تقدم نفسها للعالم على أنها الضحية وهي وحدها من تهاجم الغرب وهيمنته، ولكنها في الواقع هي من هاجمت أوكرانيا ولا يمكنها، بسبب وضعها الاقتصادي الصعب، أن تقدم نفسها نموذجا مقنعا لتكون راعية التعددية القطبية التي تتحدث عنها.
وأشار إلى أن الهدف الإستراتيجي للولايات المتحدة هو منع أي تحالف روسي صيني ليكون هو محور التعددية القطبية.
تكتل غير متجانس
وبشأن مجموعة “بريكس” (BRICS) التي يقول أصحابها إنها تهدف لكسر الهيمنة الغربية على العالم، أوضح الشايجي أن هذا التكتل الاقتصادي غير متجانس ولا يمكن أن يكون نموذجا، ولا يشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي، مشيرا إلى أن هذا التكتل قد يكون لافتا للدول النامية، غير أن آلية وشروط انضمام الدول إليه غير مقنعة.
كما تحدث عن رغبة الولايات المتحدة في إعاقة الصين ومنعها من أن تكون قوة منافسة تؤثر على الهيمنة الغربية، وبالتالي منع النموذج الصيني الشيوعي ليكون هو النموذج المسيطر في العالم.
أما الدكتور منيمنة فرأى أنه من الخطأ اعتبار بريكس وكأنه إعادة إنشاء لكتلة مواجهة للغرب على غرار ما كانت عليه الكتلة الاشتراكية، فبالإضافة إلى عدم تجانس مكونات هذا التكتل، هناك تداخل بين مكوناته، مبرزا أن الهند مثلا هي جزء من الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وأستراليا واليابان المطوقة للصين، وفي الوقت نفسه هي إلى جانب الصين في بريكس.
غير أن ضيف برنامج ” ما وراء الخبر” شدد على مسألة أن الدول الأخرى على غرار السعودية من حقها أن تنوع شراكاتها وتحالفاتها مع قوى ودول أخرى.
ويذكر أن دول “بريكس” وجهت في ختام أعمال القمة الـ15 في جنوب أفريقيا يومي 22 و24 أغسطس/آب الماضي، الدعوة إلى 6 دول للانضمام إلى التكتل ابتداء من عام 2024، وتضم كلاً من السعودية، والإمارات، ومصر، وإثيوبيا، وإيران، والأرجنتين.