يتفق خبراء ومحللون على أن معركة “طوفان الأقصى” أحدثت زلزالا سياسيا وصدمة كبيرة داخل إسرائيل، جعل المزاج العام ينقلب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ويميل نحو ما يعرف بـ”حزب المعسكر الرسمي” بقيادة بيني غانتس.
وحسب استطلاع للرأي أجرته صحيفة معاريف الإسرائيلية، فقد رأى 48% من الإسرائيليين أن غانتس هو الأكثر أهلية لتولي رئاسة الحكومة في الوقت الحالي، مقابل 28% لصالح نتنياهو.
وفي قراءته لنتائج هذا الاستطلاع، أشار الخبير بالشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى -في المحطة التحليلية اليومية للجزيرة والخاصة بالتطورات الدامية الجارية في غزة- إلى أن موضوع الأمن هو العامل الأهم في تفكير الإسرائيليين، وبعد معركة طوفان الأقصى سقطت أسطورة الأمن لديهم، ولذلك باتوا يعتقدون أن المعسكر الرسمي هو منقذهم الأمني، مؤكدا أن الإسرائيليين يرون أن هجمات المقاومة الفلسطينية تهدد أمنهم ووجودهم أيضا.
ومن جهته، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن نتنياهو هو صاحب كتاب “مكان تحت الشمس” وهو العقيدة الإسرائيلية الجديدة التي تربط الأرض بالعقيدة، وهو أمر خطير، وهو أيضا لا يعترف بوجود شعب فلسطيني ولا دولة فلسطينية، وحدود فلسطين هي حدود وعد بلفور.
ولم يستطع نتنياهو -يضيف الدويري- بعقيدته هذه أن يحمي الشعب الإسرائيلي، متوقعا أن يتوجه هذا الأخير بسبب الضربة التي تلقاها من المقاومة الفلسطينية نحو اليسار.
ويذكر أن نتنياهو يحاول استثمار واقع ما بعد طوفان الأقصى، مستفيدا من إعلان قيادات معارضة ضرورة التوحد في مواجهة ما جرى، لكن أصواتها ارتفعت تحملّه مسؤولية ما وصف بالإخفاق الكبير، بل تدعوه إلى الاستقالة.
“دافع انتقامي لدى الإسرائيليين”
وبشأن ما أظهرته نتائج استطلاع صحيفة “معاريف” من أن 65% من المستطلع عن آرائهم يؤيدون عملية برية واسعة النطاق في قطاع غزة، قال الخبير بالشأن الإسرائيلي إن الدافع الانتقامي من غزة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) هو الذي يحرك الإسرائيليين، ولذلك يدعمون موقف الجيش والحكومة، رغم عدم وجود أي أفق سياسي واضح.
وأضاف أن فكرة الحرب يتم تمريرها دون نقاش موضوعي وعقلاني لنتائج وتداعيات هذه الحرب، مشيرا إلى أن أي احتجاج أو أي موقف أخلاقي يطالب بوقف الحرب يتم قمعه.
ومن وجهة نظر الخبير العسكري فايز الدويري، فإن نتيجة الاستطلاع تثبت أن شعب إسرائيل لا يزال يؤمن بأن حكومته قادرة على حمايته، بالنظر إلى أن إسرائيل خاضت 7 حروب، وانتصرت فيها بشكل أو بآخر.
وفي قراءته للمشهد الإسرائيلي على ضوء معركة طوفان الأقصى وتداعياتها، ركز الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن على سياسة نتنياهو وفشلها الذريع -كما قال- من الناحية السياسية والاستخباراتية، مؤكدا أن نتنياهو يرفض إعلان مسؤوليته عن هذا الفشل، ويرفض التحدث للصحفيين.
وقال إن نتنياهو يبعد عن نفسه المشاكل ويتهم الآخرين، واصفا أسلوبه بالسيء جدا، وطالب بمحاسبته وبأن يستقيل من منصبه.
وخارج الموضع الإسرائيلي الداخلي، تحدث الخبير العسكري الدويري عن الخطوة التي أقدمت عليها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بإطلاق سراح محتجزتين أميركيتين لـ”دواع إنسانية” استجابة لجهود وساطة قطرية.
وقال إن حركة حماس تقدم مقاربة إنسانية على العالم أن يلتقطها، مؤكدا أن أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام كان قد تحدث في كلمته الأخيرة عن الجنسيات الأخرى من الأسرى الذين تحتجزهم الكتائب، وقال إنهم ضيوف، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب.