مع تسبب الغارات الجوية الإسرائيلية في القضاء فعليا على الوصول إلى الإنترنت في قطاع غزة خلال عطلة نهاية الأسبوع، كانت إحدى الشركات الإعلامية في أوروبا تدفع بمبادرتها الخاصة للحد من الأخبار عبر الإنترنت، حول الضحايا المدنيين في فلسطين.
فقد ذكر الصحفي بموقع “إنترسبت” الأميركي دانيل بوغوسلو أن “أبداي”، وهو أكبر تطبيق لتجميع الأخبار في أوروبا، أصدر توجيهات لتلوين تغطية الشركة للحرب في غزة بمشاعر مؤيدة لإسرائيل، وفقا لمقابلات مع الموظفين ووثائق داخلية حصل عليها الموقع.
وأشار الكاتب إلى أن القيادة في أبداي، وهي شركة تابعة لشركة النشر العملاقة أكسل سبرينغر ومقرها ألمانيا، أصدرت تعليمات لإعطاء الأولوية للمنظور الإسرائيلي، وتقليل الوفيات الفلسطينية بين المدنيين في التغطية، وفقا للموظفين.
وقال أحد الموظفين للموقع، “لا يمكننا دفع أي شيء يتعلق بعدد القتلى أو الضحايا الفلسطينيين، دون إبراز معلومات حول إسرائيل في مكان أعلى في القصة”، مشيرا إلى دفع الإخطارات والتنبيهات المرسلة إلى ملايين الهواتف.
انزعاج واسع النطاق
وقال الموظفون، الذين طلبوا عدم إفشاء هُويتهم لحماية أرزاقهم، إن هناك انزعاجا واسع النطاق في جميع أنحاء الشركة بشأن هذه التحركات.
ومن جانبها قالت جوليا سومرفيلد، ممثلة شركة أكسل سبرينغر، “نحن نرفض بشدة الادعاءات غير المباشرة التي تقدمونها. ولم نوجه صحفيينا إلى تجاهل الضحايا المدنيين في غزة، ولم نطلب من محررينا التلاعب بالتغطية الإخبارية، ولم تشارك إدارة الشركة في أي قرارات تحريرية، حيث تستند المبادئ التوجيهية التحريرية لموقع أبداي إلى المبادئ الصحفية وأساسيات أكسل سبرينغر، (المتاحة للعامة)، في إشارة إلى بيان قيم الشركة.
ووفقا للموظفين، كان التقدير الكبير الذي يكنّه كبار مسؤولي أبداي لإسرائيل واضحا في الاتصالات اليومية، كما في تطبيق سلاك الخاص بالشركة، حيث يظهر علم إسرائيلي بجانب الصورة الرمزية للرئيس التنفيذي لشركة أبداي توماس هيرش. (لكن موقع أبداي لم يستجب لطلب إنترسبت المباشر للتعليق).
وتعقيبا على ذلك قالت أحلام محتسب، أستاذة الدراسات الإعلامية في جامعة ولاية كاليفورنيا، عندما سُئلت عن توجيهات أبداي الداخلية، “هناك حملة إعلامية سخيفة للغاية لرفض وإخفاء أي تعاطف فلسطيني وإخفاءه”. مضيفة “إن رواية الضحية الإسرائيلية الأحادية الجانب تتطلب موافقة المؤسسات الإعلامية والحكومة الأميركية نفسها”.
وحسب الموظفين الذين قابلتهم إنترسبت، فإن أبداي، في توجيهاتها، حذرت موظفيها من نشر أي عناوين يمكن أن “يُساء فهمها” على أنها مؤيدة للفلسطينيين. وكان من المقرر صياغة التعليقات التي أدلى بها الساسة الإسرائيليون التي تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، بلغة تؤكد حجم ووحشية هجمات حماس على إسرائيل. وكان من بين التوجيهات، عدم الاستشهاد بالجماعات الفلسطينية المسلحة في العناوين الرئيسة.
دعم الشعب اليهودي
وحسب الموظفين -أيضا-، فقد أعطت الشركة تعليمات -تماشيا مع بيان “أساسيات” مهمة ألكس سبرينغر- لدعم الشعب اليهودي، وحق إسرائيل في الوجود.
ولفت إنترسبت إلى أن تطبيق أبداي، صدر لأول مرة في 2016، ويخدم أكثر من 30 دولة. ويضم عشرات الملايين من المستخدمين، بفضل صفقة مع شركة سامسونغ تحمّله مسبقا على أجهزتها.
وتنشر شركة أكسل سبرينغر الصحف الألمانية؛ مثل: بيلد ودي فيلت والصحيفة الشعبية البولندية فاكت، من بين العديد من العناوين الأوروبية الأخرى. وفي الولايات المتحدة تمتلك الشركة حصة أغلبية في موقع الأخبار إنسايدر وأشترت بوليتكو في 2021.
وختم إنترسبت بما قالته أحلام محتسب، إن موقف الدولة الألمانية الفج المؤيد لإسرائيل، يمكن أن يؤدي دورا في تشكيل خط أكسل سبرينغر الداعم لإسرائيل، مستشهدة بـ “قرار الحكومة الألمانية بتجريم حركة بي دي إس -حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل لانتهاكها الحقوق الفلسطينية- “والخطاب الداعم للفلسطينيين، والمساواة بين أي نقد مناهض للصهيونية بمعاداة السامية”.