يعاني الاقتصاد الفلسطيني الأمرين، سواء في قطاع غزة المحاصر أو في الضفة الغربية المحتلة، في حين يعيش الإسرائيلي في رغد من العيش وبمعدل دخل مرتفع يزيد على نظيره الفلسطيني 15 ضعفا.
ففي تقرير نشرته صحيفة “لوبس” الفرنسية، أكدت الكاتبة دومينيك نورا أن الحصار المفروض على غزة منذ 17 عاما دمر اقتصادها، في حين يعيش أهالي الضفة الغربية أوضاعا صعبة في ظل العراقيل والإجراءات التي يفرضها الاحتلال.
وذكر التقرير أنه قبل 20 عاما، حذرت المنظمات الدولية (البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”) بشكل جماعي من الخطر الذي يمثله ترك الأراضي الفلسطينية تغرق في الأزمة والفقر.
منذ ذلك الحين، يسير الوضع نحو الأسوأ في كل من الضفة الغربية (3.1 ملايين نسمة بما في ذلك القدس الشرقية) وقطاع غزة (2.2 مليون نسمة). وزادت الأزمة في القطاع عندما فرضت إسرائيل حصارا عليه بعدما سيطرت عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عام 2007.
ففي الشهر الماضي، أكد تقرير للبنك الدولي أن القيود الإسرائيلية “ما زالت من بين أكبر العقبات أمام الاستقرار والنمو وتطوير القطاع الخاص” في فلسطين.
وقبل عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والرد الإسرائيلي بالعدوان على غزة، كان الوضع الاقتصادي للمنطقة مقلقا للغاية.
فبعد فترة قصيرة من التعافي من وباء كورونا (كوفيد-19)، انكمش اقتصاد غزة بنسبة 2.6% في الربع الأول من العام الجاري، ويعود ذلك -وفقا للبنك الدولي- إلى تراجع قطاعات الزراعة والصيد بنسبة 30% بعد قرار إسرائيل أغسطس/آب 2022 تقييد بيع سمك غزة في الضفة الغربية.
اقتصاد يعتمد على المساعدات
في غزة، تنذر جميع المؤشرات بالخطر، مع معدل بطالة بنسبة 45%، ويصل إلى 60% بين الشباب. بالإضافة إلى ذلك، يتلقى 83% من العمال في غزة أجرا أقل من الحد الأدنى. ونتيجة لذلك، يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر. وكان أكثر من ثلثي الأسر في هذا الشريط الساحلي يعاني بالفعل انعدام الأمن الغذائي قبل الأحداث الجارية.
أما الضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، فوضعها أفضل نوعا ما، فالبطالة هناك نسبتها 13%، وانعدام الأمن الغذائي عند مستوى 23%. ولكن اقتصادها، الذي يختنق بسبب نقاط التفتيش والقوانين المتعددة، لا يزال يعتمد تماما على إسرائيل التي تستأثر بـ70% إلى 80% من وارداتها وصادراتها.
وذكرت الكاتبة أن الفلسطينيين لم يتمكنوا من تسيير أمورهم خلال العقود الأخيرة إلا بفضل المساعدات الدولية، بدءا بالاتحاد الأوروبي، الراعي الأول الذي خصص 1.2 مليار يورو في الفترة الممتدة من 2021 إلى 2024. ومع ذلك، تراجعت المساعدات الخارجية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وذلك بسبب غياب بعض الدول الخليجية.
ووفقا لما ذكرته منظمة أونكتاد، تعيش غزة في حلقة مفرغة دائمة، إذ يكتفي المجتمع الدولي بالمساعدات الإنسانية الطارئة وإعادة التأهيل. وفي ظل حالة انعدام الأمن الدائم، من المستحيل بالفعل جذب الاستثمارات الخاصة لتطوير الزراعة، والصيد، والحرف اليدوية، والصناعة أو نشاط الموانئ.
وقد ازدادت الفجوة بين الناتج المحلي الإجمالي للفرد في فلسطين (3 آلاف دولار) وفي إسرائيل (45 ألف دولار).