بعد حرب أوكرانيا.. هل تعزز “طوفان الأقصى” التقارب الروسي الصيني؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

عبد الله آدم

بينما يتحرك الرئيس الأميركي جو بايدن وحلفاؤه لإظهار دعمهم القوي والمتواصل لإسرائيل بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي يستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين في بكين بمناسبة الذكرى العاشرة لمبادرة الحزام والطريق الاستثمارية الضخمة التي أطلقها الرئيس الصيني، والتي تهدف إلى تعزيز النفوذ الدولي لبلاده من خلال ربطها آسيا بالدول الأوروبية والأفريقية.

زيارة الرئيسي الروسي لبكين هي الثانية في أقل من عامين، وذلك عندما شارك في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 قبيل بدء الحرب الأوكرانية.

وكانت المحادثات التي أجريت خلال الزيارة بمثابة انطلاقة جديدة للعلاقات تحددت بموجبها رؤية الرجلين السياسية لنظام عالمي لا تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها حسب تصريحاتهما.

وعلى ضوء ما أفرزته حرب أوكرانيا و”هجوم حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية” على إسرائيل يبدو أن الزعيمين أكثر قربا وقد نحيا جانبا تنافسهما الإقليمي والدولي، ففي حين أظهرت بكين تعاطفا واضحا مع الموقف الروسي في حرب أوكرانيا فقد تقاربت وكادت أن تتطابق وجهتا نظرهما مرة أخرى تجاه الهجوم الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة.

ومن المتوقع أن يطغى هذا الهجوم على القطاع وخطر اتساع نطاقه في منطقة الشرق الأوسط ليكون مادة أساسية على طاولة الرئيسين الصيني والروسي ضيف شرف المنتدى الذي تحضره وفود أكثر من 140 دولة ويستمر يومي الثلاثاء والأربعاء.

وبدأ الزعماء والمدعوون بالوصول إلى العاصمة الصينية لحضور الاحتفال الذي يتوقع أن يجري على هامشه حراك دبلوماسي واسع.

وأعلنت الخارجية الروسية أمس الاثنين وصول وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى بكين قبيل وصول بوتين الذي يقوم بأول رحلة خارجية له منذ إعلانه مطلوبا لدى المحكمة الجنائية الدولية بسبب حرب أوكرانيا.

وقد انتقدت بكين وموسكو تصرفات إسرائيل في ردها على عملية طوفان الأقصى، ودعتا إلى وقف إطلاق النار، في محاولة لخلق موقف يظهر قيادتهما العالمية البديلة للهيمنة الأميركية المنحازة لإسرائيل، مما يراعي التوازن والمصالح في التعاطي مع الأزمات الدولية، خاصة في الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وتعد مبادرة الحزام والطريق من وجهة النظر الصينية أحد عناصر النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي تدعمه بالتوافق مع روسيا، فقد أصدرت الصين “كتابا أبيض عن المبادرة” أكدت فيه أن مبادرة الحزام والطريق لا تستهدف التنمية في الصين فحسب، بل في العالم بأسره، مما يخلق عالما أفضل وأكثر تواصلا.

تقارب وتعاون

وقبيل وصوله وفي مقابلة مع الإذاعة الرسمية الصينية أغدق بوتين الثناء على نظيره الصيني، واصفا إياه بأنه “ثابت وهادئ وعملي وموثوق وزعيم عالمي حقيقي”، وأشاد “بنهجه الفريد في التعامل مع الدول الأخرى بعيدا عن الوصاية أو الإكراه، بل قدم للآخرين الفرص”.

وقد التقى بوتين وشي 40 مرة في العقد الماضي، بما في ذلك مرتان منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

وخلال اجتماعهما السابق في بكين أصدر الزعيمان بيانا مشتركا أعلنا فيه عن صداقة “بلا حدود”، وأكدا على اصطفافهما القوي ضد الغرب.

وكانت الحرب الروسية على أوكرانيا قد وضعت علاقات البلدين على المحك، وبدا موقف بكين المندد بالعقوبات الغربية بمثابة الداعم لروسيا، مما جعل الصين تحت ضغوط غربية شديدة.

وتتهم الولايات المتحدة الصين بمساعدة روسيا اقتصاديا وتزويدها بالتكنولوجيا الأساسية منذ بدء الحرب.

وحاليا، تحاول بكين إظهار الحياد في الصراع بالدعوة للسلام، وكثفت في الأشهر الأخيرة جهودها لكي يُنظر إليها على أنها وسيط سلام محتمل، وهو موقف تتفهمه موسكو، وقالت الخارجية الروسية إنها تقدر “نهج الصين المتوازن”.

وفي الجانب الاقتصادي، شهد العام الماضي نموا كبيرا في التجارة بين البلدين، حيث قفز التبادل التجاري بنسبة 30% إلى 185 مليار دولار، ويتوقع أن يبلغ 200 مليار دولار هذا العام.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن ألكسندر جابيف مدير مركز روسيا أوراسيا في معهد كارنيغي أن الصين تنظر إلى روسيا على أنها جار مأمون الجانب وصديق موثوق ومصدر للمواد الخام الرخيصة، وهذا يدعم مبادرات بكين على الساحة العالمية، كما أن روسيا مصدر أيضا للتكنولوجيات العسكرية التي لا تمتلكها الصين.

وفي المجال الأمني، وسّع البلدان تعاونهما بمزيد من التدريبات العسكرية المشتركة والحوار السياسي وتعميق العلاقات الدبلوماسية على مستوى مجلس الأمن والتواصل المباشر بين الزعيمين.

وفي إطار ذلك، أدى الرئيس الصيني في مارس/آذار الماضي زيارة دولة إلى موسكو، كأول رحلة خارجية مهمة له خلال ولايته الثالثة رئيسا للصين.

موقف روسيا والصين من عدوان إسرائيل

وقال الكرملين إن الرئيس بوتين أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي الليلة الماضية استعداد روسيا للمساعدة في إنهاء المواجهة في المنطقة بالوسائل السلمية، في وقت طرحت فيه موسكو مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يدعو لوقف إطلاق النار، دون الإشارة إلى حماس، حيث شبه المبعوث الروسي للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي القصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة بالحصار الوحشي الذي فرض على لينينغراد خلال الحرب العالمية.

أما الصين فقالت إنها سترسل مبعوثا إلى الشرق الأوسط لتشجيع المحادثات وأدانت “جميع الأعمال التي تلحق الضرر بالمدنيين”، لكنها لم توجه تلك الإدانة صراحة إلى حماس، ولم تذكر الحركة في بياناتها.

وخلال سلسلة من المكالمات الدبلوماسية خلال الأيام الأخيرة قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن تصرفات إسرائيل إنها “تجاوزت نطاق الدفاع عن النفس”.

وفي وقت بدا فيه الغرب متماهيا مع الرواية الإسرائيلية وداعما لها وما قد يتبع ذلك من تداعيات عسكرية وسياسية على فلسطين والمنطقة خطت الصين وروسيا مسارا مشتركا وأكثر تجليا وتباينا مع الغرب، فهل سينعكس ذلك على الساحة الدولية بما يخلق واقعا جديدا أم أن ذلك مجرد حالة طارئة سرعان ما تتلاشى؟

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *