حذر ديفد هيرست -رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” البريطاني- من أن إعادة احتلال غزة وتدمير مجموعة فلسطينية مسلحة واحدة فقط لن يغير الواقع الإستراتيجي للشرق الأوسط، كما تعهدت الحكومة الإسرائيلية بذلك.
ولفت إلى أنه منذ اللحظات الأولى لانطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من غزة، وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدا واحدا لم يُلتفت إليه بالكامل تقريبا عندما، قال لرؤساء البلدات الحدودية الجنوبية إن رد إسرائيل “سيغير الشرق الأوسط”. وقال الشيء نفسه في خطابه لشعبه المذهول “ما سنفعله بأعدائنا في الأيام المقبلة سيتردد صداه معهم لأجيال”.
وأشار الكاتب إلى أنه سبق وهدد بمهاجمة منشآت إيران النووية. كما أنه يريد استئصال حزب الله وحماس، اللتان وصفهما لي ذات مرة عندما كان في المعارضة، بأنهما حاملتا طائرات لإيران.
ومنذ هجوم المقاتلين الفلسطينيين يوم السبت، اعتاد استخدام كلمات تعكس رد الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش على هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وتساءل الكاتب هل يفكر نتنياهو في تسخير الدعم الذي لا مثيل له الذي يحصل عليه حاليا من المجتمع الدولي لحملته ضد غزة لشيء أكبر بكثير، كما فعل بوش في عام 2001؟ وكما ألمح زعيم المعارضة الإسرائيلية بيني غانتس إلى مشروع أكبر بقوله “سننتصر ونغير الواقع الأمني والإستراتيجي في المنطقة”.
نكبة ثانية
ومع ذلك يرى هيرست أن هذا الخطاب قد يكون جعجعة، أي نوعا من الخطاب العدائي المعتاد في سلوك نتنياهو. وقال إن التعهدات بتغيير الشرق الأوسط كثيرا ما أطلقها مسؤولون إسرائيليون وأميركيون سابقون، وقد ثبت أنها مجرد تعهدات جوفاء.
وألمح في ذلك إلى ما كتبه رئيس الوزراء السابق شيمون بيريز في كتابه عن الطريقة التي ستعيد بها اتفاقات أوسلو تشكيل الشرق الأوسط. وإشارة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس إلى “شرق أوسط مختلف” عندما حثت إسرائيل على تجاهل الدعوات لوقف إطلاق النار بعد 11 يوما من قصف حزب الله في جنوب لبنان في عام 2006.
وأردف هيرست متسائلا مرة أخرى، ماذا لو تم التخطيط لمشروع أكبر؟ وما الذي قد يترتب عليه، وما المخاطر التي قد يشكلها على المنطقة جميعا؟
وقال إن الجواب الأول والأوضح يتلخص في نكبة ثانية، أو الطرد الجماعي لنسبة كبيرة من سكان غزة الذين يبلغ تعدادهم 2.3 مليون نسمة، وهو رقم كبير بالقدر الكافي لتغيير القنبلة الديمغرافية الموقوتة التي تقبع في مؤخرة عقل كل إسرائيلي.
وأضاف أن من شأن نكبة ثانية أن تضع أول دولتين عربيتين تعترفان بإسرائيل في مواجهة أزمة وجودية، في الإشارة إلى مصر والأردن، وهو ما قد يهدد قدرة كل نظام على السيطرة على دولته.
ومع ذلك، إذا حكمنا من خلال كلمات القيادة الإسرائيلية وتصرفات طياريها، فإن النزوح الجماعي هو تحديدا ما قد تحاول إسرائيل فرضه في غزة في الوقت الحالي.
حرب إقليمية
وعلق الكاتب بأنه إذا لم يتم إيقاف إسرائيل، فإن المسار الذي ستشرع فيه لن يقتل 2251 رجلا وامرأة وطفلا في غزة -كما كان الحال في التوغل البري في عام 2014- ولكن عشرات الآلاف، وهو معدل إصابات مرتفع بما يكفي ليسبب نكبة أخرى.
ووصف الحال على حدود إسرائيل بأن هناك احتمالا لأن يتطور الأمر إلى حرب إقليمية، حيث تشتعل المشاعر في جميع العواصم العربية. وأشار إلى وجود تقارير موثوقة تفيد بأن جماعة حزب الله بدأت التعبئة العامة.
ويرى هيرست أن الأمر قد ينتهي بإسرائيل إلى حدود مفتوحة، مما يغري بغارات مستمرة من جانب الجماعات المسلحة من لبنان إلى الأردن إلى مصر. وعلى أقل تقدير، ستفقد إسرائيل الهدوء الذي تمتعت به على حدودها الأطول مع الأردن.
وختم مقاله بأنه لا أحد يستطيع تحمل ما يدور في ذهن رجل واحد، نتنياهو، ولا يستطيع أحد أن يتحمل “الصك المفتوح” الذي أعطاه له الغرب لبدء هذه العملية في غزة. وأي حملة في غزة تتطور إلى خطة يمكن أن تغير الشرق الأوسط قد تأتي بنتائج عكسية خطيرة، ولابد من وقفها قبل فوات الأوان.