أعلنت الحكومة البريطانية اليوم الخميس أنها رفعت العقوبات التي كانت مفروضة على وزارتي الداخلية والدفاع في سوريا خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وقالت الحكومة إنها رفعت تجميد أصول عن وزارتي الدفاع والداخلية وعدد من أجهزة المخابرات في سوريا، كانت قد فرضته في عهد الأسد.
ويعيد الغرب النظر في نهجه تجاه سوريا بعد أن أطاحت قوات من المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام بالأسد في ديسمبر/كانون الأول بعد حرب أهلية استمرت أكثر من 13 عاما.
وأظهرت مذكرة نشرتها وزارة المالية البريطانية على الإنترنت أن وزارة الداخلية السورية ووزارة الدفاع وإدارة المخابرات العامة من بين 12 كيانا لم تعد خاضعة لتجميد الأصول.
وفي مارس/آذار، رفعت الحكومة البريطانية تجميد الأصول عن مصرف سوريا المركزي مع 23 كيانا آخر من بينها بنوك وشركات نفط.
وجاء في إشعار حينها على موقع الحكومة البريطانية على الإنترنت أن كيانات، من بينها مصرف سوريا المركزي، والمصرف التجاري السوري، والمصرف الزراعي التعاوني، حُذفت من القائمة ورُفع التجميد عن أصولها.
وكانت الشركة السورية للنفط وشركة أوفرسيز بتروليوم تريدينغ من بين الكيانات المحذوفة من القائمة.
وقبل ذلك، أعلنت بريطانيا عن حزمة مساعدات قيمتها 50 مليون جنيه إسترليني (63 مليون دولار) لمساعدة سوريا.
وقالت لندن -في بيان- إن 30 مليون جنيه إسترليني من تلك المساعدات ستوفر “مساعدة فورية لأكثر من مليون شخص تشمل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية الطارئة والحماية”.
ودعا الرئيس السوري أحمد الشرع مرارا إلى رفع العقوبات التي فرضها الغرب لعزل الأسد عالميا في أثناء الحرب الأهلية.
فوائد متوقعة
وبخصوص هذا التطور قال الباحث في الشأن العسكري عمار فرهود إن القرار البريطاني برفع العقوبات عن وزارتي الدفاع والداخلية في سوريا يأتي في وقت حساس تمر فيه البلاد بحالة من الحاجة الشديدة لإعادة بناء المؤسستين العسكرية والأمنية، خاصة في ظل التحديات المتعددة التي تواجههما.
وأوضح فرهود في تصريحات للجزيرة نت أن هذا القرار يفتح الباب أمام وزارة الدفاع السورية لاستيراد أسلحة حديثة، لا سيما تلك المرتبطة بالحرب السيبرانية والأسلحة الإلكترونية، كما يتيح لها الاستفادة من الخبرات البريطانية في مجالات التدريب العسكري وإعادة الهيكلة، وهو أمر بالغ الأهمية في هذه المرحلة خصوصا أن هناك فصائل عسكرية سورية كانت قد اقتبست في تشكيلاتها السابقة من هيكلة وتكتيكات الجيش البريطاني.
وعلى صعيد وزارة الداخلية، أشار فرهود إلى أن القرار البريطاني يوفر إمكانيةً لتعاون أمني في مجالات مكافحة شبكات تهريب السلاح والمخدرات والبشر، إلى جانب تطوير الأجهزة الأمنية من خلال برامج تدريبية نوعية، خاصة أن أجهزة المخابرات البريطانية تعد من بين الأفضل عالميا.
وأشار إلى أن هناك أيضا جانبا مهما يتمثل في التبادل الاستخباراتي بين الجانبين في مجال مكافحة الإرهاب، مما يسمح بالتحذير المبكر من التهديدات ومنع تنفيذ هجمات سواء داخل سوريا أو على الأراضي البريطانية وحتى الأوروبية.
وأكد فرهود أن القرار لا يمكن النظر إليه فقط من زاوية تقنية بل تجب قراءته في سياقه السياسي إذ يعكس رغبة بريطانية واضحة في دعم مسار الاستقرار داخل سوريا وتثبيت النظام السياسي الجديد، لمنع عودة الفوضى التي قد تستغلها بعض القوى الإقليمية، وعلى رأسها إيران، لتهديد مصالح الدول الكبرى انطلاقا من سوريا.
وختم فرهود بالقول: رفع العقوبات عن وزارتي الدفاع والداخلية لا يعد مجرد خطوة إجرائية، بل هو مؤشر على أن بريطانيا تتبنى ولو بشكل غير مباشر الإدارة الجديدة في دمشق، ليس حبا فيها، بل انطلاقا من مصلحة إستراتيجية بعدم السماح لسوريا بأن تعود مجددا مصدرا لعدم الاستقرار كما كانت خلال الـ14 عاما الماضية تحت حكم الأسد.