خسرت غوغل -الأسبوع الماضي- دعوى قضائية ضد وزارة العدل الأميركية بتهمة احتكار البحث وتكنولوجيا الإعلان، واقترحت وزارة العدل في عهد إدارة بايدن تفكيك غوغل من خلال فصل متصفح “كروم” الخاص بها، وقد استغلت شركة “أوبن إيه آي” هذه الدعوى حيث أبلغ رئيس منتجات “شات جي بي تي” نيك تورلي القاضي أن شركته مهتمة بشراء متصفح “كروم” في حال نجحت جهات إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار في إجبار غوغل على بيع متصفحها كجزء من محاولتها استعادة المنافسة في مجال البحث. وفقا لتقرير نشره موقع رويترز.
وقد خلص القاضي المسؤول عن المحاكمة إلى أن غوغل تحتكر البحث عبر الإنترنت والإعلانات ذات الصلة، ولكن الشركة لم تعرض متصفح “كروم” للبيع وتخطط لاستئناف الحكم الذي يقضي باحتكارها.
وكشفت هذه المحاكمة بعض الجوانب عن سباق الذكاء الاصطناعي، إذ تتنافس شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة على تطوير تطبيقاتها وجذب المستخدمين، وقد أعرب المدعون عن قلقهم أن احتكار غوغل لمجال البحث قد يمنحها مزايا في مجال الذكاء الاصطناعي وأن منتجاتها في هذا المجال تمثل طريقة أخرى لتوجيه المستخدمين إلى محرك البحث الخاص بها مما يعزز هيمنتها واحتكارها.
وجاء في وثيقة داخلية لشركة “أوبن إيه آي” عرضها محامي غوغل في المحاكمة أن رئيس منتجات “شات جي بي تي” نيك تورلي كتب العام الماضي بأن نموذج “شات جي بي تي” كان رائدا في سوق روبوتات الدردشة، ولم يكن يعتبر غوغل أكبر منافس لها، وشهد تورلي بأن الغرض من هذه الوثيقة كان تحفيز موظفي الشركة وأن الشركة ستظل تستفيد من شراكات التوزيع، وهذا يعني أنه بالرغم من عدم اعتبار غوغل المنافس الرئيسي، فإن “أوبن إيه آي” لا تزال ترى فائدة في التعاون معها.
وشهد تورلي بأن غوغل رفضت عرضا من “أوبن إيه آي” لاستخدام تقنية البحث الخاصة بها داخل “شات جي بي تي”، وصرح بأن الشركة تواصلت مع غوغل بعد أن واجهت مشاكل مع مزود البحث الخاص بها، دون أن يذكر اسم المزود. يُذكر أن “شات جي بي تي” يستخدم تقنية من محرك بحث مايكروسوفت “بينغ” (Bing).
وحسب رسالة بريد إلكتروني عرضت في المحاكمة، قالت “أوبن إيه آي” لغوغل “نعتقد أن وجود شركاء متعددين مع إمكانية الحصول على واجهة برمجة تطبيقات غوغل، سيمكننا من توفير منتج أفضل للمستخدمين”. وقد تواصلت “أوبن إيه آي” لأول مرة في يوليو/تموز العام الماضي، ورفضت غوغل الطلب في أغسطس/آب قائلة إنه سيشمل عددا كبيرا من المنافسين.
وأكد تورلي عدم وجود أي شراكة مع غوغل حاليا، وأوضح أن اقتراح وزارة العدل الأميركية بإلزام غوغل بمشاركة بيانات البحث مع المنافسين سوف يساعد في تسريع الجهود المبذولة لتحسين “شات جي بي تي”، حيث يعد البحث جزءا أساسيا من روبوت الدردشة لتوفير إجابات حديثة ودقيقة لاستفسارات المستخدمين، وأضاف أن “شات جي بي تي” لا يزال على بعد سنوات عن هدفه المتمثل في استخدام تقنية البحث الخاصة به للإجابة على 80% من الاستفسارات.
احتكارات غوغل
في أغسطس/آب العام الماضي خلص قاضي المحكمة الجزئية الأميركية أميت ميهتا إلى أن غوغل حمت احتكارها للبحث عبر اتفاقيات حصرية مع شركة “سامسونغ” وشركات أخرى لتثبيت محرك بحثها افتراضيا على الأجهزة الجديدة.
ورأت غوغل أن صفقات مع شركات تصنيع هواتف أندرويد مثل “سامسونغ” من شأنها أن توفر الحصرية ليس فقط لتطبيق البحث الخاص بها، ولكن أيضا لتطبيق “جيميناي” ومتصفح “كروم”، وفقا لوثيقة عرضت خلال المحاكمة.
وبدلا من إبرام اتفاقيات أكثر حصرية خففت غوغل من قيود أحدث صفقاتها مع شركات تصنيع الأجهزة وشركات الاتصالات اللاسلكية مثل “إيه تي آند تي” (AT&T) و”فيرايزون” (Verizon)، مما سمح لها بتحميل عروض بحث منافسة حسب وثائق أخرى.
وحسب شهادة قضائية كشف عنها مؤخرا فإن غوغل تدفع مبلغا طائلا لشركة “سامسونغ” مقابل تثبيت تطبيق “جيميناي” بشكل افتراضي في أجهزتها، حيث بدأت هذه الصفقة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وفقا لبيتر فيتزجيرالد نائب رئيس غوغل للمنصات وشراكات الأجهزة، الذي أدلى بشهادته -يومي الاثنين والثلاثاء- في المحكمة الفدرالية بواشنطن في إطار قضية مكافحة الاحتكار التي رفعتها وزارة العدل.
يُذكر أن غوغل اقترحت إبرام اتفاقيات غير حصرية كحل لقضية مكافحة الاحتكار المرفوعة ضدها من قبل القاضي ميهتا، لكن وزارة العدل ترى أن هذا الحل غير كافٍ، وتريد منع غوغل من دفع مبالغ كبيرة لشركات أخرى مقابل جعل تطبيق البحث الخاص بها التطبيق الافتراضي على أجهزتهم، لأن ذلك يعيق المنافسة العادلة.
وقد أرسلت غوغل رسائل حتى الأسبوع الماضي تؤكد فيها أن اتفاقياتها لا تمنع الشركات من تثبيت منتجات ذكاء اصطناعي أخرى على الأجهزة الجديدة، وذلك وفقا لشهادة فيتزجيرالد في المحكمة.