ثلث الفائزين بجائزة نوبل انخرطوا مع بعضهم البعض ومع باحثين جدد في إنجازات علمية جديدة.
توصل ميلان جانوسوف، وهو باحث مجري في علوم الشبكات، إلى أن هناك حوالي 600 حاصل على جائزة نوبل ارتبطوا ببعضهم البعض، عبر العمل معا بشكل أساسي أو بسبب وجودهم في نفس المؤسسة أو العمل مع حاصل على نوبل، أو بسبب قرابة عائلية وهو الرابط الأضعف.
وصلات نوبل
ويعرف “علم الشبكات” بأنه النطاق الذي يدرس الشبكات المعقدة مثل شبكات الاتصالات وشبكات الحاسوب والشبكات الاجتماعية، عبر تحديد الجهات الفاعلة المتميزة في هذه الشبكات (والتي تسمى “العقد”)، والروابط بين هذه العناصر (والتي تسمى الوصلات أو الحواف).
ويعتمد هذا النطاق نظريات وأساليب مستقاة من علوم عدة، فمثلا تستلهم بعض أدواته من نظرية الرسم البياني (الرياضيات) والميكانيكا الإحصائية (من الفيزياء)، واستخراج البيانات (من علوم الحاسوب)، والبنية الاجتماعية (من علم الاجتماع).
وللتوصل إلى تلك النتائج، التي نشرت في ورقة بحثية على منصة “أركايف” التي تضم أرشيف مسودات أوراق بحثية مكتوبة في مجالات عدة مثل الفيزياء والرياضيات، بحث جانوسوف العلاقات بين الغالبية العظمى من الحاصلين على جائزة نوبل عبر المواد التي تتحدث عنهم على شبكة الإنترنت، وبشكل خاص روابط منصة ويكيبيديا.
بعد ذلك أنشأ الباحث خريطة تمثل العلاقات بين الحائزين على جائزة نوبل تكونت من 682 عقدة و588 وصلة ممكنة بين هذه العقد، وبينت الخريطة أن عددا كبيرا من الحاصلين على جائزة نوبل كانوا مرتبطين اجتماعيا ببعضهم البعض بطريقة أو بأخرى.
ووفق الدراسة، فإن 30% من الحاصلين على نوبل كانوا في مركز تلك الشبكة وكانوا مترابطين على نطاق كثيف.
إضافة إلى ذلك تبين أنه كانت هناك روابط (لكنها خافتة) تمثل جسرا واحدا بين مجموعتين متمايزتين من الحاصلين على نوبل، الأولى تضم النطاقات الثلاثة العلمية (الفيزياء والطب والكيمياء)، والثانية تضم جوائز نوبل في النطاقات الإنسانية (السلام والآداب والاقتصاد)، وفق تصريحات لجوناسوف لمنصة “تك إكسبلور”.
القوة الخفية لعلم الشبكات
تستنتج الدراسة أن ثلث الفائزين بجائزة نوبل انخرطوا مع بعضهم البعض ومع باحثين جدد في إنجازات علمية جديدة، بينما يرحل ثلثي الفائزين بالجائزة ويعودون إلى عملهم منفصلين عن البقية، وهو ما يدعو للأسف، لأن خبرات هذا العدد من العلماء في نطاقاتهم كانت سوف تساعد على الازدهار بصورة أفضل.
وتوضح هذه الدراسة ما يمكن أن يلعبه علم الشبكات من دور مهم جدا في فهم الروابط الخفية بين أشياء تبدو متباينة تماما، وبالتبعية يساعدنا على فهم وتحسين الجوانب المختلفة لعالمنا، مثل علم الأحياء والكيمياء والطب والأعمال التجارية والمالية والعلوم الاجتماعية.
وفي هذه الدراسة مثلا، يساعد علم الشبكات في فهم كيفية تصرف الأشخاص وتفاعلهم في سياقات مختلفة سواء كانت الصداقة أو التواصل أو التعاون أو التأثير، وكيفية تعزيز التعاون أو الابتكار عبر دراسة تلك العلاقات.
وفي هذا السياق فإن علم الشبكات هو أداة تفيد كل العلوم الأخرى، ففي علم الأحياء مثلا، يساعد على فهم كيفية عمل الجينات معا لإنتاج سمات أو أمراض معينة، وفي الطب يساعد في فهم كيفية انتشار الأمراض وبالتبعية الوقاية منها أو علاجها، وفي مجال الأعمال، يساعد في فهم كيفية عمل الأسواق وبالتبعية تحسينها.