لم يهنأ سكان غزة بالهدنة التي لم تستمر أكثر من شهرين قبل أن يعاود الاحتلال قصفه الوحشي، وتعيد الآلة العسكرية الإسرائيلية شحن نفسها بالاقتتات على دماء سكان غزة وآلامهم وجراحهم.
مأساة جديدة يعيشها المدنيون من نساء وأطفال ومسنين في ظل عدوان غاشم خلال شهر رمضان المبارك، أسفر عن استشهاد نحو 400 شخص، وانتهك الهدنة التي منحت القطاع الجريح بصيصًا من الأمل.
حجم الأهوال والكارثة بدا على الوجوه بوضوح؛ فالوجوم والخوف والرعب تعكسها الصور التي التقطها المصورون لأبناء غزة الصائمين، وهم يعاينون مواقع القصف الجديدة، أو وهم يشيّعون شهداءهم إلى مثواهم، أو حتى في محاولتهم للهرب من جحيم العدوان، والنزوح لمواقع قد تكون أكثر أمانًا.
وأصدرت دولة الاحتلال أوامر جديدة لسكان غزة بإخلاء مناطق القتال؛ ليعود أهل القطاع مرة أخرى إلى المربع صفر بالنزوح من مكان لآخر، فيما يحيط بهم الموت من كل اتجاه.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه شن “عملية برية محددة” في غزة، مستهدفًا وسط قطاع غزة وجنوبه بهدف توسيع المنطقة الأمنية، وإنشاء حاجز جزئي بين شمال القطاع وجنوبه، فيما أشار إلى أنه أعاد سيطرته على محور نتساريم؛ ليقطع الطريق الواصل بين شمال وجنوب قطاع غزة على شارع صلاح.
إدانات عربية ودولية
وأدانت عدد من الدول والمنظمات الدولية الهجمات الإسرائيلية المروعة على المدنيين، واستئنافها عدوانها على قطاع غزة.
وأعربت السعودية عن إدانتها واستنكارها بأشد العبارات استئناف قوات الاحتلال الإسرائيلية العدوان على غزة، وقصفها المباشر على مناطق مأهولة بالمدنيين العزّل، دون أدنى اعتبار للقانون الدولي الإنساني.
وشددت السعودية في بيان صادر عن وزارة خارجيتها على أهمية الوقف الفوري للقتل والعنف والدمار الإسرائيلي، وحماية المدنيين الفلسطينيين من آلة الحرب الإسرائيلية الجائرة، مؤكدة أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته بالتدخل الفوري لوضع حد لهذه الجرائم، وإنهاء المعاناة الإنسانية القاسية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق.
ونددت وزارة الخارجية المصرية في بيان بالغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، ووصفتها بأنها “انتهاك صارخ لاتفاق وقف إطلاق النار، وتصعيد خطير ينذر بعواقب وخيمة على استقرار المنطقة”.
وأكدت “الخارجية” رفض مصر جميع الاعتداءات الإسرائيلية الرامية إلى إعادة التوتر للمنطقة، والعمل على إفشال الجهود الهادفة للتهدئة واستعادة الاستقرار، مطالبة المجتمع الدولي بـ”التدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ للحيلولة دون إعادة المنطقة لسلسلة متجددة من العنف والعنف المضاد”.
من ناحيته، قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، مهند هادي، إن الغارات التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة “أمر غير مقبول”، مشددًا على ضرورة العودة إلى وقف إطلاق النار فورًا.
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن صدمته من الغارات التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وقال متحدث باسم الأمين العام في بيان إن “جوتيريش” يدعو إلى “احترام وقف إطلاق النار، واستئناف المساعدات الإنسانية دون عوائق، والإفراج عن الرهائن المتبقين دون شروط”.
وعبّرت بريطانيا عن رفضها للعدوان؛ إذ قال المتحدث باسم رئيس الوزراء، كير ستارمر: “نريد أن نرى إعادة العمل باتفاق وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن”.
وأشار إلى أن حصيلة الضحايا المدنيين “مروعة”.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إن انتهاء وقف إطلاق النار في غزة بسبب الهجمات الإسرائيلية أمر يدعو للقلق البالغ.
ودعت إلى استئناف محادثات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار فورًا، وإطلاق سراح مزيد من الرهائن.
فيما أعربت روسيا عن بالغ أسفها إزاء أحدث الضربات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة، ونددت بأي أعمال تسفر عن مقتل مدنيين، كما حثت الجانبين على عودة عملية التفاوض.