قال الدكتور تركي العيار، أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود: أصبحت الأجهزة الذكية في عصرنا الحالي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية؛ إذ يُنظر إليها على أنها أدوات تسهل الحياة، وتُحسن التواصل، وتفتح أبواب المعرفة والترفيه.
وأوضح أن هذه الأجهزة تحمل في طياتها مخاطر كبيرة، وخصوصًا بالنسبة للأطفال الصغار؛ فالاستخدام المفرط للأجهزة الذكية له تأثيرات صحية كبيرة على الأطفال، من أبرزها:
1. مشاكل في النظر: تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً أمام الشاشات يواجهون مشاكل في النظر، مثل إجهاد العينين، جفاف العين وتأثيرات أخرى تعرف بـ”متلازمة العين الرقمية”. فطبقًا لدراسة أجرتها الجمعية الأمريكية لطب العيون (AAO) فإن أكثر من 80% من الأطفال الذين يستخدمون الأجهزة الذكية لفترات طويلة يعانون هذه المتلازمة.
2. السمنة وزيادة الوزن: تشير دراسة، نُشرت في “مجلة الطب الباطني الأمريكية”، إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً أمام الشاشات يعانون انخفاضًا في النشاط البدني؛ ما يساهم في زيادة خطر السمنة، كما يؤدي هذا إلى قلة النشاط العضلي؛ ما يضعف من صحة القلب والعضلات.
3. مشاكل النوم: أظهرت دراسة من “جامعة هارفارد” أن استخدام الأجهزة الذكية قبل النوم يتسبب في تداخل مع أنماط النوم الطبيعية للأطفال؛ فالضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يقلل من إفراز الميلاتونين، الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم؛ ما يؤدي إلى صعوبة النوم والأرق.
أما الأضرار الاجتماعية فهي كالآتي:
1. الانعزال الاجتماعي: فالأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً أمام الأجهزة الذكية قد يواجهون صعوبة في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين.
ففي كثير من الحالات قد يفضل الطفل الألعاب الإلكترونية على الأنشطة الاجتماعية الحقيقية؛ ما يؤدي إلى ضعف مهارات التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الأقران.
2. العزلة النفسية: أكدت دراسة، أجراها مركز “كامبريدج للدراسات الاجتماعية”، أن الأطفال الذين يستخدمون الأجهزة الذكية لفترات طويلة يعانون مشاكل نفسية، مثل القلق والاكتئاب. فعلى الرغم من أن هذه الأجهزة تتيح الوصول إلى المعلومات والترفيه إلا أنها قد تعزز من شعور العزلة الاجتماعية؛ إذ يفضل الأطفال التفاعل مع الأجهزة أكثر من التفاعل مع العالم المحيط.
أما الأضرار التربوية فهي كالآتي:
1. تأثير سلبي على الأداء الدراسي: أظهرت دراسة، نُشرت في “مجلة علم النفس التربوي”، أن الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً في استخدام الأجهزة الذكية يواجهون صعوبة في التركيز والانتباه في المدارس؛ إذ يقلل الاستخدام المفرط للأجهزة من قدرة الطفل على التركيز على مهام دراسية مهمة؛ ما يؤثر سلبًا على تحصيله العلمي.
2. ضعف المهارات العقلية: قد يؤدي الاستخدام المفرط للأجهزة إلى تراجع في المهارات العقلية الأساسية، مثل التفكير النقدي وحل المشكلات؛ إذ يمكن أن تتسبب الألعاب الإلكترونية التي تقدم مكافآت فورية في إضعاف قدرة الأطفال على مواجهة التحديات والتفكير الطويل.
3. تأثير محتوى الإنترنت: الإنترنت مليء بالمحتوى غير المناسب للأطفال، بما في ذلك الفيديوهات والمحتوى العنيف أو الجنسي.. ففي حال لم يتم مراقبة استخدام الأطفال للأجهزة الذكية فإنهم قد يتعرضون لهذا النوع من المحتوى؛ ما يؤثر على تطورهم النفسي والأخلاقي.
أما الأضرار الدينية فهي على النحو الآتي:
1. ضعف القيم الدينية: يمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية إلى تراجع اهتمام الأطفال بالقيم الدينية؛ إذ يصبح الطفل أكثر تركيزًا على الألعاب الإلكترونية والمحتوى الترفيهي على حساب الأنشطة الروحية، مثل الصلاة وقراءة القرآن الكريم.
2. تأثير على الصلاة والعبادات: أظهرت دراسة من “جامعة الأزهر” أن الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية قد يضعف ارتباط الأطفال بالممارسات الدينية اليومية، مثل الصلاة؛ فقد يشعر الأطفال بأنهم مشغولون جدًّا بالألعاب أو الفيديوهات على الأجهزة الذكية؛ ما يؤدي إلى تقليل الوقت المخصص للعبادات.
إضافة إلى الأضرار الاقتصادية التي تتمثل في النحو الآتي:
1. الإفراط في الإنفاق على التكنولوجيا: يعد شراء الأجهزة الذكية وصيانتها من النفقات الكبرى التي تتحملها الأسر؛ إذ تشير دراسة من “مركز أبحاث المستهلك” إلى أن الأسر التي توفر لأطفالها الأجهزة الذكية غالبًا ما تواجه ضغطًا ماليًّا بسبب تكاليف الأجهزة والإصدارات الجديدة من الهواتف والبرامج الترفيهية.
2. تشجيع الثقافة الاستهلاكية: يمكن أن يشجع الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية الأطفال على تبنِّي ثقافة استهلاكية مبنية على الترفيه الفوري والاستهلاك المستمر؛ وبالتالي ينمو الطفل في بيئة تروج لاستهلاك السلع والخدمات بشكل مُبالغ فيه؛ ما يعزز من الميل إلى الإسراف وعدم التقدير للقيم الاقتصادية.
ولتقليل الضرر من استخدامات الأطفال للأجهزة الذكية أقدم الحلول والتوصيات الآتية:
1. وضع قيود زمنية: ينصح بتحديد أوقات محددة لاستخدام الأجهزة الذكية؛ ليتمكن الطفل من التفاعل مع العالم الحقيقي، وتطوير مهاراته الاجتماعية والعقلية.
2. تشجيع الأنشطة البديلة: ينبغي تشجيع الأطفال على الانخراط في الأنشطة البدنية، مثل الرياضة والأنشطة الفنية، وكذلك الأنشطة الاجتماعية، مثل القراءة والتفاعل مع الأصدقاء والعائلة.
3. المراقبة والتوجيه: من الضروري مراقبة المحتوى الذي يشاهده الطفل على الأجهزة الذكية، واختيار التطبيقات والبرامج التي تتناسب مع عمره، وتدعم تنميته الذهنية والاجتماعية.
4. التوجيه الديني والأخلاقي: يجب أن يكون هناك توازن بين استخدام التكنولوجيا وممارسة الأنشطة الدينية والروحية، من خلال تخصيص وقت للصلاة وقراءة القرآن والتحدث عن القيم الدينية.
ومضى قائلاً: “لا شك أن الأجهزة الذكية قد تكون أدوات مفيدة إذا تم استخدامها بشكل معتدل وواعٍ.. ولكن في حال الاستخدام المفرط فإنها قد تتحول إلى أداة تؤثر بشكل سلبي على صحة الطفل، وتعليمه، وعلاقاته الاجتماعية، وارتباطه بالقيم الدينية. ومن أجل ذلك يقع على عاتق الآباء والأمهات مسؤولية كبيرة في مراقبة وتنظيم استخدام أطفالهم لهذه الأجهزة؛ لضمان تنشئتهم بشكل صحي ومتوازن”.