في لفتة وفاءٍ واعترافٍ بإسهاماته الجليلة، نظّمت جامعة الأمير سلطان؛ ممثلةً بمركز الإدارة المحلية، ندوةً بعنوان “رائد من رواد إدارة المدن”؛ لتسليط الضوء على الدور الريادي الذي اضطلع به معالي الأستاذ عبدالله العلي النعيم -رحمه الله- على المستوى المحلي، عندما كان أميناً لمدينة الرياض، وعلى المستوى الدولي، عندما كان رئيساً للمعهد العربي لإنماء المدن.
جاءت هذه المبادرة بتوجيهٍ ورعاية من سمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عيّاف؛ رئيس مجلس أمناء الجامعة الذي أكّد سموه في كلمة مرتجلة في بداية الندوة، أن معالي عبدالله النعيم؛ حظي بشهادة وإشادة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيّده الله- في لقاءات سابقة، وهذه الشهادة في حق معالي النعيم؛ تغني عن أي حديثٍ آخر، ولا شهادة ولا إشادة بعدها. مشيراً إلى أن معالي عبدالله النعيم؛ أحبّ الرياض، وهذا الحب للرياض والوفاء له نهجٌ ورثناه جميعاً من الملك سلمان -حفظه الله-.
وأشار سموه إلى أن معالي النعيم؛ بعد أن غادر منصبه بوصفه أميناً لمدينة الرياض كان دائم الارتباط بها، حيث أشار سموه إلى أنه عندما كان أميناً لمدينة الرياض كان دائم التواصل معه، ومطلعاً على مشاريع الأمانة وإنجازاتها، وكان في تواصله إما مباركاً، أو مهنئاً، أو متفائلاً.
إرثٌ ممتدٌ من العطاء والتطوير
شهدت الندوة مشاركة نخبة من المتخصّصين في إدارة المدن وتنميتها من داخل المملكة وخارجها، حيث استعرضوا محطات بارزة من مسيرة معالي النعيم، الذي قاد دفة التنمية الحضرية في العاصمة الرياض بوعي وبصيرة، بتوجيهٍ ودعمٍ من الملك سلمان، عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، مسهماً في معالجة كثيرٍ من القضايا التنموية والعمرانية من نظافة المدينة، وتطوير وتحسين البنية التحتية، وتعزيز التشجير، وعمل هيكل إداري جديد للأمانة يساعدها على القيام بمسؤولياتها على أكمل وجه.
في الجلسة الأولى التي حملت عنوان” النعيم ومدينة الرياض”، وصف المهندس علي الشعيبي؛ معالي النعيم؛ بأنه صاحب رؤية ثاقبة، وذاكرة حادّة، مبرزاً دوره في تمكين المكاتب الهندسية المحلية، وإعطاء الثقة للكفاءات الوطنية الشابة، وإشراكهم في صنع القرار.
من جانبه، أشار المهندس فرحات طاشكندي؛ إلى المبادرات التي أطلقها معالي النعيم؛ خلال فترة عمله، ومنها توفير مخططات سكنية للأسر محدودة الدخل بأسعار رمزية ما سهّل عليهم امتلاك السكن بدعمٍ من الصندوق العقاري.
أما المهندس أحمد التويجري؛ فقد سلّط الضوء على جهود معاليه في تعزيز تكامل الجهات الخدمية، ومعالجة أزمات النظافة، وتوسيع رقعة المساحات الخضراء عبر تحويل المزارع المهملة إلى حدائق عامة.
كما أشار المهندس عبدالله البابطين؛ إلى دوره المهم في تمكين المديرين والموظفين في الأمانة، والوقوف معهم، وإعطائهم الصلاحية مع متابعته المستمرة لهم، وأشار إلى أن معاليه كان دائماً يقف في صف المواطن، ويعمل بنفسه لإنهاء إجراءاته وإعطائه حقوقه، وفي الوقت نفسه كان حازماً في تنفيذ الأنظمة والقوانين.
بصمات تتجاوز الحدود.. رؤية ممتدة للمدن العربية والإسلامية
في الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان “النعيم والمدن العربية والإسلامية”، إذ تطرّق المتحدثون إلى تأثيره خارج حدود المملكة، حيث وصف معالي المهندس أحمد الصبيح؛ مدير عام بلدية مدينة الكويت سابقًا وأمين عام منظمة المدن العربية، معالي النعيم؛ بأنه نموذج في الإدارة والأخلاق، مشيراً إلى دوره في تنمية المدن والمجتمعات من خلال رؤيته الشمولية التي لم تقتصر على تطوير البنية التحتية، بل امتدت إلى الارتقاء بالإنسان، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وفي السياق نفسه أثنى معالي المهندس نضال الحديد؛ أمين مدينة عمّان الأسبق وعضو مجلس الأعيان بالأردن، على فلسفة النعيم؛ في جعل المدن صديقة للبيئة، وترسيخ مفهوم التنمية المستدامة، مؤكدًا أنه كان رجلًا يولي اهتمامًا بالغًا ببناء العلاقات، وتعزيز الروابط الإنسانية، بما فيها مصلحة المدن العربية وتنميتها.
أما الدكتورة نجاة زروق؛ عضو لجنة خبراء الإدارة العمومية في الأمم المتحدة، فقد أكدت أن معالي النعيم؛ كان قائدًا مُلهمًا في التنمية الحضرية، وكان مهتمًّا بأبعاد الاستدامة قبل أن تتبناها الأمم المتحدة، فيما أشار الدكتور محمد الحماد؛ المدير الأسبق للمعهد العربي لإنماء المدن إلى أنه أسهم في تأسيس وتطوير المعهد العربي لإنماء المدن الذي أصبح مركزًا مرجعيًّا في مجالات البحوث والتدريب والتنمية الحضرية للمدن العربية.
إلهام خالد ومستمر
عكست الندوة الدور البارز الذي أداه معالي عبدالله العلي النعيم؛ في رسم ملامح الرياض الحديثة، إذ لم يكن مجرد إداري، بل كان رائدًا من رواد إدارة المدن، ويوازن بين الحداثة والمحافظة على الهوية، ويؤمن بأن التنمية ليست مجرد بناء، بل منظومة متكاملة تسهم في رفاهية الإنسان وازدهار المجتمع.
رحل معالي النعيم؛ لكن إرثه، وفكره، في مجال التنمية العمرانية وتطوير المدن، والتفاني في خدمة الوطن، ستظل شاهدة على مسيرته الحافلة، وسيبقى إلهاماً للأجيال المُقبلة لصناعة مستقبلٍ أكثر إشراقاً للمدن السعودية والعربية.