غزة- بعد ساعات قليلة من رسالة لـ”أبو عبيدة” الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حذّر فيها إسرائيل من مقتل أسراها لدى المقاومة إذا أخطأت التقدير بتوسيع دائرة النار.
وكشف أبو عبيدة النقاب، أمس الاثنين، عن مقتل 4 أسرى إسرائيليين واستشهاد آسريهم من كتائب القسام جراء الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة.
واستبق الناطق في واحدة من إطلالته المتلاحقة منذ إطلاق كتائب القسام عمليتها “طوفان الأقصى”، السبت الماضي، حادثة مقتل الأسرى الإسرائيليين الأربعة، بتوجيه رسالة تحذير لحكومة بنيامين نتنياهو تقول إن “أسراكم موجودون بكل المحاور في غزة، وسيجري عليهم ما يجري على أهالي القطاع، إياكم أن تخطئوا التقدير”.
ولم تفصح كتائب القسام عن أعداد الأسرى الإسرائيليين لديها، لكن “أبو عبيدة” أكد أنهم “أضعاف ما يعتقده نتنياهو”. وفي حين أعلنت “سرايا القدس” الذراع العسكرية لحركة “الجهاد الإسلامي” أن في قبضتها أكثر من 30 أسيرا إسرائيليا، لم تعلن إسرائيل بعد عن أعداد أسراها في غزة.
عامل حسم
وتقدر أوساط فلسطينية أن ورقة هؤلاء الأسرى والأعداد الكبيرة من القتلى والجرحى في أوساط جيش الاحتلال ومستوطنيه، تشكل “عامل الحسم” في تحديد مجريات المعركة الحالية، وما ستؤول إليه، بالنظر إلى أنها تمثل أسوأ أزمة رهائن وقتلى تمر بها إسرائيل في تاريخ مواجهاتها مع المقاومة الفلسطينية.
واستنادا إلى ما تحققه المقاومة -وفي مقدمتها كتائب القسام- من إنجازات ميدانية لافتة، شدد أبو عبيدة على أن “تهديد غزة وأهلها لعبة خاسرة وأسطوانة مشروخة”.
ويبرز هنا سؤال برسم معطيات المعركة وتطورات الميدان مع دخول “طوفان الأقصى” يومها الثالث على التوالي وهو: هل تقيد أعداد الأسرى الإسرائيليين الكبيرة لدى المقاومة حكومة نتنياهو، وتحد من خياراتها للرد على حماس وتوسيع دائرة النار وشن حرب شاملة ضد غزة؟
وعلى مدى الـ15 عاما الماضية، خاضت حماس حروبا كثيرة ومواجهات مسلحة مع إسرائيل كانت في أغلبها دفاعية، ولكنها كانت هذه المرة مغايرة تماما عندما أخذت زمام المبادرة، وشنت هجوما مباغتا، واجتاح المئات من مقاتليها، وتبعهم آخرون من فصائل أخرى ما تسمى بـ”مستوطنات غلاف غزة”.
وأوقعت حماس مئات القتلى من جنود الاحتلال ومستوطنيه، وأسرت أعدادا غير معلومة منهم، واقتادتهم إلى غزة.
رد مزلزل
وشكّلت العملية صدمة كبيرة لنتنياهو وأركان حكومته، حيث توعد حماس “بانتقام ساحق”، لكن على ما يبدو أن هذا الوعيد لم يؤثر في الحركة التي تؤكد أن مقاتليها لا يزالون على الأرض يخوضون المواجهات داخل المستوطنات، وأن ردها على الجرائم سيكون “مزلزلا وغير متوقع”، حسب وصف القيادي في الحركة إسماعيل رضوان.
وقال رضوان للجزيرة نت، إن “أسرى العدو وضباطه لدى المقاومة تمثل ورقة من الأوراق الضاغطة على العدو الصهيوني الذي يرتكب المجازر بحق المدنيين باستهدافه الأبراج والمنازل السكنية والمساجد والمنشآت المدنية، في محاولة للتأثير في الحاضنة الشعبية بعدما فشل في مواجهة المقاومة”.
وسيكون حجم رد المقاومة على هذه المجازر -وفق تأكيد القيادي في حماس- “مزلزلا وأكبر مما يتوقع العدو الصهيوني”، وحذر الاحتلال من أنه “سيفاجأ من رد المقاومة إذا تمادى في استهداف المدنيين وارتكاب المجازر”.
حاضنة شعبية داعمة
وأوضح أن “المقاومة الباسلة ما تزال تخوض المعارك خلف خطوط العدو الصهيوني، وتعمل على خطف المزيد من جنود الاحتلال ومستوطنيه”. وقال إن “أكبر تحد للاحتلال هي المقاومة، وليست قضية الأسرى، فالمقاومة مرغت أنفه في الوحل وكسرت هيبته، ومن خلفها حاضنة شعبية داعمة ومتماسكة”.
وفي ظل كثافة الغارات الجوية الإسرائيلية وإثر كشف كتائب القسام عن مقتل 4 أسرى إسرائيليين جراء هذه الغارات، حذر رضوان الاحتلال من أنه “قد يتسبب في مزيد من القتلى في أوساط أسراه إذا واصل غاراته على المدنيين والأحياء السكنية في أرجاء قطاع غزة”.
وشدد على “أننا مستمرون في هذه المعركة، وهي لا تزال في بداياتها، وتسير وفق الخطة المرسومة لدى المقاومة، وسيبقى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول يوما مفصليا في الصراع مع الاحتلال الصهيوني وبداية معركة التحرير وتخلده الأجيال”.
تغطية الفشل
بدوره، رجح الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق سلمي أن “يستمر الاحتلال في ارتكاب المجازر بحق المدنيين في غزة، سعيا من نتنياهو وأركان حكومته للتغطية على حجم الصدمة وفشلهم الميداني الكبير أمام المقاومة وعجزهم عن الإجابة عن تساؤلات كثيرة لدى الجمهور الصهيوني لتفسير ما حدث”.
وبحسب أحدث إحصائية لوزارة الصحة في غزة، استشهد 560 فلسطينيا بينهم عائلات بأكلمها وكثير من النساء والأطفال، وأصيب 2900 آخرون بجروح متفاوتة.
وبشأن مدى قدرة نتنياهو على تنفيذ تهديداته، قال الناطق باسم حركة الجهاد للجزيرة نت “نحن في حرب مفتوحة، والعدو يعاني من أزمة حقيقية خاصة على المستويين الأمني والعسكري”.
وأضاف، “ما يستطيع نتنياهو فعله هو ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين الأبرياء بالقصف الجوي للمنازل الآمنة والأبراج السكنية، في ظل عجز قواته عن مواجهات رجال سرايا القدس وكتائب القسام في الميدان”. مشددا على قدرة المقاومة وما تمتلكه من إمكانات تساعدها على مواصلة هذه المعركة حتى النهاية.
خيارات مقيدة
ووضع المحلل السياسي ماجد الزبدة، تهديد نتنياهو بـ”سحق حماس” في سياق “تأثير الصدمة عليه”، وأكد للجزيرة نت أن التهديد بعملية برية وإعادة احتلال غزة “غير واقعي بالنظر إلى وجود أكثر من 50 ألف مسلح للمقاومة وأنفاقها وقدرات بات الاحتلال يدركها بعد طوفان الأقصى”.
ورأى في الأعداد الكبيرة للأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة “ورقة ضغط كبيرة على نتنياهو من قبل العوائل والجمهور الإسرائيلي، وأن أي عملية برية أو واسعة النطاق في غزة تعزز من فرضية قتلهم أسوة بالحدث الذي أعلنته كتائب القسام عن مقتل 4 من هؤلاء الأسرى”.
ويوضح الزبدة أن ما يرجح من هذه الفرضية وتكرار هذا الحدث، أن “المقاومة لا تستطيع التحفظ على الأعداد الكبيرة من الأسرى في مكان واحد، وتوزيعهم على مناطق عدة في قطاع غزة الصغير يجعلهم معرضين للقتل مع كثافة الغارات الجوية، الأمر الذي يشكل ضغطا على نتنياهو، ويحد من خياراته في خوض حرب مفتوحة وشاملة مع غزة”.