صيدا- أعادت العملية العسكرية النوعية التي نفذتها حركة “حماس” في غزة “طوفان الأقصى”، إلى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الآمال مجددا بالعودة إلى مدنهم وقراهم في فلسطين المحتلة، بعد عقود طويلة من الانتظار والعيش داخل مخيمات وسط حزام من البؤس والفقر المدقع.
ويتطلع أبناء مخيمات اللاجئين بأمل كبير، بعد العملية التي بدأتها المقاومة صباح السبت، إلى تحقيق هذا الحلم المؤجل منذ 75 عاما.
وقد أفرزت نكبة فلسطين الكبرى عام 1948 نكبات أخرى، كما يقول اللاجئون، كادت تطيح بحق العودة، بدءا من الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، مرورا باتفاق “أوسلو” في 1993، وصولاً إلى “صفقة القرن” الأميركية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي هدفت إلى تصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة الذي نص عليه القرار الأممي 194.
حلم العودة بات قاب قوسين
ويؤكد مسؤول العلاقات السياسية لحركة “حماس” في لبنان الدكتور أيمن شناعة للجزيرة نت، أن “الانتصار الذي حققته حركة حماس لا يتوقف عند الجانب العسكري، بل يفتح الآفاق على تحرير الأسرى في سجون العدو الصهيوني، ويعيد الآمال إلى أبناء شعبنا في لبنان باقتراب العودة” على حد قوله.
ويضيف شناعة “نحن في لبنان نقول لشعبنا الفلسطيني هيئ نفسك للعودة إلى فلسطين، لأن العودة باتت قريبة”، وأضاف “كل فصائل المقاومة تعمل اليوم بجد لمراكمة قوتها من أجل تحرير فلسطين، لا من أجل الدفاع عن قطاع غزة ومقدساتنا فقط، نحن نعد العدة اليوم للعودة إلى فلسطين فاتحين محررين مهللّين بإذن الله”.
بدوره، قال مسؤول العلاقات السياسية لحركة “الجهاد الإسلامي” في منطقة صيدا عمار حوران، إنه بعد عملية “سيف القدس” في عام 2021 و”طوفان الأقصى” وأسر الجنود والمستوطنين الإسرائيليين أصبح أمل اللاجئين الفلسطينيين أكبر وأقوى.
ولم يفت حوران، في حديثه للجزيرة نت، الترحم على من سماهم “كبارنا ” في السابع من أكتوبر، في إشارة إلى شهداء المقاومة وقياداتها، وذكر بفكرة “وحدة الساحات” وإستراتيجيتها التي كان الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد نخالة قد تحدث بشأنها، مؤكدا أنه إذا اعتدي على الأقصى سيكون الرد من غزة بالتأكيد.
المقاومة حق مشروع
وفي صيدا التي تحتضن أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان “عين الحلوة”، نظمت قواها السياسية الوطنية والإسلامية أو ما تُعرف ب”اللقاء السياسي اللبناني – الفلسطيني”، يوما مفتوحا في ساحة “الشهداء” وسط المدينة، التي تحمل في ذاكرة الصيداويين دلالة رمزية على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومجازره إبان اجتياح لبنان عام 1982، حيث دفن فيها مئات الشهداء.
وتحوّل المكان إلى منبر مفتوح للتعبير عن المواقف والآراء المتضامنة مع غزة ومقاومتها وشعبها، والتأكيد على حقيْ المقاومة والعودة المشروعين.
تقول الحاجة فاتن خير الله “أم بلال” والتي اعتمرت الكوفية الفلسطينية، إن “الذي حصل على أرض فلسطين زادنا ثباتا وعزا وأملا، فبات الحلم قريبا.. وإن شاء الله رب العالمين إذا نمنا ننتظر أن نستيقظ ونحن على أرض فلسطين، لأن هذا الموعد قريب جدا، وليس ذلك على الله ببعيد”.
وسط الساحة أيضا، وقفت الحاجة خالدة اليوسف تراقب العَلَم الفلسطيني يرفرف على الأسوار، وتخيلت كما قالت، أن يأتي اليوم وترفع العلم نفسه فوق القدس وعند أبواب المسجد الأقصى.
وقالت اليوسف للجزيرة نت، إن “العملية اليوم أعادت لنا الأمل بالرجعة إلى فلسطين.. والشعب الفلسطيني كله يد واحدة، وجميع التنظيمات وحماس كلهم يد واحدة”. قبل أن تضيف بثقة “إن شاء الله وبإذن الله الأمل كبير بالعودة”.
طوفان الأقصى.. تبديد المخاوف
ويقرُّ اللاجئون الفلسطينيون، الذين يتوزعون على 12 مخيما رسميا في لبنان، بأن عملية المقاومة الجارية منذ السبت، طردت مخاوفهم من شطب حق العودة وتكرار تجارب سابقة في تدمير المخيمات وتهجير أبنائها سواء في لبنان أو دول الشتات، بدءا من “غزو العراق”، مرورا بأحداث ليبيا، إلى تدمير مخيم اليرموك في سوريا ونهر البارد في شمال لبنان.
ويقول اللاجئ عمر الطلوزي للجزيرة نت، “المعركة بيّنت هشاشة العدو الصهيوني وهشاشة الجنود الذين قيل إنهم لا يقهرون.. وهذا يثبت حقنا أكثر في العودة، ونحن سائرون إلى القدس مع المجاهدين الأبطال الذين يحررون الأرض في سبيل الله”.
بينما قال الفلسطيني وسيم الخطيب، الذي ولد في لبنان ويحلم بالعودة إلى أرض جده ووالده ” هذا الانتصار أذل الاحتلال.. وأعطى الأمل لشعبنا الفلسطيني في الرجوع إلى الأراضي المحتلة، وتحرير كامل أراضينا في فلسطين”.