القدس المحتلة- سجلت بورصة تل أبيب انخفاضا حادا في أسهم كبرى الشركات الإسرائيلية والمؤشرات الرئيسية، بعد يوم من عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح السبت ضد الاحتلال.
وشنت المقاومة الفلسطينية هجوما مفاجئا ضد مستوطنات “غلاف غزة” وبلدات إسرائيلية في الجنوب، بينما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن بلاده في حالة حرب.
وأدى هذا الوضع إلى نقص حاد بالمنتجات الطازجة، خاصة الدجاج والخضار والفواكه والخبز، في وقت تواجه شبكات التسوق في إسرائيل نقصا كبيرا في القوى العاملة بعد أن طُلب من العديد من العمال البقاء في المنزل مع الأطفال، في حين تفتح الشبكات أبوابها بموجب أنظمة “العمل في حالة الطوارئ”، بحسب صحيفة ” ذا ماركر” التي تعنى بالشؤون الاقتصادية.
وبسبب إجازة وزارة الزراعة الإسرائيلية خلال الأعياد اليهودية التي استمرت أسبوعين وانتهت مساء السبت، توقف تخليص شحنات الخضار والفواكه الطازجة في الموانئ، دون قدرة المستوردين على الإفراج عنها بالوقت، ومع بدء إجراءات تخليصها الأحد، أُعلن أن الأولوية في توريد الخضار سيكون لوزارة الأمن والمستشفيات الإسرائيلية، ما قد يشعر المستهلكون بنقص جزئي بالخضار.
وبحسب التقديرات الأولية لوزارة المالية الإسرائيلية، بلغت الأضرار التي لحقت بالممتلكات نتيجة اليوم الأول لـ” طوفان الأقصى” أكثر من 30 مليون دولار، بحسب ما أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت.
ولحقت بعض الأضرار بالممتلكات والمباني العامة، مثل تدمير مركز الشرطة في “سديروت” وإلحاق أضرار جسيمة بمعبر بيت حانون “إيرز”، علاوة على تضرر أكثر من 100 مبنى جراء الصواريخ وإطلاق النار، ومئات المركبات المدنية.
توقف تدفق الغاز
وتلقت سلطة الضرائب الإسرائيلية في اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى” حوالي 1200 إخطار بالأضرار، تسلم حوالي 700 منها مركز الاتصال في عسقلان (أشكلون)، والباقي في مركز الاتصال في منطقة تل أبيب.
وتوقف تدفق الغاز من حقل “تمار”، بحسب ما أفادت صحيفة “كلكليست” التي تعنى بالشؤون الاقتصادية.
وتلجأ إدارة الحقل الموجودة قبالة شاطئ عسقلان إلى إيقاف التدفق للغاز خلال الأحداث الأمنية الحساسة، وفق تعليمات وزارة الطاقة التي تستقبلها من وزارة الأمن الإسرائيلية.
وانخفض مؤشر الغاز والنفط في البورصة، الأحد، بنسبة 9.2%، بفعل مخاوف من تصعيد أيضا على الجبهة الشمالية مع لبنان، الأمر الذي من شأنه تعريض الاحتياطيات في حقول الغاز قبالة سواحل البلاد إلى الخطر.
تراجع حاد لبورصة تل أبيب
وعلى صعيد سوق المال والبورصة، انخفض مؤشر تل أبيب 35 بنسبة 6.47%، ومؤشر تل أبيب 125 بنسبة 6.69%، وتل أبيب 90 بنسبة 7.86%.
وانخفض مؤشر عقارات تل أبيب بنسبة 9.48%، ومؤشر البنوك بنسبة 8.7%، بينما تأخر افتتاح البورصة صباح اليوم 10 دقائق بسبب الانخفاض الكبير قبل التداول.
وبحسب قواعد البورصة في التداول المستمر، إذا انخفض مؤشر تل أبيب 35 بنسبة 8%، يكون هناك توقف لمدة نصف ساعة، يتم بعدها استئناف التداول، وإذا استمر المؤشر في الانخفاض بنسبة 12% بعد الاستئناف، يتم إيقاف التداول حتى نهاية اليوم بقرار من الرئيس التنفيذي للبورصة.
وفي السياق، وجه يوسي فرانك الرئيس التنفيذي ومالك شركة “إنرجي فيينناس”، انتقادات شديدة اللهجة إلى محافظ بنك إسرائيل، بسبب فتح التعاملات في بورصة تل أبيب، وقال “نحن في حالة حرب وكل شيء ينهار”.
وتساءل فرانك في بيان عمم على وسائل الإعلام، “لماذا أعطيت الأوامر بفتح البورصة؟ أليس تعليق تداول العملات الأجنبية لعدة أيام وإيقاف النشاط في البورصة جزءا لا يتجزأ من محاولة تهدئة الأسواق والجمهور ومنع انهيار الشيكل والمؤشرات والأسهم الإسرائيلية؟”.
ماذا عن الشيكل؟
وتوقع محللون ووسطاء أن يتراجع الشيكل عند بدء التداول غدا الاثنين، إلى أدنى مستوياته خلال 7 سنوات سجلها الخميس الماضي، عندما وصل سعر الدولار الواحد 3.88 شيكل في التداول المستمر.
وسيؤدي المزيد من ضعف الشيكل وتراجعه أمام الدولار والعملات الأجنبية إلى ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة في الأيام المقبلة، مما سيزيد من حاجة بنك إسرائيل إلى رفع أسعار الفائدة في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، بنسبة 0.25% أخرى، لتصل إلى 5%، وفقا لتقديرات مراسل شؤون الاقتصاد والهايتك في صحيفة “هآرتس”، سيمي سبولتر.
لكن سبولتر رجح -في حديث للجزيرة نت- أن يؤجل بنك إسرائيل رفع الفائدة إلى ديسمبر/كانون الأول المقبل، مخافة أن يؤدي الرفع إلى دخول الاقتصاد الإسرائيلي في ركود مع احتمالات استمرار المواجهات.
نقص حاد
وبشأن توقعاته لأداء شبكات التسوق وتوفر المواد الغذائية لم يستبعد الصحفي الإسرائيلي حدوث نقص حاد في المواد التموينية والغذائية وشلل تام في شبكات التسوق في جنوبي البلاد، بينما لوحظ تراجع كبير في حركة التسوق.
وتوقع تسجيل مزيد من الانخفاض في أداء البورصة خلال الأيام المقبلة مع تأزم الوضع الأمني الذي تشهده البلاد، وخوف المستثمرين من المستقبل.
من جهته، قال أوري غرينفيلد كبير الإستراتيجيين في شركة “بساجوت” للاستثمارات “على عكس العمليات العسكرية المختلفة في الجنوب في السنوات الأخيرة، التي كان لها تأثير ضئيل على الأسواق، من المتوقع أن يكون للحرب الحالية تأثير أكبر”، وفق وصفه.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت “في العمليات العسكرية السابقة لم تتضرر الأسواق بالجنوب بشكل كبير، وبالتالي لم يتضرر الاقتصاد الإسرائيلي في حينه بشكل كبير. أما في الحرب الحالية فليس هناك حاجة للإفراط بالتفاؤل، ومن المرجح أن تواجه الأسواق المحلية هذه المرة صعوبة في التعافي بسرعة”.
التأثيرات على الاقتصاد العالمي
وفي أول رد فعل دولي قال رئيس بنك التسويات الدولية أوغستين كارستنز اليوم الأحد إن “من السابق لأوانه استقراء” الكيفية التي ستؤثر بها المواجهات في إسرائيل على الاقتصاد العالمي الذي لا يزال يعاني من ارتفاع التضخم بعد جائحة كورونا.
وأضاف كارستنز أمام الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال “يؤثر هذا بشكل تقليدي على سعر النفط ويمكنه التأثير على سوق الأسهم، لكن من السابق لأوانه الاستقراء”.