غزة – حينما عاد معتز حمَام برفقة أسرته إلى مدينة غزة شمالي قطاع غزة، بعد رحلة نزوح استغرقت قرابة العام في جنوب القطاع، وجد بيته مدمرا.
لم يجد معتز مراكز إيواء أو خيمة يُقيم فيها مع أسرته، فاضطر للسكن في مدرسة فارغة، لكن حارسها طلب منه المغادرة لعدم ملاءمتها للسكن. ويقول إنه يبحث عن مركز إيواء لكنه لم يجده، حيث أخبره البعض أن شمال القطاع يفتقد للخيام والكرافانات (البيوت المتنقلة) إذ لم يسمح الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن بإدخالها.
ويعاني غالبية العائدين إلى شمال القطاع من المشكلة ذاتها، ويجدون أنفسهم عاجزين عن العثور على مركز إيواء أو خيمة أو أدنى متطلبات الحياة كالماء.
%90 بلا مأوى
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد قال في بيان صحفي إن 90% من العائدين إلى شمالي قطاع غزة يفتقرون إلى منازل تؤويهم. وذكر أن شمالي القطاع بحاجة إلى 135 ألف خيمة بشكل فوري.
ومنذ 27 يناير/كانون الثاني، بدأ عشرات الآلاف من النازحين بالعودة إلى مناطقهم التي هُجروا منها، حسبما نص اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقُرب مركز إيواء حديث تعمل مؤسسة دولية على تأسيسه لاستقبال العائدين إلى الشمال، وصلت إيمان أرحيم لطلب خيمة تسكن فيها، لكنها فوجئت بأن المركز امتلأ ولم يعد فيه متسع لاستقبال أحد من العائدين، رغم أنه في طور التأسيس ولم يتم نصب الخيام كاملة فيه.
وتقول إيمان “بيتي في حي تل الهوى (جنوب مدينة غزة) دُمّر، وبعد أن عدت مشيا قبل 3 أيام دون أن آخذ متاعي، وجدت نفسي في الشارع”. وتضيف “عندي 7 أولاد أيتام وأنا الثامنة، لا يوجد لي مكان أسكن فيه، كنت على البحر لأنه لا مكان لي، أطلب أن ينجدني أحد”.
يفترشون الشوراع
ورغم أن العائد علاء صيام نجح في الحصول على خيمة، فإنه يفتقد للمرحاض والماء وبقية الخدمات الأساسية اللازمة. ويقول “لمّا قالوا لنا مسموح الرجوع، عدت ووجدت بيتنا المكون من 8 طوابق مدمرا بالكامل، ونحن الآن نعاني بشكل رهيب، لا سكن ولا خدمات ولا ماء، معاناتنا كبيرة، الناس والنساء تنام في الشارع.. لا حياة في شمال غزة”.
وقبيل الحرب، كان منصور مشتهى ميسور الحال، إذ كان يعمل مقاول بناء، لكن الحرب تسببت في تقويض نشاطه التجاري وتدمير عمارته المكونة من 9 طوابق.
ونزح منصور إلى جنوب القطاع هربا من جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل، وحينما عاد عقب التوصل لوقف إطلاق النار وجد نفسه بدون مأوى. ويقول للجزيرة نت “لا توجد حياة في شمال القطاع، نهيب بالعالم كله أن تتضافر جهوده لإنقاذ غزة وأهلها الذين ظُلموا ظلما شديدا”.
ولا تختلف قصة علي الإفرنجي، الذي يعيل أسرة مكونة من 8 أفراد، عن قصص الأسر، إذ كان يمتلك متجرا ومنزلا قبل الحرب، وحينما عاد من الجنوب مؤخرا وجدهما قد دُمرا. ويقول “أنا في الشارع.. لا يوجد سكن، نبحث عن خيمة ولا نجد، لا أعرف ماذا أفعل، عُدنا 200 سنة للوراء”.
وبعد أن زار عادل أبو سخيلة عدة مراكز إيواء مستحدثة تعمل جمعيات خيرية على تأسيسها، أصابه اليأس من العثور على مأوى. ويقول “أنا عائد للشمال منذ يومين، وجدت بيتي مهدما، والآن أسرتي المكونة من 9 أفراد بلا مأوى، ولا أحد يرعانا، هنا لا سكن ولا ماء ولا خدمات ولا أحد يحتضن الناس”.
بدوره، يقول الدكتور مروان مشتهى إنه لم يكن يتوقع أن تكون الأمور في شمال القطاع سيئة إلى هذا الحد. ويضيف “كنا نازحين للجنوب وعدنا ولم نجد مقومات للحياة، كان لنا بيوت وحياة مستقرة، الآن نبحث فقط عن مكان يسترنا. لا نتكلم عن إعادة الإعمار بل فقط عن إغاثة الناس وإنقاذهم”.
ونجحت أسرة الطفلة لين السوافيري في العثور على خيمة بمركز إيواء حديث يقع بالقرب من منزلها المدمر. لكنّ الخيمة من دون أي خدمات، حيث لا يتوفر مرحاض ولا ماء.
وتقول لين من أمام منزلها المدمر “رجعنا فوجدنا دارنا مقصوفة ومدمرة، هذه غرفتي كان فيها خزانتي ومرآتي وسريري وألعابي، كل شيء دُمّر”.