تفاعلات كونية عنيفة تفسّر لغز نشأة المجرات الإهليلجية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 3 دقيقة للقراءة

يعد معرفة كيفية تكوّن المجرات الإهليلجية العملاقة أحد أهم الألغاز الكونية التي تحيّر الفلكيين، وذلك على عكس المجرات الحلزونية مثل مجرتنا درب التبانة، التي تحتوي على كميات كبيرة من الغاز والغبار الكوني، مما يسمح لها بتكوين النجوم بشكل مستمر ضمن أقراص دوارة.

تتميز المجرات الإهليلجية بحجمها الكبير وشكلها البيضاوي ثلاثي الأبعاد، وقد تشكلت منذ البداية بهذه الهيئة نتيجة تفاعلات واندماجات كونية عنيفة، خلافا لبعض المعتقدات القديمة التي افترضت أنها بدأت كأقراص مسطحة ثم تغيرت. كما تحتوي هذه المجرات العملاقة على نجوم تشكّلت قبل أكثر من 10 مليارات عام، مما يجعلها شاهدة على بدايات الكون.

وتكشف دراسة جديدة نشرت في دورية “نيتشر” عن أصل تكون هذا النمط من المجرات باستخدام مصفوف مرصد أتاكاما المليمتري الكبير “مرصد ألما”، ومن خلال تحليل توزيع الغبار الكوني في أكثر من 100 مجرة بعيدة، اكتشف الباحثون أن تكوّن النجوم في هذه المجرات المعمّرة لم يكن يحدث في هياكل مسطحة تشبه الأقراص كما كان يُعتقد سابقا، بل يتجمع الغبار والغاز في نوى مدمجة بفعل تدفقات الغاز البارد واندماجات المجرات.

وتشير النتائج إلى أن المجرات الإهليلجية العملاقة تشكلت في غضون فترات قصيرة من نشاط مكثف لتكوين النجوم، على عكس التطور التدريجي الذي يحدث في المجرات الحلزونية.

تقنيات ثورية

جرى تحقيق هذا الإنجاز بفضل تقنية جديدة طُبقت على بيانات مرصد ألما، الذي يعمل بتقنية التداخل الموجي، حيث تجمع الإشارات من عدة هوائيات لتكوين صور دقيقة للمجرات البعيدة. ولأن البيانات ليست صورا بصرية مباشرة بل إشارات معقدة، فإن معالجتها تتطلب تقنيات متقدمة مقارنة بالصور البصرية التقليدية.

وباستخدام المحاكاة الكونية الحاسوبية، تمكن الباحثون من تفسير هذه البيانات وفهم الآليات الفيزيائية التي أدت إلى تجمع الغبار والغاز في مراكز هذه المجرات. وأظهرت التحليلات أن التدفقات الباردة للغاز من المجرات المحيطة، بالإضافة إلى التفاعلات والاندماجات بين المجرات، تعمل معا على دفع الغبار والغاز نحو نوى مكثفة، وهي عملية شائعة في الكون المبكر، مما يفسر التكوّن السريع للمجرات الإهليلجية.

كما ستوفر الملاحظات المستقبلية باستخدام تلسكوبي جيمس ويب الفضائي ويوكليد خرائط تفصيلية لتوزيع النجوم في أسلاف المجرات الإهليلجية، في حين سيتيح التلسكوب الأوروبي العملاق تفاصيل غير مسبوقة حول تكوين النجوم وهيكل المجرات البعيدة، وهو ما سيساعد على تأكيد الاستنتاجات التي توصل إليها البحث.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *