لطالما ألهمت قصص سقوط الطغاة خيال صنّاع السينما حول العالم، فقدموا أعمالا صوّرت قصص حكام استبدوا بشعوبهم قبل أن تنهار أنظمتهم الدكتاتورية بعدما كانوا في ذروة سطوتهم يوما ما.
من أوروبا إلى أميركا اللاتينية وآسيا، نستعرض فيما يلي 6 أفلام قدمت رؤية درامية مؤثرة لسقوط حكام دكتاتوريين بين الدراما والتاريخ والكوميديا السوداء:
1- “سقوط” (Downfall)
- سنة الإصدار: 2004.
- الفئة: دراما تاريخية.
- التقييم: 8.2/10 على “آي إم دي بي” و90% على “روتن توميتوز”.
- أبرز الممثلين: برونو غانتس، وألكسندرا ماريا لارا، وأولريش ماتيس.
- المخرج: أوليفر هيرشبيغل.
يركز فيلم “سقوط” (Downfall) -أو (Der Untergang بالألمانية)- على الأيام الأخيرة من حياة الزعيم النازي أدولف هتلر ونهاية حكم الرايخ الثالث لألمانيا. ويستند الفيلم إلى شهادات وكتابات تاريخية، أبرزها مذكرات السكرتيرة الشخصية لهتلر، تراودل يونغه.
تدور الأحداث في ملجأ هتلر ببرلين خلال الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، حيث تتكشف الأزمات الإنسانية والسياسية التي رافقت سقوط النظام النازي.
يبدأ الفيلم بتصوير التدهور النفسي والاضطراب الذي أصاب الزعيم الألماني أثناء محاولته قيادة دفاع خاسر عن العاصمة. ويُظهر العمل العلاقة المعقدة بين هتلر ودائرته المقربة، بما في ذلك رؤيته للعالم، وغضبه تجاه الجنرالات الذين اعتبرهم خونة. كما يسلط الضوء على الصراعات الإنسانية التي واجهها أتباعه المخلصون في ظل التدهور الحتمي للوضع.
يمتد “سقوط” إلى عرض معاناة المدنيين وجنود الجيش الألماني العاديين، وهذا يعكس العبء البشري الهائل لانهيار النظام. من خلال تصوير دقيق وشامل، قبل أن يستعرض فقدان النظام للسيطرة تماما، وكيف انعكست هزيمته على الأشخاص المحيطين بهتلر.
لاقى الفيلم إشادة واسعة من النقاد والمشاهدين على حد سواء، خاصة بسبب أداء برونو غانتس المذهل بدور هتلر. وأثنى النقاد على كيفية تجسيده لشخصية الزعيم النازي بطريقة إنسانية من دون تمجيد أو تبرير أفعاله. وأشاد العديد أيضا بالاهتمام الكبير بالتفاصيل التاريخية والتصوير السينمائي المذهل. مع ذلك، أثار العمل جدلا في بعض الأوساط، حيث اعتبره البعض محاولة لمنح هتلر بُعدا إنسانيا قد يكون غير ضروري.
حاز “سقوط” على عدة جوائز وترشيحات بارزة، بما في ذلك ترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2005. كما فاز بعدد من الجوائز الأوروبية، مثل جائزة “البافتا” لأفضل إخراج.
2- “آخر ملوك أسكتلندا” (The Last King of Scotland)
- سنة الإصدار: 2006.
- الفئة: دراما، سيرة ذاتية.
- التقييم: 7.6/10 على “آي إم دي بي” و87% على “روتن توميتوز”.
- أبرز الممثلين: فورست ويتكر، وجيمس مكافوي، وكيري واشنطن، وجيليان أندرسون.
- المخرج: كيفن ماكدونالد.
يستند فيلم “آخر ملوك أسكتلندا” (The Last King of Scotland) إلى رواية خيالية تحمل نفس الاسم من تأليف جايلز فودن. وتدور أحداثه في أوغندا خلال السبعينيات، ويروي قصة الطبيب الأسكتلندي الشاب نيكولاس غاريغان الذي يسافر إلى أفريقيا بحثا عن مغامرة وتجربة جديدة. سرعان ما يجد غاريغان نفسه في قلب الأحداث السياسية عندما يلفت انتباه الزعيم الأوغندي عيدي أمين، الذي يعينه طبيبه الشخصي.
ومع تطور الأحداث، يكتشف غاريغان جانبا مختلفا تماما من شخصية أمين. ورغم جاذبيته الأولية وكاريزمته، يتضح تدريجيا أن أمين شخصية مضطربة، تجمع بين القسوة والهوس بالسلطة. يعرض الفيلم العلاقة المعقدة بين غاريغان وأمين، حيث يجد الطبيب نفسه متورطا في دائرة من الفوضى والعنف من دون أن يدرك مدى خطورة الموقف.
ويبرز “آخر ملوك أسكتلندا” الفظائع التي ارتكبها نظام أمين، ويعرض مشاهد من الاضطهاد الذي عانى منه الشعب الأوغندي خلال فترة حكمه. ويتم تقديم هذه الجوانب من خلال رؤية شخصية غاريغان، وهذا يجعل المشاهد يعيش لحظات من التوتر والقلق.
لاقى الفيلم إشادة واسعة من النقاد والجماهير على حد سواء، خاصةً بسبب الأداء الرائع من فورست ويتكر في دور عيدي أمين، حيث تمكن من تجسيد شخصية الدكتاتور بطريقة مدهشة جمعت بين الجاذبية والرعب. كما أشاد النقاد بتصوير الفيلم الواقعي والمثير، فضلا عن السيناريو الذي مزج بين عناصر الخيال والتاريخ بشكل متقن. مع ذلك، واجه الفيلم انتقادات محدودة لكونه يركز بشكل رئيس على منظور شخصية غاريغان الغربية.
حصل “آخر ملوك أسكتلندا” على عدة جوائز وترشيحات مرموقة، حيث فاز فورست ويتكر بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن أدائه الاستثنائي. كما حصل على جوائز “غولدن غلوب” و”بافتا” في نفس الفئة، إلى جانب ترشيحات في فئات أخرى مثل السيناريو والإخراج.
3- “وفاة ستالين” (The Death of Stalin)
- سنة الإصدار: 2017.
- الفئة: كوميديا سوداء، دراما سياسية.
- التقييم: 7.2/10 على “آي إم دي بي” و95% على “روتن توميتوز”.
- أبرز الممثلين: ستيف بوشيمي، وسيمون راسل بيل، وجيفري تامبور، وجيسون إيزاك.
- المخرج: أرماندو يانوتشي.
يتميّز فيلم “وفاة ستالين” (The Death of Stalin) الصادر سنة 2017 بالكوميديا السوداء رغم استناده لأحداث حقيقية تصور الفوضى التي اجتاحت القيادة السوفياتية بعد وفاة جوزيف ستالين عام 1953. الفيلم يقدم رؤية ساخرة ومثيرة للأحداث السياسية والصراعات الشخصية بين أعضاء الحكومة السوفياتية، حيث يسعون للسيطرة على السلطة وسط حالة من الذعر والاضطراب.
يبدأ الفيلم بلحظات وفاة ستالين، التي تؤدي إلى فراغ سياسي هائل. يُظهر الفيلم الصراعات بين الشخصيات الرئيسة مثل نيكيتا خروتشوف ولافرينتي بيريا، حيث يحاول كل منهما استغلال الوضع لتحقيق مكاسب شخصية، ثم تتوالى الأحداث عبر سلسلة من التحالفات والخطط والمؤامرات التي تُظهر الجانب العبثي من السياسة داخل واحدة من أقوى الحكومات في العالم.
من خلال الحوار الحاد والأداء الكوميدي المميز، يكشف “وفاة ستالين” عن الخوف والترقب اللذين سيطرا على أعضاء القيادة، والطرق التي استخدموها لتجنب الوقوع ضحية لمؤامرات الآخرين. ويبرز الفيلم كيف أن الفوضى السياسية يمكن أن تكون مثيرة للضحك ومليئة بالمواقف السريالية، رغم أن خلفيتها حقيقية ومظلمة.
لاقى الفيلم إشادة واسعة من النقاد، حيث وصفوه بأنه عمل ذكي يمزج بين الكوميديا السوداء والتاريخ السياسي. وأشاد النقاد بكتابة وإخراج أرماندو يانوتشي، الذي نجح في تقديم قصة معقدة بطريقة ساخرة لكنها ذات مغزى. كما نالت أداءات الممثلين، مثل ستيف بوشيمي في دور خروتشوف وسيمون راسل بيل في دور بيريا، استحسانا كبيرا. مع ذلك، أثار الفيلم جدلا في بعض الدول مثل روسيا، حيث تم منعه بسبب انتقاده الساخر للقيادة السوفياتية.
وحصل العمل على العديد من الجوائز والترشيحات المرموقة؛ فتم ترشيحه لجائزة “بافتا” لأفضل سيناريو مقتبس، كما فاز بعدة جوائز في مهرجانات الأفلام الدولية، بما في ذلك جوائز عن أفضل إخراج وأداءات مميزة. ويُعتبر “وفاة ستالين” واحدا من أبرز الأمثلة على استخدام الكوميديا لتناول مواضيع سياسية معقدة.
4- “إيفيتا” (Evita)
- سنة الإصدار: 1996.
- الفئة: موسيقي، سيرة ذاتية، دراما.
- التقييم: 6.3/10 على “آي إم دي بي” و63% على “روتن توميتوز”.
- أبرز الممثلين: مادونا، وأنطونيو بانديراس، وجوناثان برايس.
- المخرج: آلان باركر.
يستند فيلم “إيفيتا” (Evita) الموسيقي الصادر عام 1996، إلى المسرحية الغنائية الشهيرة التي تحمل نفس الاسم، حيث يروي قصة حياة إيفا بيرون، زوجة الرئيس الأرجنتيني خوان بيرون، ويركز على رحلتها من فتاة فقيرة تعيش في الريف إلى واحدة من أكثر الشخصيات تأثيرا وإثارة للجدل في تاريخ البلاد. ويُقدم العمل من خلال سرد غنائي درامي يبرز قوة شخصيتها وتأثيرها على السياسة والشعب الأرجنتيني.
يبدأ الفيلم بتسليط الضوء على طفولة إيفا ونشأتها المتواضعة، حيث تطمح إلى الهروب من الفقر والسعي لتحقيق حياة أفضل. وتنتقل إلى العاصمة بوينس آيرس، حيث تستخدم ذكاءها وجاذبيتها لتشق طريقها إلى دوائر السلطة. وتدريجيا، تصبح زوجة خوان بيرون، ثم السيدة الأولى التي تمتلك نفوذا كبيرا على السياسة والشعب، حيث تُعرف بمواقفها الداعمة للفقراء وسعيها لتحسين حياتهم.
يركز “إيفيتا” أيضا على الجوانب الشخصية لحياة إيفا، بما في ذلك طموحها الذي لا يعرف حدودا، وعلاقتها المعقدة مع السلطة. في الوقت نفسه، يُبرز العمل كيف أصبحت شخصية مثيرة للجدل؛ فهي محبوبة من الطبقات الكادحة التي رأت فيها أملا، لكنها كانت موضوع انتقادات من النخبة التي اعتبرتها طموحة ومتعجرفة.
لاقى الفيلم ردود فعل متباينة من النقاد والجماهير. وأشاد الكثيرون بأداء مادونا في دور إيفا بيرون، الذي أظهر جانبا إنسانيا لشخصية سياسية قوية. كما نال الفيلم استحسانا بفضل تصميم الأزياء، والموسيقى التي ساهمت في تقديم تجربة غنائية درامية مؤثرة. مع ذلك، انتقد البعض السرد الخطي للفيلم وطول بعض المشاهد الغنائية.
حصل العمل على العديد من الجوائز والترشيحات، أبرزها جائزة الأوسكار لأفضل أغنية أصلية عن أغنية “يو ماست لوف مي” (You Must Love Me)، بالإضافة إلى 3 جوائز “غولدن غلوب” شملت أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي، وأفضل ممثلة في دور رئيس لمادونا.
5- “لا” (No)
- سنة الإصدار: 2012.
- الفئة: دراما، تاريخ.
- التقييم: 7.4/10 على “آي إم دي بي” و93% على “روتن توميتوز”.
- أبرز الممثلين: غايل غارسيا برنال، ألفريدو كاسترو، لويس جنيكو.
- المخرج: بابلو لارين.
يعد “لا” (No) فيلم درامي سياسي صدر عام 2012 من إخراج بابلو لارين، ويستند إلى أحداث حقيقية حول حملة الاستفتاء التي أجريت في تشيلي عام 1988 لإنهاء حكم الدكتاتور أوغستو بينوشيه. يستند الفيلم إلى مسرحية تحمل اسم “ديل بليبيشيتو” من تأليف أنطونيو سكارسيتا، ويتميز بتقديمه قصة مليئة بالتوتر والتحديات السياسية من خلال منظور غير تقليدي.
وتدور أحداث الفيلم حول رينيه سافيدرا (غايل غارسيا برنال)، وهو مسؤول إعلانات بارع يتم تكليفه بقيادة حملة “لا”، التي تهدف إلى إقناع الشعب بالتصويت ضد استمرار حكم بينوشيه في الاستفتاء الوطني. بينما يبتكر الفريق حملة إبداعية تعتمد على الأمل والتفاؤل بدلا من التركيز على الفظائع التي ارتكبت خلال حكم بينوشيه، حيث يواجه تهديدات وضغوطا من النظام الحاكم، مما يجعل مهمته محفوفة بالمخاطر.
يعرض العمل التحديات التي واجهتها الحملة في ظل قمع الحريات الإعلامية والرقابة الشديدة، حيث استطاعت حملة “لا” استغلال دقائق البث المخصصة لها بشكل مبدع لتوصيل رسالتها إلى ملايين المواطنين. ويُظهر الفيلم أيضا كيف كان الاستفتاء لحظة فارقة في تاريخ تشيلي الحديث، إذ أنهى عقودا من الحكم العسكري الدكتاتوري وفتح الطريق أمام الديمقراطية.
ما يميز “لا” هو أسلوبه البصري الفريد، إذ تم تصويره باستخدام كاميرات فيديو تعود إلى الثمانينيات، مما يمنح الفيلم مظهرا واقعيا ويجعله يبدو كأنه جزء من الوثائق التاريخية. وأشاد النقاد بهذا النهج المبتكر، بالإضافة إلى الأداء القوي لغايل غارسيا برنال، الذي قدم شخصية تحمل مزيجا من الشجاعة والحذر في مواجهة نظام قمعي. وتلقى الفيلم إشادات واسعة من النقاد والجماهير، حيث اعتبروه تصويرا مثيرا للحظات حاسمة في الكفاح من أجل الحرية.
على صعيد الجوائز، تم ترشيح “لا” لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي عام 2013، وهو أول فيلم تشيلي يصل إلى هذه المرحلة. كما فاز بعدة جوائز في مهرجانات سينمائية دولية، بما في ذلك جوائز في مهرجان كان السينمائي، حيث أثنى النقاد على أسلوبه الإبداعي وسرده التاريخي المميز.
6- “1987: عندما جاء اليوم” (1987: When the Day Comes)
- سنة الإصدار: 2017.
- الفئة: دراما، تاريخ.
- التقييم: 7.8/10 على “آي إم دي بي” و86% على “روتن توميتوز”.
- أبرز الممثلين: كيم يون-سوك، ها جونغ-وو، كيم تاي-ري.
- المخرج: جانغ جون-هوان.
فيلم “1987: عندما جاء اليوم” (1987: When the Day Comes) هو عمل درامي تاريخي صدر عام 2017 من إخراج جانغ جون هوان، يستند إلى أحداث حقيقية وقعت في كوريا الجنوبية خلال الثمانينيات، عندما كانت البلاد تحت حكم نظام دكتاتوري. يروي الفيلم اللحظات المفصلية التي قادت إلى الحركة الديمقراطية في كوريا الجنوبية، حيث يكشف الفيلم تفاصيل نضال الشعب ضد القمع والظلم.
تبدأ القصة بوفاة طالب جامعي أثناء احتجازه من قبل الشرطة، مما يثير غضبًا شعبيًا واسعًا. تحاول السلطات تغطية الحادثة، لكنها تواجه مقاومة من الصحفيين، رجال القانون، والناشطين الذين يرفضون الصمت على الظلم. ويكشف الفيلم شبكة الفساد داخل النظام العسكري الحاكم، وكيف أن وفاة طالب شجّعت الجماهير على المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية.
من خلال مجموعة من الشخصيات المؤثرة، بما في ذلك المحققون، الصحفيون، والطلاب، يعرض الفيلم كيف تحولت التضحيات الشخصية إلى شرارة أشعلت الثورة. ويتم تقديم الأحداث بأسلوب درامي متصاعد، يظهر الترابط بين الأطراف المختلفة في المجتمع الكوري الذين عملوا معا لإحداث تغيير تاريخي.
لاقى “1987: عندما جاء اليوم” إشادة واسعة من النقاد والجماهير بسبب تناوله الموضوعات الإنسانية والسياسية بأسلوب مؤثر وعاطفي. وأشاد النقاد بأداء طاقم التمثيل، خاصة كيم يون-سوك وها جونغ-وو، اللذين نجحا في نقل الصراع النفسي والتوتر الدرامي بواقعية كبيرة. كما تم الثناء على الطريقة التي قدم بها الفيلم الأحداث التاريخية المعقدة بشكل مفهوم وجذاب.
حصل العمل على العديد من الجوائز والتقديرات في كوريا الجنوبية وخارجها. من أبرز هذه الجوائز: جائزة أفضل فيلم في حفل جوائز “التنين الأزرق”، وجائزة أفضل إخراج لجانغ جون هوان. كما تم ترشيحه للعديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية آسيوية وعالمية، مما يجعله أحد أهم الأفلام التي تسلط الضوء على الكفاح من أجل الديمقراطية في كوريا الجنوبية.