ما مواقف القوى العراقية من أحداث سوريا؟ وما مخاوفها؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

بغداد– في الوقت الذي تشهد فيه الساحة العراقية تباينًا في المواقف بشأن التدخل في القتال بسوريا بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، جاء تصريح الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الذي يعلن موقف التيار الصدري الرافض لأي تدخل.

وكان الصدر قد أكد في بيان رسمي نشره على حسابه بموقع إكس، الخميس، على ضرورة عدم تدخل العراق حكومة وشعبا وكل الجهات في الشأن السوري. فيما أثار بيانه النقاش العراقي الداخلي حول دور البلاد الإقليمي وموقفها من الأزمة السورية.

دعوة لحل متوازن

وفي شرح لموقف بغداد من الوضع في سوريا، أكد المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي، باسم العوادي، أن بلاده ترفض بشكل قاطع أي محاولات للمساس بوحدة الأراضي السورية وتقسيمها، مشددًا على أن أية أفكار تقسيمية تشكل خطرًا على مجمل المنطقة العربية، وخاصة بالنظر إلى خصوصية سوريا “باعتبارها أحد أكبر البلدان العربية التي تواجه الكيان الإسرائيلي”.

وقال العوادي في حديث لـ”الجزيرة نت”، إن العراق لا يفكر ولا يسعى إلى التدخل العسكري في سوريا، مؤكدًا في الوقت نفسه أن كل ما يجري في سوريا له تأثير مباشر على الأمن القومي العراقي، مما يجعل العراق غير قادر على البقاء بعيدًا عن فهم التطورات ودراسة مدى تأثيرها عليه سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل.

وأضاف أن العراق يرفض تعريض أبناء الشعب السوري للمزيد من المعاناة والآلام بعد السنوات الطويلة من المحنة والشتات، محذرًا من المساس بالأقليات القومية والدينية في سوريا، أو محاولة إثارة النعرات المفرّقة للنسيج المجتمعي السوري، والتي قد تؤثر على الجوار العربي بشكل عام.

وتابع أن العراق يعمل بقوة على إيجاد حل سياسي متوازن للتداعيات الأخيرة في سوريا، مشيرًا إلى أن العراق لا يزال جزءًا فعالًا من التحالف الدولي لهزيمة تنظيم “الدولة” في كل من سوريا والعراق، مما يمنحه تفويضًا دوليًا للدفاع عن أمنه وسيادته إن فكّر أي طرف بالتعدي على حدوده.

وبين العوادي أن العراق يبذل حاليًا جهودًا سياسية ودبلوماسية استثنائية مع دول الجوار السوري كافة، ومع الدول الفاعلة في الساحة السورية، للوصول إلى تفاهمات تسهّل صياغة حلول سياسية متوافق عليها لإيجاد حل للأزمة في سوريا.

الصدر يحسم الجدل

وفي إطار النقاش السياسي العراقي بين مؤيد للتدخل في سوريا ومعارض له، قال السياسي المقرب من التيار الصدري، مناف الموسوي، للجزيرة نت، إن الصدر معروف بمواقفه الداعمة لعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مؤكدا أن الأزمة السورية هي شأن داخلي يجب حله عبر الحوار بين الأطراف السورية.

وأضاف أن الصدر دعا إلى تجنب زج الشعب السوري في المزيد من المخاطر، وحث جميع الأطراف على الابتعاد عن التدخلات الخارجية والجلوس إلى طاولة الحوار، منوها إلى أنها كانت حاسمة في توضيح موقف التيار، حيث دعا الحكومة العراقية إلى منع أي جهة من التدخل بشكل مباشر في الأزمة السورية، حفاظا على مصالح العراق والأمن الإقليمي.

وبالحديث عن موقف رئيس الوزراء العراقي، أوضح الموسوي أن محمد شياع السوداني لم يعلن عن أي تدخل عراقي مباشر في سوريا، وإنما أكد على ضرورة حماية الحدود ومنع أي تسلل إلى العراق، لافتا إلى أن موقف الحكومة بدا متأثرا بالضغوط المتضاربة، حيث ظهر انقسام في البرلمان بين مؤيد للتدخل المباشر في سوريا وآخر لدعم الجبهة الداخلية العراقية.

وأكد الموسوي أن موقف الحكومة الحالي معقد للغاية، حيث تُحصر بين رؤية إيرانية وأخرى أميركية، منوها إلى أن هذا الموقف الصعب للحكومة قد يشكل خارطة سياسية جديدة للعراق في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية.

وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري أن العراق سبق أن تضرر من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يسمح بتكرار ذلك.

القرار للحكومة

يقول جمعة العطواني، رئيس مركز أفق للدراسات والتحليل السياسي، إن قرار السلم والحرب دستوري وقانوني، وإن قرار التحرك لمواجهة الجماعات الإرهابية مسألة متروكة للقائد العام للقوات المسلحة والحكومة العراقية، منوها إلى أن البعض يرى أن الأحداث السورية شأن داخلي، لكن الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي في ظل الديمقراطية.

وقال العطواني في حديثه للجزيرة نت إن الحكومة العراقية والعديد من القوى السياسية ترى أن ما يحصل في سوريا هو نسخة طبق الأصل مما حدث في العراق عام 2014، ولهذا لا بد من وجود دور عراقي لوقف الحرب والمواجهات ومنع الإرهاب والحفاظ على استقرار وأمن ووحدة سوريا.

وتابع “هناك بعض القوى السياسية التي ترى أن إرسال قوات إلى سوريا ليس في مصلحة العراق خوفا من ردود أفعال إرهابية داخل العراق”، مستدركا بالقول “لكن القرار الرسمي يبقى بيد الحكومة العراقية لأنها المسؤولة عن تبعات أي انتشار للإرهاب في سوريا”.

وبيّن العطواني أن المؤتمر الصحفي الذي جمع وزراء خارجية العراق وسوريا وإيران أكد على أهمية وحدة وأمن سوريا للمنطقة وضرورة التعامل مع الإرهاب بمسطرة واحدة.

وأكد العطواني أن الحراك الدبلوماسي هو الأمل في وقف الحراك العسكري، لكن إن  فشل فإن العراق لن يقف مكتوف الأيدي وقد يرسل الحشد الشعبي أو قوات أمنية أخرى.

وبشأن تصريحات رئيس هيئة الحشد الشعبي، بين العطواني أن فالح الفياض حذر من إمكانية تدخل الحشد الشعبي في سوريا إذا استدعت الضرورة، ذلك لأن نتائج الأحداث في سوريا ستؤثر بشكل مباشر على العراق، مضيفا أن “تقسيم سوريا سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على استقرار ووحدة وسيادة العراق، وهو معني أكثر من أي دولة أخرى بالحفاظ على سوريا واستقلالها”.

وأكد رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي فالح الفياض، أمس الجمعة أن الأزمة السورية “حدث داخلي”، لكن لا يمكن غض الطرف عندما تتحكم جماعات مسلحة بسوريا.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *