ماذا وراء استهداف نتنياهو للمؤسستين العسكرية والأمنية؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- وسط السجال المحتدم بشأن مسؤولية الإخفاقات في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والاتهامات التي يوجهها المستوى السياسي للمؤسسة العسكرية بالفشل في منع معركة “طوفان الأقصى”، يمعن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في سلسلة إجراءات تهدف إلى إحداث تغييرات جوهرية بالجيش الإسرائيلي.

وتكشّفت نيات نتنياهو من خلال الانتقادات التي وجهها إلى رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، واتهام الجيش بحجب ملفات عن المستوى السياسي، وتسريب معلومات سرية بشأن سير الحرب على غزة ومفاوضات صفقة التبادل.

وفي مؤشر آخر على إجراءاته، تحدى وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، وأكد رفضه التوقيع على أوامر اعتقال إدارية وإلغاء مثل هذه الأوامر الصادرة بحق عدد من المستوطنين بالضفة الغربية، التي وقعها سابقه يوآف غالانت.

تطهير الجيش

وأُرفقت هذه الانتقادات والاتهامات بمقالات وتوصيات لمراكز أبحاث إسرائيلية محسوبة على معسكر اليمين دعت بصريح العبارة هاليفي وبار للتنحي والاستقالة. وتعليقا على ذلك، عنونت صحيفة “هآرتس” افتتاحيتها، اليوم الأربعاء، بـ”الحكومة تقوم بتطهير الجيش الإسرائيلي من معارضي بنيامين نتنياهو”.

وعززت الصحيفة موقفها بالتعليمات الصادرة عن كاتس والتي طالب فيها رئاسة الأركان بإلغاء استدعاء إيال نافيه لخدمة الاحتياط بالجيش، وهو ما يؤكد اعتماد السياسية ذاتها مع جنود وضباط الاحتياط المناهضين لحكومة نتنياهو.

ولتبرير تعليماته، قال كاتس “من دعا إلى الامتناع عن الخدمة العسكرية والرفض الجماعي لخدمة الاحتياط، لا يستحق تدريب الجيل القادم من جنود الجيش الإسرائيلي”.

ووفق الصحيفة، يعتبر نافيه أحد مؤسسي حركة “إخوة السلاح”، وهو من أكثر الشخصيات المرتبطة بتنظيم الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو والمطالبة بإبرام صفقة تبادل لإعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة. وسبق أن علقت شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) الخدمة لضابط الاحتياط رون شيرف وهو من قادة الاحتجاجات ضد الحكومة.

وبحسب الصحيفة، فإنه في الأيام الأولى بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت حاشية نتنياهو في استهداف وملاحقة نشطاء أعضاء “إخوة السلاح” الذين قادوا خط النضال برفض الخدمة العسكرية في الاحتياط، بسبب ما عدوه محاولة “الانقلاب على الديمقراطية والجهاز القضائي” الذي تقوده حكومة نتنياهو.

تداعيات سلبية

وقدّرت الصحيفة أن الأوامر الصادرة بحق شيرف ونافيه هي جزء من عملية واسعة من التطهير السياسي في الجيش، حيث وصفت القناة 14 الإسرائيلية الناطقة بلسان الحكومة، هذه الحركة بأنها دورية تابعة للجيش وهيئة متمردة يجب قمعها. ونددت باليساريين مؤيدي الاحتجاج باعتبارهم “خونة” تم طردهم من الجيش.

يُشار إلى أنه بالأشهر الأخيرة، تم إيقاف العشرات من جنود الاحتياط عن العمل بعد أن وقعوا على عريضة أعلنوا فيها أنهم سيتوقفون عن الخدمة العسكرية إذا لم تتحرك الحكومة لتنفيذ صفقة التبادل، وأشادت القناة بإلغاء تراخيص الأسلحة لأنصار التظاهر.

من جانبه، حذر الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، نداف إيال، من الهجمة التي يشنها نتنياهو وجماعته على الجيش والمؤسسة الأمنية بهدف القضاء على خصومه السياسيين والعسكريين والتكتم على إخفاقات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتنصل من المسؤولية عن الفشل الأمني والسياسي.

ويعتقد إيال أن الهجمات الحالية التي يقودها نتنياهو وأنصاره هي جزء من حملة واسعة النطاق للقضاء على المعارضين و”على الديمقراطية بإسرائيل التي تتجه نحو الدكتاتورية”.

وبرأيه، ستكون لإجراءات نتنياهو تداعيات سلبية على الواقع الداخلي بتعميق الشرخ المجتمعي وزيادة الاستقطاب السياسي، وإحداث تغيير جوهري بالبنية التنظيمية للجيش الإسرائيلي الذي سيتحول من “جيش الشعب” إلى “جيش نتنياهو”.

أحداث مفصلية

بالمقابل، خلص تقدير موقف أعده العقيد بالاحتياط حنان شاي، الباحث الإستراتيجي في معهد “مسغاف” للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية، إلى أن الجيش ورئاسة الأركان الحالية تتحمل مسؤولية الفشل والإخفاقات في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وعليها التنحي والاستقالة.

وبحسب قراءة الباحث المقرب من نتنياهو، فشل الجيش الإسرائيلي بقيادته الحالية في تحقيق أهداف الحرب، وفقد القدرة على السيطرة والتحكم بسير القتال.

ويعتقد أن السبب الرئيسي لإخفاقات الجيش في معركة “طوفان الأقصى”، هو تحوله في عام 2004 من جيش مصمم لهزيمة التنظيمات المسلحة بسرعة، إلى آخر مصمم لتوجيه ضربات شديدة للعدو حتى يفقه ويرتدع، لكن دون أن يغلب أو يهزم، قائلا “وكما كان متوقعا مسبقا، وكما ثبت في الماضي، لا يتطوع العدو بالاستسلام”.

من جهته، يرى رئيس جامعة تل أبيب أرئيل بورات، أن إسرائيل تواجه أحداثا داخلية ضخمة ومفصلية من شأنها أن تعرض البلاد للخطر، موضحا أنه “في خضم الحرب، يجري انقلاب غير مسبوق لتغيير نظام الحكم بإسرائيل والذي يتضمن تحركات لإحكام السيطرة على الجيش، والشرطة، ووسائل الإعلام، والأوساط الأكاديمية، والتعليم، والخدمات العامة”.

ويقول بورات إن التلويح بإقالة المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، وعدم الامتثال للقرارات الصادرة عن المحكمة العليا ومطالبة رئيس الأركان بالاستقالة، كلها أحداث ضخمة ستكون لها تداعيات خطيرة على إسرائيل “كدولة يهودية ديمقراطية”.

ودعا، في مقال له في صحيفة “هآرتس”، الجمهور الإسرائيلي ومختلف القوى السياسية والأحزاب والحركات ومنظمات المجتمع المدني، إلى التصدي لسياسات وإجراءات حكومة نتنياهو الهادفة للقضاء على كل من يعارض “اليمين المتطرف”، مؤكدا أن “هذا هو الوقت المناسب للعمل من أجل إنقاذ إسرائيل”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *