مرة أخرى، تتصدر دولة جورجيا نشرات الأخبار وتستحوذ على اهتمام متابعي الشأن الأوروبي.
بعد احتجاجات على نتائج الانتخابات البرلمانية، في أكتوبر الماضي، يخرج الآلاف مرة أخرى إلى الشوارع، هذه المرة احتجاجا على قرار رئيس الحكومة تعليق مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
أدخل هذا القرار البلاد، الواقعة في جنوب القوقاز، أزمة سياسية جديدة، ونزل الآلاف إلى الشوارع لمدة 4 أيام متتتالية بعد أن خرجوا من قبل للمطالبة بإجراء انتخابات جديدة.
وتأتي التظاهرت الجديدة في الجمهورية السوفيتية السابقة وسط اضطرابات منذ الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 26 أكتوبر، وفاز فيها حزب “الحلم الجورجي” الحاكم، بينما ندّدت المعارضة التي تقاطع البرلمان الجديد بمخالفات تقول إنها شابت الاستحقاق.
في تلك الانتخابات، حاز حزب “حلم جورجيا” على 53.93 في المئة من الأصوات، مقابل 37.79 في المئة لتحالف من الأحزاب المعارضة، وفق النتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة الانتخابية.
وينظر الجورجيون إلى انتخابات البرلمان على أنها حاسمة لمستقبل الدولة المنقسمة بين معارضة مؤيدة لأوروبا وحزب حاكم موال لروسيا، ومتهم بالانحراف نحو السلطوية، فيما تمارس موسكو تأثيرا على الناخبين والنتائج.
وبعد الإعلان عن النتائج، طالبت أحزاب المعارضة وكذلك الرئيسة، سالومي زورابيشفيلي، التي تعارض توجّهات الحكومة، بإجراء انتخابات جديدة. وقالت الرئيسة أنها سترفض مغادرة منصبها بعد انتهاء ولايتها هذا العام ما لم تجرَ انتخابات برلمانية جديدة.
وقبل أيام، اندلعت أزمة جديدة عندما أعلن رئيس الوزراء، إيراكلي كوباخيدزه، أن جورجيا لن تسعى لبدء مباحثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قبل 2028، مما أثار تنديدا شديدا من المعارضة واحتجاجات في شوارع العاصمة تبليسي ومدن أخرى.
وشكل ما يقدر بنحو 100 ألف متظاهر حواجز حول البرلمان، مساء السبت، وشوهدت النيران قادمة من المبنى، وفق فرانس برس.
ونشرت السلطات مدافع المياه وأطلقت الغاز المسيل للدموع على الحشود، بينما أظهرت مقاطع فيديو منشورة على الإنترنت ضباطًا يهاجمون بعنف المتظاهرين العزل.
واحتشد مساء الأحد بضعة آلاف من المتظاهرين المؤيدين للاتحاد أمام البرلمان، ولوحوا بالأعلام الأوروبية والجورجية. وعمد بعضهم إلى القرع بقوة على البوابة الحديدية المغلقة لمنع دخول المبنى، ووضع آخرون أقنعة الغوص لحماية أعينهم من الغاز المسيل للدموع الذي استخدمته الشرطة بكثرة في الأيام الأخيرة.
وألقت الشرطة القبض على أكثر من 150 شخصا. وأصيب عشرات من عناصر الشرطة بمقذوفات ومفرقعات ألقاها المتظاهرون.
وبالتزامن مع التظاهرات، أصدر مئات الموظفين، لاسيما في وزارات الخارجية والدفاع والتعليم، فضلا عن عدد من القضاة، بيانات مشتركة احتجاجا على القرار. وعلّقت أكثر من مئة مدرسة وجامعة أنشطتها.
وانتقد نحو 160دبلوماسيا جورجيّا القرار قائلين إنه يتعارض مع الدستور و”سيؤدي إلى عزلة دولية” للبلاد. واستقال العديد من السفراء الجورجيين احتجاجا على القرار.
وحصلت جورجيا رسميا على وضع الدولة المرشحة للعضوية في ديسمبر 2023، لكن بروكسل جمدت العملية متهمة حكومة “الحلم الجورجي” بالتراجع عن الإصلاحات الديمقراطية.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية الجديدة للاتحاد الأوروبي إن الأوضاع في جورجيا ستكون لها “عواقب واضحة” على العلاقة مع التكتل.
ولفتت كالاس إلى أن “الخيارات” طرحت على الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي حول طريقة الرد، بما في ذلك خيار فرض عقوبات. وقالت “لدينا خيارات مختلفة. ولكن بالطبع، يجب التوصل إلى اتفاق”.
وحملت الانتخابات البرلمانية الجورجية هذا العام أهمية كبرى، فهي بحسب كثيرين ستحدد مستقبل العلاقة مع روسيا، ومصير جهود البلاد في الاندماج في الفضاء الأوروبي والأطلسي.
وقال طون كوكايا، الصحفي في خدمة جورجيا في إذاعة أوروبا الحرة، في تصريحات سابقة لقناة الحرة إن النتائج المعلنة مدهشة للكثير من المراقبين.
ووصف باتو كوتيليا، سفير جورجيا السابق، لدى الولايات المتحدة ما يحدث بـ”اللحظة الفارقة” ليس فقط بالنسبة لجورجيا، بل ستكون لها تبعات كثيرة على “المعركة بين الديمقراطية والدكتاتورية”، وفق تصريحاته لقناة الحرة.
جورجيا.. فصل آخر في “معركة الديمقراطية والديكتاتورية”؟
هذه الانتخابات ينظر إليها كثيرون على أنها حاسمة لمستقبل جورجيا المنقسمة بين معارضة مؤيدة لأوروبا وحزب حاكم موال لروسيا ومتهم بالانحراف نحو السلطوية. وليس خافيا الجهود الروسية للتأثير على هذه الانتخابات.