باكو- في قلب العاصمة الأذربيجانية باكو وتحديدا في منطقة البوليفارد تقع هذه الحديقة التي اختفت منها الخضرة إلى حد كبير وأصبحت تضم متحفا ممتدا على مساحة كبيرة ليعرض غنائم أذربيجان من الحرب في إقليم ناغورني قره باغ.
المتحف الذي افتتح عام 2021 ويحمل اسم “قره باغ هي أذربيجان” يضم عددا كبيرا من الآليات العسكرية والأسلحة التي غنمتها القوات الأذرية من الحروب في قره باغ.
وتضم الحديقة دبابات وراجمات صواريخ وحطام طائرات مقاتلة ومروحيات ومدافع وناقلات جند وآليات مدرعة وذخيرة تابعة للقوات الأرمينية، إضافة إلى بقايا صواريخ باليستية من طراز “إسكندر-إم”، التي استخدمتها أرمينيا في الحرب، فضلا عن عدد كبير من خوذات الجنود الأرمينيين سواء من قتلوا أو أولئك الذين وقعوا أسرى في أيدي القوات الأذربيجانية على مدى الحروب التي خاضها الجانبان في الإقليم.
رسائل ملموسة
وكان لافتا إقامة هذا المتحف وسط الأبراج العالية الحديثة في قلب باكو، فيما كُتب اسم الحديقة على مجموعة كبيرة من لوحات أرقام الآليات العسكرية الأرمينية التي يفوق عددها ألفي لوحة، والتي تركها الجنود الأرمن خلال المواجهات، حيث أقيم منها جدار ضخم في مدخل المتحف.
وإلى جانب هذا الجدار الضخم، وضع جدار آخر يوضح التسلسل الزمني للحرب الأخيرة في الإقليم وصولا إلى إعلان باكو ضمه رسميا إلى أراضيها.
وتم تصميم المتحف ليشبه إلى حد كبير ساحة الحرب في قره باغ، حيث الخنادق والمتاريس والثكنات العسكرية وغرف الجنود والأكمنة التي أعدت لمواجهة الدبابات والمركبات العسكرية الأرمينية.
وقبل أيام، نقلت القوات الأذربيجانية إلى الحديقة دبابة استخدمها الأرمن كنصب تذكاري للنصر خلال حرب قره باغ الأولى (1988-1994)، حيث وضعت في مقدمة المعروضات وكتب عليها طرازها وتاريخ اغتنامها.
كما يلاحظ الزائر أن أعمدة الإنارة صنعت من مقذوفات الصواريخ، فيما صنعت سلال القمامة من مقذوفات الدبابات، واستخدمت صناديق الذخائر كمقاعد للاستراحة، بينما استُفيد من خوذات الجنود الأرمن في صنع ممرات ومظلات.
وفي الحديقة الممتلئة بغنائم الحرب، يتجول عدد من المواطنين الأذريين وغيرهم من السياح الذين قدموا لمشاهدة أجواء الحرب التي امتدت لسنوات طويلة بين باكو ويريفان، وانتهت باستسلام الأرمن في الإقليم الشهر الماضي، فيما تنتشر لافتات عديدة كتب عليها رسائل موجهة من رئيس أذربيجان إلهام علييف إلى الشعب.
خسائر بالمليارات
ويقدر مركز تحليل الإصلاح الاقتصادي الأذربيجاني تكلفة المعدات العسكرية الأرمينية والأسلحة المدمرة في حرب قره باغ بنحو 3.8 مليارات دولار.
وشنت القوات الأذربيجانية عملية عسكرية خاطفة منتصف سبتمبر/أيلول الماضي انتهت بإبرام اتفاق لوقف النار واستسلام الانفصاليين الأرمن، لتعلن باكو بسط سيادتها على الإقليم.
وتنتشر قوات حفظ السلام الروسية في الإقليم منذ 2020، وتراقب الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، الذي وُقّع في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه بين أرمينيا وأذربيجان.
وأدى النزاع مع أرمينيا التي ظلت تدعم انفصال الإقليم ذي الغالبية الأرمينية ويقع فعليا داخل أراضي أذربيجان، إلى حرب طاحنة بين باكو ويريفان، وتعد مشكلته من أطول وأعقد الأزمات التي تفجرت في مناطق الاتحاد السوفيتي السابق إثر انهياره عام 1991.
ويقع الإقليم الذي يعني بالأذرية “جبال الحديقة السوداء” وبات جزءا من أراضي أذربيجان بعد الاتفاق الأخير، في الجزء الغربي من أذربيجان، على بُعد نحو 270 كيلومترا من عاصمتها باكو، وتقدر مساحته بنحو 4400 كيلو متر مربع.