مأساة إنسانية، تعيش على وقعها غزة منذ أكثر من عام؛ فقد بات الجوع السمة الغالبة على الحياة في القطاع الجريح، وتوفير القليل من الطعام صار من المستحيلات، والمأساة الإنسانية حاضرة بكل جوانبها.
والصور لا تكذب؛ إذ تخبرنا ولو بالقليل عن حجم المعاناة التي يعيشها سكان القطاع وسط أزمة شح الطعام، مع نهب وسرقة محتويات شاحنات المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، في الوقت الذي يضرب فيه البرد أطنابه في غزة، ويجدون أنفسهم بين شقي الرحى ما بين جوع قاتل وبرد قارس.
ووثَّقت الصور مشاهد الصفوف الطويلة والازدحام الكثيف أمام مخابز مناطق الجنوب والوسط في قطاع غزة؛ وذلك في مسعى من السكان للحصول على الخبز في ظل شح الطحين وفقدانه، فيما يقف آخرون يتضورون جوعًا أمام مطابخ الغذاء المطبوخ المجاني؛ للحصول على جرعة حساء، أو لقيمات يسدون بها جوعهم.
وبحسب ما نقلته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، فإن العصابات المنظمة في غزة قتلت واختطفت سائقي شاحنات المساعدات بمحيط معبر كرم أبو سالم، ونهبت محتويات الشاحنات في مناطق تسيطر عليها إسرائيل، التي رفضت توفير تدابير أمنية كافية لحماية وصول المساعدات إلى مستحقيها.
انعدام كارثي
ووفقًا للأمم المتحدة فإن شمال غزة يواجه “انعدامًا كارثيًّا” للأمن الغذائي؛ إذ يعاني نحو 133 ألفًا في الشمال فقط ندرة الغذاء، وانقطاع المساعدات الإنسانية من جراء غلق إسرائيل المعابر، ومنعها نفاذ المساعدات.
وكانت الأمم المتحدة قد أفادت بأنه جرت عرقلة كل محاولة لها للوصول إلى شمال غزة المحاصر، وإرسال البعثات الغذائية والصحية.
وحذرت المنظمة الأممية من إمكانية تجاوز عتبة المجاعة في شمال القطاع في ظل ارتفاع معدل الوفيات؛ بسبب سوء التغذية، وتدهور الأوضاع الصحية في شتى أرجاء غزة.
وتشير الأرقام إلى أنه أصيب نحو 90% من الأطفال دون سن الخامسة في القطاع بواحد أو أكثر من الأمراض المعدية، بينما يعاني 25% من النساء الأمراض الجلدية، وغيرها من المشكلات الصحية، مع تسجيل 11 ألف إصابة بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي، خلال أسبوع واحد فقط مطلع شهر نوفمبر الجاري.