وبحث القاضي مع أصدقائه عن والده وشقيقه في التلال الطينية، حيث كان يوجد منزل عائلته ذات يوم كما سأل عنهما في جميع المستشفيات، حتى أنه أمعن النظر في صور الجثث التي جرى انتشالها حتى الآن والبالغ عددها أربعة آلاف جثة.
وقال القاضي (43 عاما) الذي أمضى يومين مسافرا إلى درنة من منزله الجديد في الولايات المتحدة: “قولنا بالك (ربما) واخدهم البحر، بالك في المينا هنا… كانت أياما صعبة جدا والله، أيام صعبة جدا والله”.
وبعد مرور 3 أسابيع على السيول التي أودت بحياة الآلاف، لم يتمكن عدد كبير من الناجين حتى الآن من العثور على أحبائهم.
وتواجه عدة عائلات الآن احتمال عدم معرفة ما حدث للآباء أو الأطفال أو غيرهم من الأقارب على الرغم من الجهود المبذولة لتحديد هوية الجثث باستخدام الصور الفوتوغرافية أو اختبارات الحمض النووي. ودُفن الكثير من هذه الجثث على عجل في مقابر جماعية.
يقول القاضي، الذي لم يتمكن من التعرف على مدينته عندما وصل إليها، إن والدته وشقيقته لا تزالان يحدوهما الأمل في نجاة والده وشقيقه. لكن القاضي يرى إنه ينبغي عليه أن يتعايش مع حقيقة وفاتهما.
وأضاف: “الصعوبة في أول أيام (كانت) الأمل. يجي لك واحد يقولك لا لا شوفتهم هناك، لا واحد هنيه (هنا). كانت يعني زي ما بنقول يموتون عندك كل يوم.. دوخوني وخلوني طلعت من عقلي”.
عملية إعادة بناء معقدة
بُنيت مدينة درنة على نهر موسمي يمتد من سلسلة جبلية إلى البحر، وهي مدينة ساحلية تقع في شرق ليبيا وتُعرف بأنها مركز ثقافي.
الدمار الآن على نطاق مختلف. فبين عشية وضحاها، تحول واد ضيق يمتد بين الشوارع والمباني الأنيقة إلى مساحة واسعة من الطين والصخور وكتل مواد البناء.
لكن ترتيب عملية إعادة إعمار درنة سيكون معقدا مع الانقسام الحاصل في ليبيا.
ويمكن رؤية جهود الإغاثة في الشوارع، حيث تعمل الحفارات على إزالة الأنقاض. لكن السكان، الذين تحدثوا إلى رويترز الأسبوع الماضي، اشتكوا من أنهم لم يتلقوا أي مساعدة في ترميم أو إعادة بناء المنازل أو الشركات.
وكان محمد الغويل (49 عاما) يحاول إزالة الطين الذي غطى رفوف محل بقالة يملكه شقيقه.
وقال: “هناك غياب تام للدولة لطمأنة المواطنين.. قررنا تخفيف بعض آلامنا من خلال التنظيف على قدر استطاعتنا لإعادة الحياة إلى المناطق المنكوبة”.