البلاستيك من مادة مُنقذة للأرواح إلى عنصر قاتل للبيئة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

قبل أن يصبح البلاستيك تهديدا للتنوع البيولوجي والمحيطات والسلسلة الغذائية العالمية، كان له دور بارز في إنقاذ الأرواح، وذلك بفضل تطور سريع ارتبط بشكل وثيق ببروز المجتمع الاستهلاكي الشامل منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ففي خمسينيات القرن الـ20 والعقدين اللذين تلياها، اكتسب البلاستيك سمعة إيجابية بفضل مقاومته، وخفة وزنه، وتكلفته الاقتصادية، حيث أصبح “جزءا من مختلف جوانب الحياة”، وفقا لما يذكره أطلس البلاستيك الصادر عن مؤسسة “هاينريش بول شتيفتنغ”.

ومن الناحية الصحية، ساعدت القسطرة البلاستيكية، والأكياس، والحقن، وغيرها من الأدوات الطبية ذات الاستخدام الواحد، في تحسين مستوى النظافة والصحة العامة، مما ساهم في رفع متوسط العمر المتوقع.

ومن خلال استخدامه في الأغلفة، أسهم البلاستيك في حفظ المنتجات، وساعد في تقليل هدر الطعام، مما ساعد بدوره على مكافحة الجوع، حسب ما يشير مؤيدوه.

 اختراع مذهل ثم كارثي

قبل قرنين، كانت مواد خام طبيعية ومتجددة تدخل في تركيبة المواد البلاستيكية الأولى، مثل المطاط الذي ابتكره تشارلز غوديير. وفي عام 1862، تم تصنيع الباركسين من السليلوز النباتي.

وسنة 1869، تم اختراع السيليلويد في الولايات المتحدة، وكان للباركسين المسخن الممزوج بالكافور والكحول أولى تطبيقاته الصناعية. فقد حلّ محل العاج الذي كان يستخدم في كرات البلياردو والحراشف المُستخدمة في تصنيع فرشات الشعر، ودخل في تصنيع  أولى أشرطة الأفلام السينمائية.

وحصل الكيميائي الفرنسي إيلير دو شاردونيه عام 1884 على براءة اختراع للألياف الاصطناعية، وهو أول حرير صناعي، يُعرف باسم “حرير شاردونيه”، وبات لاحقا النايلون والترغل.

واخترع الكيميائي البلجيكي ليو بيكلاند عام 1907 في الولايات المتحدة أول بلاستيك اصطناعي بالكامل خال من أي جزيئات موجودة في الطبيعة هو الباكيليت الناتج عن تفاعل بين الفينول والفورمالدهيد. ويتم استخدامه لتصنيع صناديق الهواتف ومقابس الكهرباء ومنافض السجائر.

ارتفاع الكميات المنتجة 230 مرة

في عام 1912، سجل الكيميائي الألماني الرائد في مجال البوليمر فريز كلاته، براءة اختراع للكلوريد البولي فينيل، الذي شاع في خمسينيات القرن الفائت بعد التوصل إلى أن تصنيعه ممكن من خلال منتج ثانوي في الصناعة الكيميائية هو الكلور الرخيص جدا.

وشهد الإنتاج الصناعي تطورا كبيرا في خمسينيات القرن الماضي، مستفيدا من الجزيئات المكررة من النفط، وركز على 3 منتجات رئيسية: البولي أميد الذي أثبت فعاليته في المظلات الأميركية خلال إنزال نورماندي عام 1944، والتفلون الذي تم تطويره للاستخدامات العسكرية بفضل خصائصه المقاومة قبل اعتماده في تصنيع المقالي وأوعية الطبخ، والسيليكون.

وأصبح البلاستيك الآن جزءا من كل ما نستخدمه في حياتنا اليومية، حيث زاد الإنتاج العالمي منه 230 مرة منذ عام 1950 وحتى اليوم، في حين زاد عدد سكان العالم بمقدار 3 أضعاف ليصل إلى 8.2 مليارات نسمة، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “أو إي سي دي” (OECD). ويستخدم حاليا 60% من البلاستيك المنتج في التغليف، والبناء، والنقل، و10% في المنسوجات، و4% في الإلكترونيات، و10% في المنتجات الاستهلاكية، و2% في الإطارات، و15% في منتجات أخرى. ومع ذلك، يتم إعادة تدوير 9% فقط من البلاستيك وفقًا لتقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينما يُلقى 22 مليون طن منه سنويا في البيئة.

وتحذر منظمة الصحة العالمية منذ عام 2019 من ضرر الجسيمات البلاستيكية الدقيقة الناجمة عن تحلل النفايات البلاستيكية في البيئة، على صحة الإنسان (الجهاز المناعي، والجهاز التنفسي، واضطرابات الغدد الصماء، وانخفاض الخصوبة).

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *