تساءل وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” أمس بقوله: “أروني أي دولة حققت تاريخيًا هذا القدر من التحوُّل في آخر 6 إلى 7 سنوات مثل السعودية؟”.
وعكس تصريح الوزير رؤية شاملة لتحول المملكة نحو الطاقة المستدامة، حيث لم تقتصر إنجازاتها على الداخل، بل أثارت اهتمام وإعجاب المجتمع الدولي بأكمله؛ ففي غضون سنوات قليلة، تحولت السعودية من اعتمادها الأساسي على النفط إلى دولة رائدة في مشاريع الطاقة النظيفة، بما في ذلك مشاريع الهيدروجين الأخضر واحتجاز الكربون، مدعومة باستثمارات ضخمة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
وتشكل “رؤية السعودية 2030” الركيزة الأساسية لهذا التحول، حيث تهدف لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز الاستدامة، وبدأت المملكة بالفعل بتنفيذ مشاريع طموحة للطاقة المتجددة، حيث زادت قدرتها الإنتاجية أربع مرات لتصل إلى 2.8 غيغاواط، مع خطة لإضافة 20 غيغاواط إضافية بحلول عامنا الحالي 2024.
وبالإضافة إلى ذلك، يتم العمل على مشاريع ضخمة كالهيدروجين الأخضر، ومنها مشروع نيوم الذي من المتوقع أن ينتج 1.2 مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًا.
وفي تقريرها لعام 2024م أشادت وكالة الطاقة الدولية بالدور السعودي في تقليل الانبعاثات، موضحة أن المملكة تحتل مرتبة متقدمة جداً في خفض كثافة الميثان، وأن المبادرات السعودية المتنوعة للحد من الانبعاثات الكربونية في قطاع النفط والغاز أثارت اهتمامًا عالميًا.
وأشاد تقرير آخر نشرته “إندبندنت” بالدور السعودي الريادي في وضع معايير جديدة في مجال الطاقة النظيفة، بما في ذلك برنامج احتجاز الكربون واستخدامه كوقود مستدام.
ومن خلال مبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، تلتزم المملكة بتجسيد نموذج استدامة عالمي يحقق التوازن البيئي والتطور الاقتصادي، وتهدف إلى خفض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول 2030، ولا تقتصر هذه الجهود على البيئة المحلية، بل تشمل مشاريع دولية استراتيجية مثل ممر الطاقة النظيفة بين الهند وأوروبا، مما يعزز الربط بين القارات عبر الطاقة المتجددة بأسعار تنافسية.
ولا تكتفي المملكة العربية السعودية بمواصلة طريقها لتغيير واقعها في مجال الطاقة فقط، بل تتبنى نموذجًا جريئًا يضعها في مقدمة الدول الساعية للتحول البيئي، وكما قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان: “السعودية لا تنافس فقط، بل تتحدى العالم بأسره للالتحاق بها في سباق المستقبل”.
ومسار السعودية نحو الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر لا يضعها فقط على الخارطة العالمية، بل يجعلها قوةً استراتيجية في قضايا المناخ والطاقة النظيفة، ومع المشاريع الطموحة مثل نيوم وتوسيع شبكة الهيدروجين الأخضر، تسهم المملكة في فتح آفاق جديدة أمام العالم لمواجهة تحديات المناخ، وتوفير مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة للجميع.