فيما تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية ضد حزب الله البناني المصنف على قوائم الإرهاب، تسعى الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق يحقق الاستقرار في المنطقة.
لكن المقاربة التي حملها كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي، أموس هوكستين، إلى لبنان لم تلق الترحيب الكافي من المسؤولين اللبنانيين، إذ تمحورت حول تنفيذ القرار الأممي 1701 وتقديم شروط جديدة من الجانب الإسرائيلي.
على الجانب الآخر، وخلال لقائه بوزير الخارجية الأميركي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن هناك حاجة إلى إحداث تغيير أمني وسياسي في لبنان للسماح للإسرائيليين النازحين بالعودة بأمان إلى منازلهم في شمال إسرائيل.
واعتبر قائد الفوج المجوقل السابق في الجيش اللبناني، جورج نادر، في مقابلة مع قناة “الحرة” أن “الورقة الإسرائيلية التي حملها هوكستين لمقترحات التعديل على القرار الأممي 1701 تقضي بالسماح بتدخل عسكري إسرائيلي للتأكد من خلو الجنوب من سلاح حزب الله، والتدخل الجوي الدائم للمراقبة والإنذار المبكر”، مشددا على أن “هذه شروط لن يقبلها أحد”.
وبحسب المصادر فإن ورقة هوكستين طلبت تعديل نص مقدمة القرار لجعله قرارا “يهدف إلى إحلال السلام على الحدود بين لبنان وإسرائيل ومنع أي وجود مسلح في المناطق اللبنانية القريبة من هذه الحدود، كما طلبت توسيع النطاق الجغرافي لسلطة القرار الدولي، إلى شمال نهر الليطاني بمسافة عدة كيلومترات على أن تزيد عدد القوات الدولية العاملة ضمن قوات حفظ السلام.
مصادر لبنانية أشارت إلى أن هوكستين لم يخرج برد لبناني واضح يقبل الشروط الإسرائيلية، ونُقل عن رئيس الحكومة قوله لهوكستين بأن ما يعرضه لن يقبله أحد في لبنان.
وقال نادر: “حتى نكون موضوعيين، صحيح أن إسرائيل منتصرة اليوم أو على طريق أن تربح ولذلك هي تفرض الشروط، لكن هذه الشروط لا يستطيع أحد أن يقبل بها لأنها تمس السيادة اللبنانية، لا يمكن لأي دولة أن تسمح لدولة أخرى أن يكون لها سيطرة جوية كاملة لها في الوقت الذي تريده وأن تفتش في جيشها في مناطق الإقليم الوطني، لذلك أتصور أن مهمة هوكستين لن تنجح لأن هناك رفضا تاما للمقترح الذي جاء به إلى لبنان”.
وذكرت المصادر أن هوكستين أبلغ جهات لبنانية عدة بأن لبنان ليس في موقع يمكنه من النقاش كثيرا، وأن عدم أخذه بالمقترح المعروض يعني أن الحرب ستتواصل وستكون أكثر قساوة.
وقال نادر لقناة الحرة: “بالطبع لبنان لا يمكن أن يتحمل. اليوم ليس لدينا سلطة شرعية أساسية وليس لدينا رئيس جمهورية، لدينا فقط حكومة تصريف أعمال ومجلس نواب شبه مشلول لا يقوم بواجباته التي هي بالأساس انتخاب رئيس جمهورية، واقتصاد شبه معدوم والحرب تزيدنا فقرا وخرابا، لكن هذه المطالب التي نقلها المبعوث الأميركي يمكن قبولها في حالة أن تكون الدولة تريد أن تستسلم فقط”.
ويرى نادر أن الحل يكمن في تطبيق القرار الأممي 1701 الذي ينص على منطقة عازلة من نهر الليطاني إلى شبه الحدود الجنوبية.
ووفق ما كشفه مصدر لـ”لحرة”، فإن عدد عناصر الجيش اللبناني المنتشرين حالياً في جنوب لبنان هو 4500 جندي تقريبا. وتسعى هذه القوات بالتنسيق والتعاون مع القوات الدولية اليونيفيل لتطبيق القرار الدولي 1701.
لكن إنفاذ القرار الذي يُفترض أن يستبدل الوجود العسكري لحزب الله جنوبي الليطاني بالجيش اللبناني واليونيفيل، يستدعي وفق تقديرات الحكومة اللبنانية تجنيد ضعف العدد المنتشر حاليا في الجنوب تقريا أي ما بين سبعة آلاف و11 ألفا.
وتفيد مصادر “الحرة” بأن الجيش وضع أخيرا خططا لتعزيز انتشاره جنوبا، تتضمن نشر عشرة آلاف جندي، وهو ما يستوجب تجنيدَ نحو ستة آلاف عنصر إضافي بتكلفة تصلُ إلى مليار دولار وتشملُ التجهيزاتِ اللوجستية والأسلحة.
وتكشف المصادر لـ”لحرة” عن أن خطة أقرتها الحكومة اللبنانية لتجنيد ألف وخمسمئة جندي لم تنفذ بسبب نقص التمويل لا سيما في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعيشها لبنان.
لكن نادر على أن “الجيش قادر على الانتشار في الجنوب، وتحقيق الأمن في الجنوب”.
هل لا يزال القرار الأممي 1701 صالحاً؟
مع تطوّر وتصاعد حدّة المواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله، عاد قرار مجلس الأمن الدولي 1701 إلى الواجهة من جديد، بعد أن تسلّحت به كل القوى السياسية اللبنانية للضغط نحو وقفٍ لإطلاق النار! ولكن، هل هذا القرار الذي صدر منذ ثمانية عشر عامًا ما زال صالحًا لإيقاف الحرب، في ظلّ تغيّر موازين القوى والربح والخسارة على الأرض؟
وأشار إلى أن الحكومة اللبنانية عليها أن تفعّل القانون رقم 52 الذي ينص على إعلان حالة الطوارئ عندما يكون البلد في حالة خطر داهم داخلي أو خارجي، مضيفا “هل هناك حالة أخطر من هذه حتى تعلن حالة الطوارئ ويسلم الجيش مسؤولية الانتشار في شمال نهر الليطاني وجنوبه ونزع سلاح كل المنظمات والميليشيات”.
بالأرقام.. هل يمتلك الجيش اللبناني ما يكفي لاستعادة زمام الأمور؟
في ظل احتدام المعارك بين حزب الله وإسرائيل والقلق من الانزلاق إلى حرب مدمرة، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، التزام لبنان بأي وقف فوري لإطلاق النار، مشدداً على استعداد الحكومة لتنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، وما يقتضيه من إرسال الجيش اللبناني إلى جنوب نهر الليطاني “ليقوم بمهامه كاملة بالتنسيق مع قوات حفظ السلام الدولية”.
وبشأن إمكانية قبول حزب الله بهذا الحل، فيرى نادر أنه “ليس أمام حزب الله خيار آخر”.
وقال: “حزب الله أمامه خياران إما التسبب بتدمير ما تبقى من بنية تحتية وخسارة ضحايا وجرحى أكثر، وإما الخضوع للقرار الدولي وتسليم الجيش اللبناني حتى يتمكن من تنفيذ القرار الأممي وتنفيذ واجباته ومهماته”.