هل يُعقّد استشهاد السنوار المشهد أمام واشنطن؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

واشنطن- أجمعت أغلب التعليقات الأميركية على أهمية اغتيال زعيم حركة حماس يحيي السنوار، وغيابه عن المشهد السياسي والعسكري في قطاع غزة، وأبرزت دوره في التخطيط لعملية طوفان الأقصى، وما نتج عنها من قتل نحو 1200 إسرائيلي، بينهم 47 من حملة الجنسية الأميركية.

كما أشار معلقون إلى نجاح السنوار في عرقلة التقدم الدبلوماسي التطبيعي الإسرائيلي مع المملكة العربية السعودية، وفضح والانتقاص من مكانة إسرائيل الدولية، مع بدء إرهاصات حرب إقليمية واسعة في الشرق الأوسط تشمل إسرائيل وإيران وحلفاءها، وربما الولايات المتحدة.

تهدئة أم تصعيد؟

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان استشهاد السنوار سيمهد الطريق لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين ووقف القتال في قطاع غزة، أم أنه سيطيل أمد الحرب بدلا من ذلك، خاصة مع توسع الصراع الآن ليشمل حزب الله في لبنان وإيران، فقد يعقّد غياب السنوار الجهود الرامية إلى حل الأزمة الإقليمية الأوسع.

ووفقا لتقييمات الاستخبارات الأميركية، كان موقف السنوار قد تصلب في الأسابيع والأشهر الأخيرة، مما دفع المفاوضين الأميركيين إلى الاعتقاد بأن حركة حماس لم تعد مهتمة بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار أو اتفاق رهائن. وبدلا من ذلك، بدا أن قائد حماس سعى إلى توسيع وتصعيد الصراع، على أمل أن تضغط حرب إقليمية أكبر على إسرائيل لتقليص عملياتها في غزة.

وعلى مدى أشهر، كررت إدارة جو بايدن أن السنوار هو العائق الأساسي أمام صفقة إنهاء الحرب في غزة والإفراج عن الرهائن.

وعلى متن طائرة الرئاسة، حيث علم الرئيس بايدن بوفاة السنوار، كثر التفاؤل بأن مرحلة جديدة قد فُتحت في الصراع المستمر منذ أكثر من عام. وبعد مغادرته وكبار أعضاء فريقه للأمن القومي واشنطن، صباح أمس، في طريقهم إلى ألمانيا، وفوق المحيط الأطلسي، علم بايدن ومساعدوه بنبأ مقتل السنوار.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان من على متن الطائرة الرئاسية “إن إبعاد السنوار من ساحة المعركة يمثل فرصة لإيجاد طريقة تعيد الرهائن إلى ديارهم، وتضع حدا للحرب وتقودنا إلى اليوم التالي”. أما بايدن فقد بادر بمهاتفة نتنياهو حيث هنأه، لكنه قال أيضا إن “وفاة السنوار يجب أن تبشر بنهاية الحرب”.

وقال بايدن للصحفيين في برلين بعد هبوطه “أخبرت نتنياهو أننا سعداء بأفعاله، علاوة على ذلك، حان الوقت للمضي قدما، وقلت له امضوا قدما، تحركوا نحو وقف إطلاق النار في غزة، تأكدوا من أننا نتحرك في اتجاه سنكون في وضع يمكننا من جعل الأمور أفضل للعالم بأسره”.

وينظر المسؤولون الأميركيون إلى مقتل السنوار باعتباره “النصر” الذي كانت إسرائيل في أمس الحاجة إليه لتكون قادرة على إعلان أنها انتهت من حرب حماس. وقال جوناثان بانيكوف، وهو محلل استخباراتي كبير سابق متخصص في شؤون الشرق الأوسط إن “مقتل السنوار سيوفر فرصة متجددة للرئيس بايدن للضغط مرة أخرى من أجل تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وسيزيد الضغط على نتنياهو للقيام بذلك”.

وجددت واشنطن على الفور جهود التوصل لصفقة، وهاتف أنتوني بلينكن، الخميس، رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، للبحث فيما بعد مقتل السنوار، والحاجة إلى مضاعفة الجهود لإنهاء الصراع وتأمين إطلاق سراح المحتجزين في غزة، مع توقع توجهه للمنطقة الأسبوع القادم.

التصعيد الإقليمي

مع ترقّب الدوائر الأميركية لضربة إسرائيلية على أهداف داخل إيران، وتوقع رد الأخيرة على مثل هذه الهجمات، لا توجد حتى الآن نهاية واضحة في الأفق للصراع الأكبر في المنطقة. وبغض النظر عن نتيجة الحرب في غزة، فقد توسع الصراع بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك إشعال حرب جديدة في لبنان وتصعيد التوترات مع إيران.

في الوقت ذاته، قد ترى إيران في اغتيال زعيم بارز آخر في محور المقاومة، بعد أسابيع من اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله، وأشهر من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، داخل طهران، سببا للتصعيد. ومن المرجح أن تشعر إيران بالضغط لاستعادة شرعيتها وقوتها في نظر حلفائها الإقليميين في العراق وسوريا واليمن، إضافة لحزب الله وحركة حماس.

في هذه الإطار، أشار المعلق غايم وود، إلى أن مقتل السنوار “سيهز مصير المنطقة مرة أخرى، تاركا حماس بلا قيادة، وغزة دون أي مظهر من مظاهر الحكم، وإسرائيل قادرة على الادعاء بأن هدفا رئيسيا للحرب قد تحقق أخيرا وبتكلفة باهظة في الأرواح. كل هذا يثير الاحتمال الضئيل سابقا لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة. وإذا حدث ذلك، فهناك طريق ضيق لخفض التصعيد في جميع أنحاء المنطقة حتى مع احتدام الحرب في لبنان واحتمال الانتقام الإسرائيلي من الضربات الصاروخية الإيرانية يلوح في الأفق بشكل كبير”.

في حين اعتبر الخبير جيريمي سكاهيل أنه “من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيكون رد فعل إيران على هذا التطور، وكيف يتفاعل حزب الله معه. لقد شاهدنا جولة جديدة قبل يومين من هجمات أميركية مكثفة على الحوثيين في اليمن، ويبدو أن توسع الصراع مستمر”.

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس صرحت بأن اغتيال السنوار يشكل فرصة لإنهاء الحرب (رويترز)

انتخابات 2024

وفي فعالية انتخابية في ولاية ويسكونسن، قالت المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس، إن حماس “دُمرت وتم القضاء على قيادتها. هذه اللحظة تعطينا فرصة لإنهاء الحرب في غزة أخيرا”.

وأضافت “هذه اللحظة تعطينا الفرصة لإنهاء الحرب في غزة نهائيا ويجب أن تنتهي بحيث تصبح إسرائيل آمنة ويتم إطلاق سراح الرهائن وتتوقف المعاناة في غزة، وكذلك يتمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق حقه في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير. وقد حان الوقت لليوم التالي لكي يبدأ من دون وجود حماس في السلطة”.

وقبل أقل من 3 أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية، يمثّل استشهاد السنوار فرصة لتحريك الصراع الذي أصبح منذ فترة طويلة عبئا على حظوظ نائبة الرئيس كامالا هاريس مع رفض الناخبين المسلمين موقفها الداعم للجانب الإسرائيلي.

ويرى بعض المعلقين أن أي انفراجة في ملف غزة يمكن أن تساعد حظوظ هاريس، في الوقت الذي يفضّل فيه نتنياهو التعامل مع دونالد ترامب الذي تتوافق وجهات نظره المتشددة بشأن إسرائيل والفلسطينيين وإيران بشكل أوثق مع آرائه.

وقال وزير الخارجية الأردني السابق مروان المعشر، الذي يشغل الآن منصب نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، لوكالة رويترز “لا يوجد سبب لنتنياهو لوقف حروبه قبل الانتخابات الأميركية”، وإن الأخير “لن يمنح هاريس أي هدية قبل الانتخابات”.

غزة واليوم التالي

وفي حين يُعتَقد أن استشهاد السنوار يضعف حماس بصفة عامة، فإنه قد يجلب أيضا تحديات سياسية لواشنطن، لا سيما فيما يتعلق بما يشار إليه باسم “اليوم التالي” بالنسبة لمستقبل غزة واحتمال التوسع الاستيطاني في شمال القطاع، الذي يدعو إليه البعض في أقصى اليمين بالحكومة الإسرائيلية، وهو ما ترفضه إدارة بايدن.

وفي مقال رأي لصحيفة نيويورك تايمز، كتب ماثيو دوس، نائب رئيس مركز السياسة الدولية، وسبق له العمل مستشارا للسياسة الخارجية للسيناتور بيرني ساندرز، “إذا كان السيد السنوار حقا هو العقبة أمام اتفاق وقف إطلاق النار الذي ادعى المسؤولون الأميركيون -بمن فيهم الرئيس بايدن- فإن هذه العقبة قد اختفت الآن، ولدى الولايات المتحدة وشركائها نافذة لوقف دوامة الانحدار إلى حريق إقليمي”.

وأضاف “يجب على إدارة بايدن الضغط على حكومة نتنياهو ومسؤولي حماس المتبقين لإنهاء الحرب في غزة، وإعادة الرهائن إلى عائلاتهم، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع، واتخاذ خطوات أخرى على وجه السرعة لضمان حصول سكان غزة على المأوى والإمدادات والأمن المناسبين مع اقتراب فصل الشتاء”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *