قال الأكاديمي الأميركي والباحث في الصراع العربي الإسرائيلي نورمان فينكلشتاين إن التعاطف مع إسرائيل في ظل ما ترتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين يماثل التعاطف مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.
جاء ذلك في الجزء الثاني من حوار برنامج “المقابلة” مع البروفيسور اليهودي فينكلشتاين والذي يبث عبر منصة الجزيرة 360، حيث تناول فيه تطورات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتداعيات الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وقال فينكلشتاين إن إسرائيل تتعامل مع قطاع غزة كمعسكر اعتقال نازي منذ عقود، مشيرا إلى أن هذا الوصف لم يأت من قبله فحسب، بل من قبل مسؤولين أمميين وإسرائيليين أيضا.
وأوضح أنه في عام 2004، وصف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي غيورا أيلاند غزة بأنها “معسكر اعتقال نازي ضخم”، كما أشار إلى أن عضوا كبيرا في الجامعة العبرية يدعى باروخ كيمرلينغ وصف غزة بأنها “أكبر معسكر اعتقال نازي وجد على الإطلاق”.
ويرى فينكلشتاين، أن الصراع يجب أن يُطرح خارج الإطار التقليدي الذي يصور الأمر كتنازع بين اليهود والعرب أو المسلمين. فوفقا له، القضية الأساسية هي ما إذا كان ما يُقال ويفعل حقيقيا وعادلا.
ويشدد على أن تبرير الجرائم الإسرائيلية، خصوصا ضد قطاع غزة، لا يمكن قبوله تحت أي ظرف، واستحضر مقارنة في هذا السياق، حيث قال إنه كما لم يكن بالإمكان مطالبة والديه بالتعاطف مع الألمان الذين ارتكبوا فظائع خلال الحرب العالمية الثانية، فهو لا يمكنه أن يتعاطف مع إسرائيل.
تغيير جذري
وتطرق فينكلشتاين إلى الأحداث الأخيرة التي شهدها قطاع غزة، معتبرا أن ما قامت به حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى) كان محاولة لإحداث تغيير جذري عبر إحداث صدع بشكل درامي في الوضع الراهن
ووصف ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر بأنه “مفاجأة كبرى للعالم”، وأبدى إعجابه بالقدرات التقنية لحركة حماس، التي فاقت توقعاته بكثير، خاصة عند مقارنتها مع حزب الله، الذي يرى فينكلشتاين أنه يجمع بين القدرات الهندسية والتقنية العالية والانضباط العقائدي الشديد.
ويرى في المقابل أن إسرائيل لم تكن جاهزة للتعامل مع الهجوم، إذ استغرق الجيش الإسرائيلي أسبوعا كاملا فقط لحساب عدد القتلى بشكل دقيق، وهو ما أثار دهشته بشدة.
ويعتقد البروفيسور نورمان أن حماس جربت كل الوسائل السلمية قبل اللجوء إلى العمل العسكري، مشيرا إلى أنها حاولت تحقيق حل الدولتين وفقا للحل المقدم من الأمم المتحدة، كما حاولت تحقيق هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل.
وأضاف: “لقد جربت حماس المسار الدبلوماسي للحصول على حقوقهم كشعب وعندما فشلت الدبلوماسية جربوا المقاومة السلمية عبر مسيرة العودة الكبرى التي بدأت في 30 مارس/آذار 2018″.
وانتقد فينكلشتاين بشدة الرد الإسرائيلي على المظاهرات السلمية في غزة، مشيرا إلى أن القناصة الإسرائيليين استهدفوا المتظاهرين العزل، بمن فيهم الأطفال والطواقم الطبية والصحفيين والمعاقين.
وقال: “طبقا للتقرير (الأممي) كانوا على مسافة تبعد 300 متر عندما أرداهم القناصة قتلى ومن لم يردوه قتيلا استهدفوا ركبته وما تحتها ليسببوا له عاهة مستديمة”.
3 أهداف لحرب غزة
وفيما يتعلق بالحرب الأخيرة على غزة، أشار فينكلشتاين إلى أن إسرائيل سعت للتطهير العرقي لأهالي قطاع غزة عبر 3 مسارات، أولها تهجيرهم إلى سيناء المصرية، وثانيا قتل أكبر عدد ممكن منهم، وثالثا جعل غزة غير قابلة للحياة.
وحول مستقبل الصراع، أبدى فينكلشتاين تشاؤمه إزاء إمكانية التوصل إلى حل سلمي في المدى المنظور. وقال: “لا أعتقد أنه يوجد حل الآن لأن إسرائيل لا تستطيع العيش مع النظام الإيراني ومع حزب الله.. لن تعيش معه لا يوجد أي احتمال بذلك”.
وأضاف أن الإمكانية الوحيدة والأخيرة للتوصل إلى حل هي “لو استخدم الصينيون قوتهم وحشروا الولايات المتحدة في الزاوية”.
ويشدد فينكلشتاين على أن معركته ضد الرواية الصهيونية يجب ألا تُفهم على أنها عداء لليهود أو للذاكرة اليهودية، بل إنه يرى أن هذه الرواية تُستخدم لاستغلال المعاناة التاريخية لليهود في خدمة أجندة سياسية غير أخلاقية، وهي ما يسعى لتفكيكها عبر توجيه انتقادات مبنية على الحقائق والعدالة.
ويؤكد فينكلشتاين أنه لا يشعر بأي ندم على المواقف التي اتخذها خلال مسيرته الأكاديمية والنضالية، وقال في هذا السياق: “عند نقطة معينة في حياتك تصل إلى استنتاج أن هذا هو سبب وجودك.. كان هذا مساري المكتوب لي وأنا في نهاية حياتي أشعر بارتياح كبير تجاه خياراتي”.