حاتم العطار.. قصة صمود رجال الدفاع المدني بغزة بعد عام من الحرب

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

رغم الظروف القاسية ونقص المعدات والاستهداف المباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، يكافح حاتم العطار وفريق الدفاع المدني في قطاع غزة لإنقاذ أرواح المواطنين منذ بدء عملية طوفان الأقصى، في مهمة تجاوزت كونها مجرد وظيفة إلى هدف إنساني وحياة مليئة بالمخاطر وسط ظروف صعبة.

يقول العطار -الذي يعمل ضمن كادر المنقذين والإطفائيين وتقديم الإسعافات الأولية- إن عمله ما زال مستمرًا رغم الإصابات المباشرة التي لحقته، والتحديات التي تواجهها فرق الدفاع المدني منذ بداية الحرب على القطاع.

ومن أبرز التحديات التي واجهت عناصر الدفاع المدني خلال الحرب -حسب العطار- نقص المعدات اللازمة للعمل التي تُمكنهم من توفير الوقت لإنقاذ المواطنين من تحت الركام، بدلا من استخدام أيديهم لإخراج العالقين من تحت الأنقاض.

ظروف صعبة

ووصف العطار معاناة نقص المعدات بأن سيارات الدفاع المدني شبه متهالكة، ولو كانت موجودة في بلد آخر لاعتُبرت خارجة عن الخدمة بشكل عام، ومع ذلك ما زلنا مستمرين في أداء الواجب الإنساني.

وعن عمله خلال الحرب تحت القصف، يقول العطار: شعور القلق والخوف يبقى موجودًا لديك ولدى جميع الموجودين في الحدث، كما تصارع الوقت من أجل إنقاذ الأرواح، وكل حدث له ظروفه والضغط النفسي الذي تمر به.

ويضيف العطار أن المواطنين يمرون بحالة من الهلع والخوف، وأنت تواسي واحدا وتنقذ آخر، والكل يطالبك بتقديم الخدمة سواء كان مصابًا يطالب بتقديم الإسعافات الأولية، أو من يطالب بإخراج عائلته من تحت الركام؛ وهذا يشكل ضغطًا علينا في ظل عدم توافر المعدات اللازمة لإتمام المهمة.

ويشير العطار إلى أنه خلال الحرب الحالية تعرض لعدة إصابات عرضية خلال العمل، منها إصابتان قويتان على إثرهما توقف عن العمل فترة.

نقص المعدات يمثل عائقا أمام فرق الدفاع المدني في قطاع غزة (مواقع التواصل)

 إصابات عدة

وكانت الإصابة الأولى -كما يرويها حاتم- عند “بعد دخولي منزلًا غرب مستشفى ناصر في خان يونس بعد استهدافه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث توجهت مع زملائي في الدفاع المدني إلى المكان، وعندما دخلت المنزل استهدفت طائرة استطلاع المنزل وأنا داخله.

واستطرد العطار قائلًا: الذين شاهدوا الحدث والقصف حينها قالوا إن حاتم قد استُشهد، لكنني نجوت بأعجوبة وخرجت من دون إصابة بليغة، لكنها بعض الرضوض وتوقفت عن العمل 3 أيام، وعدت بعدها للعمل”.

أما الإصابة الثانية فكانت في مجزرة المواصي غرب مدينة خان يونس بتاريخ 13 يوليو/تموز 2024، إذ وصف العطار المكان بأنه كان مرعبًا جدًا، “حيث كانت النيران كثيفة ومشتعلة، والإصابات والشهداء بأعداد كبيرة، بالإضافة إلى الأشلاء المتناثرة في كل مكان”.

وأضاف أن إصابته كانت متوسطة في القدم اليمنى بعد الوصول إلى المكان، وأكمل: أثناء طلبنا من المواطنين إخلاء المنطقة لإجلائهم، قام جيش الاحتلال بإطلاق حزام ناري كثيف لمدة 3 دقائق متواصلة لقطع الطريق ومنع الجميع من الوصول إلى مكان الاستهداف، وأُصبت إثرها بشظية مكثت بسببها شهرًا للعلاج.

ويقول في قصته المؤلمة بدهشة: “بعدما تم نقلي بالإسعاف من المكان، كان القصف عنيفًا ومستمرًا من حولنا، فتشهدتُ أنا وزملائي في الإسعاف من شدة الانفجارات حولنا”.

وبعد وصوله إلى المستشفى وصلته الأخبار الحزينة بأن عددا من زملائه في الدفاع المدني استشهدوا وأصيب آخرون.

يُذكر أن عدد شهداء المجزرة في منطقة المواصي التي ارتكبها الاحتلال بلغ 90 شهيدًا و300 جريح، نصفهم أطفال ونساء.

أصعب المواقف

وحول المواقف الصعبة التي مر بها أثناء عمله في الميدان، يروي حاتم العطار أنه في ليلة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تم استهداف بيت لعائلة أبو دقة في عبسان الكبيرة شرقي خان يونس، وهو مكون من 4 طوابق.

وتحت الركام كانت هناك امرأة “معرش البيت عليها وهي على قيد الحياة”، حيث استمرت عملية إنقاذها أكثر من 5 ساعات متواصلة. “خلال هذه العملية كنا قد أخرجنا أبناءها السبعة شهداء، وهي لا تعلم ذلك”.

“وأثناء الإنقاذ، كانت تسأل باستمرار عن مصير أبنائها، فاضطررت أن أكذب عليها حتى تبقى حالتها النفسية مستقرة ولا تنهار، وهذا من أصعب المواقف التي مررت بها طيلة فترة الحرب”.

ومنذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نفذت فرق الدفاع المدني 45 ألف مهمة، وهو ما يعادل 30 عامًا من العمل في الظروف العادية. وتحقق هذا الإنجاز الكبير رغم تدمير 60% من معداتهم وفقدان 80 من زملائهم، بالإضافة إلى إصابة 260 آخرين وأسر 12 منهم.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *